أكدت التقارير الاعلامية الصادرة عن المواقع الموالية لنظام الأسد بدء عمليات الرحيل للمؤيدين لحكم آل الأسد في العاصمة السوريةدمشق وريفها، ومدينة حماة، إلى مسقط رأسهم في مدن مصياف واللاذقية "معظمهم من الطائفة العلوية"، وذلك بعد تقدم كتائب المعارضة السورية على أكثر من محور، وسط اشتداد للمعارك وحالة التخبط التي تعيشها القوى المركزية لجيش الأسد.
النزوح من المناطق التي استقرت بها تلك العائلات لقرابة الأربعة عقود، من مناطق ريف دمشق وعلى مقربة العاصمة، جاؤوا إليها إبان انقلاب الديكتاتور الراحل حافظ الأسد على نظام الحكم في سوريا أواخر الستينات من القرن الماضي.
وترى تلك العائلات اليوم خلاصها في العودة إلى المناطق التي تتميز بعاملين أساسيين وهما: "مناطق بعيدة عن المعارك من أجل الاستقرار، وعدم وجود الحاجة للتنقل من مكان لآخر" بسبب عجز الأسد عن تأمين ذلك لهم، وانخراط أعداد كبيرة منهم بالعمل العسكري ضمن قوات الدفاع الوطني ولجان الشبيحة.
مدينة مصياف شهدت نزوحاً كبيراً إليها من عائلات أفراد الشبيحة العلويين وقوات الأسد، وأفراد من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "التشبيحية" التي يقودها أحمد جبريل. تقع مصياف على مسافة 40 كيلو متر غربي مدينة حماة، ونشطت فيها مؤخراً حركة تعمير غير مسبوقة بسبب زيادة الطلب على الأبنية والشقق، نتيجة ازدياد عدد السكان وخاصة الوافدين أو النازحين، فيما يرى متعهدو البناء الموالين لنظام الأسد فرصة في ذلك الازدياد الجنوني للطلب على الشقق السكنية، ما يعني ازدهار أعمالهم وتنمية أموالهم، وتوسيع نشاطهم في بناء العقارات السكنية.
حالات من الغضب سيطرت على الشارع الموالي للأسد بسبب تبيان الفوارق الطبقية والمادية بين العائلات الموالية، بعد السماح بعودة عدد من العائلات العلوية الغنية والمقربة من عائلة الأسد إلى اللاذقية بسبب امتلاكها لرؤوس الأموال، وعدم السماح بعودة العائلات العلوية "الفقيرة" الموالية. رئيس بلدية مصياف أقر بتزايد الطلبات على الأعمار بعد عودة الكثير من العائلات إلى مسقط رأسها، ممن قطنوا لعقود في ما يشبه "المستوطنات" على أطراف دمشق وحلب وحماة.
تضاعف عدد السكان في بعض المناطق إلى ثلاثة أضعاف
تشير الأرقام الصادرة عن منظمات تابعة للأسد في مدينة مصياف: بتزايد عدد قاطنيها إلى ثلاثة أضعاف خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث كانت أعداد السكان في المدينة قبل اندلاع الثورة السورية لا يتجاوز الـ 75 ألف نسمة، فيما ازداد هذا العدد بحسب إداريين في بلدية مصياف إلى 200 ألف نسمة، وذلك نظراً لارتفاع عدد النازحين من مناطق مختلفة إلى مصياف، فضلاً عن رجوع عدد من أهاليها إليها بعد استقرار استيطاني مؤقت على أطراف المدن السورية الكبرى.
استغلال تجار الأسد لمواليه لا حدود له
وجد الأثرياء المقربين من الأسد فرصة مناسبة لابتزاز العائلات الفقيرة الموالية، وكسب المال منهم باستغلال حاجتهم للسكن والاستقرار. وبفعل زيادة الطلب على الشقق والمنازل، ازداد عمل متعهدو البناء بصفتهم "تجار أبنية"، ليقومون ببناء الشقق على الأراضي المتوفرة، ويأخذون قسم من البناء بحسب اتفاق مسبق بينهم وبين مالك قطعة الأرض.
لم تقف الأمور عند هذا الحد لتبدأ بعدها المطالب والشكاوي بسبب عجز الأسد عن تأمين أدنى حاجياتهم من غاز وما شابه، كل ذلك شكل ضغطاً على المدينة، وجعل أزمات كثيرة متلاحقة تصيب أركانها، بسبب ما وصفته "بسوء تقدير حكومي" بالدرجة الأولى لأحوال المدينة بعد زيادة عدد الوافدين.