قالت لجنة التحقيق والمتابعة الخاصة بوفاة الأطفال في قضية لقاح الحصبة أمس الأربعاء، إن "فريق عمل مكافحة الحصبة في سوريا، تلقى صباح الثلاثاء، أنباء تفيد بحدوث وفيات بين الأطفال الملقحين في منطقة شرق معرة النعمان، فأوعزت فوراً إلى كافة مراكز اللقاح في المحافظة وعددها 30 مركزاً، بإيقاف كافة فرق التلقيح وعددها 160 فريق وبشكل فوري".
وأعلنت لجنة التحقيق في بيان صدر عنها، أنه تم وضع كل من وزارة الصحة المؤقتة وفريق عمل مكافحة الحصبة في سوريا في صورة ما ورد، وتم تشكيل فرق تحقيق أولية، أرسلت إلى مراكز التلقيح التي وردت منها المعلومات وإلى المشافي التي استقبلت الحالات، كما وتم أخذ عينات دم وبول من أحد الأطفال المصابين وإرسالها إلى المخابر التركية الرسمية.
وأضافت اللجنة، أنها أرسلت طفلين من الأطفال الذين ظهرت عليهم الأعراض إلى المشافي التركية لمتابعة العلاج والاستقصاءات، لافتة إلى أن التحقيقات الأولية تشير إلى الاشتباه بفعل جنائي في مركز جرجناز، فبادرت الحملة المشرفة على مكافحة الحصبة في إدلب إلى تقديم دعوى قضائية للجهات الأمنية المعنية.
وذكرت اللجنة أنها زارت المنطقة والتقت وأخذت شهادات موثقة من كل من أهالي الأطفال والمصابين، والكادر الطبي الذي عالج الحالات وقام بإسعافها، والكادر الطبي الذي أشرف على التلقيح في المنطقة، وكادر مشفى جرجناز الذين كان اللقاح محفوظاً عندهم.
وأوضحت اللجنة، أن الأعراض تمحورت حول حصول شلل رخو مفاجئ عند الأطفال ظهر بعد 3 – 5 دقائق، من إعطاء اللقاح، ووصفت الحالات عند الرضع والأطفال صغيري البنية بالشديدة، وعند الكبار بالخفيفة وتحسنت أغلب الحالات تلقائياً، بحسب ما أوردت شبكة " سمارت " في تقرير لها.
كما تراوحت أعداد الإصابات بين 50 – 75 إصابة، أدت إلى حدوث وفيات بين الأطفال قدّرت بـ 15 حالة، منها 14 حالة وفاة موثقة بالاسم والتفاصيل الكاملة، وانحصرت الإصابات والوفيات في فرق جرجناز، سنجار، شيخ بركة، أم مويلات، والتي تتبع كلها لمركز جرجناز وتتلقى اللقاح منه.
وبيّنت اللجنة، أن أعمار الوفيات تراوحت بين 6 أشهر إلى 18 شهراً، في حين تعافى الأطفال الأكبر سناً تلقائياً خلال مدة قصيرة، تراوحت من ساعة إلى ساعة ونصف وبشكل تدريجي، منوهة إلى جمع ما أمكن من عبوات اللقاح المتبقية والفوارغ التي كانت بحوزة فرق التلقيح في المنطقة، تزامناً مع التأكد من صحة حفظ اللقاح وسلامته، فيما لم ترد أي تقارير عن أي إصابة أخرى من أي مركز آخر في المحافظة.
وكشفت اللجنة عن وجود أمبولات (عبوات) من دواء الأتراكوريوم في أحد الترامس التي استعملت في التلقيح في ناحية سنجار، وأدت إلى وفيات، والتي تم تسليمها من قبل اللجنة الأمنية صباح الأربعاء 17/09/2014، علماً أن الأتراكوريوم هو دواء مرخي عضلي يستعمل في التخدير الجراحي، ويسبب فقد قدرة الإنسان على التحكم بعضلاته الإدارية ويشل العضلات اللإرادية، قاطعاً أي اتصال عصبي عضلي، مؤدياً إلى شلل رخو تام بكافة عضلات الجسم وخصوصاً العضلات التنفسية.
وشرحت لجنة التحقيق، أن جرعة الأتراكوريوم اللازمة للبدء بعملية الإرخاء أثناء التخدير الجراحي هي 0.5 ملغ، فيما كانت الجرعة التي أعطيت لكل طفل أصيب هي 5 ملغ، وهي جرعة كافية للأطفال ذوي الأوزان من عشرة كغ فما دون، للدخول في حالة شلل تام، وهي التي كانت سبب الوفيات عند الأوزان الصغيرة، في حين كانت الجرعة عند الأطفال الأكبر وزناً أقل تأثيراً.
مؤكدة، أن مادة الأتراكوريوم استعملت كمذيب للقاح، عوضاً عن المذيب المخصص، إضافة إلى وجود شبه كبير بين شكل أمبولة المذيب المخصص للقاح وأمبولة الأتراكوريوم، والتي كانت مخزنة في البراد المخصص لها في المشفى، وطابقت الأتراكوريوم الموجود في الترمس المصادر من فريق التلقيح وذلك بعد مقارنة تاريخ الصلاحية ورقم الطبخة (Lic. No. + Lot).
هذا، وأحالت اللجنة، كامل الملف إلى المحكمة المختصة، لتبيان سبب وجود أمبولات الأتراكوريوم ضمن البراد المخصص للقاح، ومعرفة ما إذا كان الموضوع خطأ غير مقصود من قبل كادر المشفى أو عمل جنائي مدبر.
وأكدت مديرية صحة إدلب الحرة ولجنة التحقيق والمتابعة، أنها ماضية في متابعة كافة التحقيقات مع الجهات الأمنية، مؤكدة، محاسبة ومحاكمة كل من يثبت تقصيره أو تورطه في هذه الحادثة، أصولاً.
من جهته أخرى، أعلن رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة تقديم وزير الصحة ونائبه استقالتهم " أدبياً "، فيما أكد أن التحقيقات جارية لمعرفة ما إذا كان هناك سبب " جنائي " أو أن أحداً متورط في عملية تبديل المواد عن سبق الإصرار.