صيحات الموضة لم تعد تشغل حيزاً من تفكير النساء في مدينة الموصل العراقية، بعد أن سيطر عليها مسلحو تنظيم "داعش”، وفرضوا أزيائهم الخاصة على النساء. والزي في أكثر الأحيان هو رداء أسوء يغطي جسم المرأة من رأسها حتى أخمص قدميها.
في منطقة "المثنى" بالجانب الأيسر لمدينة الموصل حيث عدد من محال بيع الملابس النسائية، تحاول أم كمال إقناع بناتها الثلاث بشراء الزي الذي يفرضه “داعش"، والذي تتعرض من تخالفه للجلد وربما عقوبة أخرى. بنات أم كمال وبعد جدل مع والدتهن، إنتهين إلى شراء الزي، لا لرغبتهن بذلك بل نتيجة للترهيب الذي يتعرضن له نساء الموصل من أفراد “داعش"، فضلاً عن أن المحال لم تعد تعرض غيره بعد أن هدد “داعش" أصحابها. و الواقع أن هؤلاء العناصر بدأوا يتشددون في تطبيق قواعد تنظيمهم، وتعرضوا في وقت سابق بالسب والشتم لامرأة وزوجها في منطقة "سيدتي الجميلة" شمال شرق الموصل إيذاناً ببدء قمع “المخالفات”، و ربما كانت تلك الإنطلاقة لإلغاء مشهد تنوع الأزياء في الموصل بفعل أفكار جديدة يرفضها غالبية الموصليين.
في حديث لـ"اخبار الآن" قالت الشابة سارة الكناني (25 عاما): "أنا مسلمة منذ ولادتي ومن عائلة مسلمة محافظة وأعرف جيداً ما يفرضه علي الدين ولست بحاجة إلى هؤلاء البربر كي يعلموني تعاليم ديني"، وأضافت الكناني: “إرتديت النقاب ولست مقتنعة بإرتدائه ولكني أخشى أن يوقفني أحد عناصر داعش الذين لا أريد رؤيتهم مطلقاً، ويفعلوا ما فعلوه مع عدد من صديقاتي اللواتي رفضن إرتداء النقاب فقاموا بتوبيخهن في الشارع أمام الملأ وأنذروهن بعقوبة أشد في حال مخالفتهم التعليمات مرة أخرى”.
أما أم جاسم وهي ستينية، فقد كانت جريئة إلى حد ضرب أحد عناصر "داعش" بـ”الشبشب" في أحد أسواق المدينة، حينما طلب منها بأسلوب قاسٍ أن تلتزم بإرتداء النقاب خارج البيت فردت عليه بأنها إمرأة كبيرة وتعاني من مشاكل صحية في جهازها التنفسي وأن النقاب يجعلها تختنق، فأصر "الداعشي" على موقفه وبنفس الأسلوب القاسي، فما كان منها إلا أن تنزع "الشبشب" وتضربه به.
ولم يقتصر تقييد الحريات الشخصية على النساء فقط، بل طال الذكور أيضاً، فقد حذرهم أفراد التنظيم من إرتداء البناطيل القصيرة أو ما يعرف عراقياً بـ “البرمودا” التي كانت دارجة بين الشباب خصوصاً في فصل الصيف، وكذلك منعهم من إرتداء بناطيل الجينز الضيقة، داعين إلى إرتداء الزي الأفغاني المتمثل في قميص طويل يصل إلى الركبة وسروال، الأمر الذي رفضه شباب الموصل شكلاً ومضموناً.
تصرفات "داعش"، ومنها التضييق على حرية الرجال والنساء ومنعهن من العمل والخروج من منازلهن فضلاً عن تغيير الواقع الديموغرافي للمدينة، أجبر المئات من الموصليين و عائلاتهم على النزوح من مدينتهم إلى تركيا وغالباً طلب اللجوء.
الشاب مصطفى الحمداني (29 عاماً) كان من بين المهاجرين، وقال في حوار له مع “أخبار الآن": "داعش بدأت تفرض أيديولوجيتها الفكرية على المدينة بصورة تدريجية من خلال فرض أنواع معينة من الملابس، وهذا الموضوع يتعارض مع الإسلام". ويرى الحمداني أن الملابس التي يرتديها الموصليون لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية، مؤكداً أن عاداتهم وتقاليدهم محافظة، لافتاً إلى أن "أهالي المدينة مسلمون منذ مئات السنين، ويعلمون جيداً أن الإسلام لم يُلغِ ثقافة الآخر، و دولة داعش هنا ستجد نفسها في تصادم مع الأهالي”.
علي البكري (26 عاماً) ناشط وعضو في برلمان الشباب التابع لوزارة الشباب والرياضة عن محافظة نينوى، هاجر هو الآخر إلى تركيا بإنتظار الهجرة الدائمة إلى إحدى الدول الأوروبية عن طريق مكتب الأمم المتحدة في إسطنبول، يقول: "جئت إلى تركيا بعد أن لمست تهديداً لمستقبلي ومستقبل باق الشباب، يستخدمون الشباب وقوداً للحروب والصراعات". وأشار البكري إلى أن الشباب في الموصل "يعانون ظروفاً صعبة ومستقبلاً مجهولاً وموتاً للأمنيات والآمال".
منتسبو "داعش" في الموصل.. أصحاب سمعة سيئة وجدوا غايتهم في التنظيم
مزيد من آخر أخبار العراق تجدوها في صفحتنا "العراق الآن"