مصر ، 14 مايو 2014 ، وكالات –
يمثل طبيب للمحاكمة في مصر بتهمة إجراء جراحة ختان لفتاة تبلغ من العمر 13 عاما أدت إلى وفاتها العام الماضي. كما أحالت النيابة العامة والد الفتاة، الذي اصطحب ابنته لعيادة الطبيب، للمحاكمة أيضا.
وتشير أرقام حكومية رسمية إلى أن ما يزيد على 90 في المئة من السيدات دون سن الخمسين تعرضن للختان.
وتجرى عملية إزالة كل أو جزء من الأعضاء التناسلية الخارجية للفتاة باسم الحفاظ على العفة. ويرى بعض الآباء جهلا أنها فرض ديني على الرغم من فتوى أصدرها المفتي تعارض إجراء العملية. كانت الفتاة سهير الباتع قد تعرضت في شهر يونيو/ حزيران الماضي لارتفاع شديد في درجة الحرارة وشعور بالتعب.
&وقالت صديقاتها إنها كانت خائفة، ويتذكرن حينما ذهبت سهير لإصلاح حذاء لها وقالت إنها ستكون المرة الأخيرة وطلبت من إحدى شقيقاتها أن ترعى مصالح أشقائها.
وكانت الفتاة، التي عرف عنها التفوق الدراسي، على موعد مع إجراء جراحة ختان وحشية لم يقدر لها النجاة منها.
ممارسة واسعة
عاشت سهير وماتت في مجتمع ريفي صغير على مشارف مدينة المنصورة في دلتا النيل.وفي ظل هذه البيئة تترسخ تقاليد وعقائد تلعب دورا في استمرار عادة ختان الإناث.
&ويجرم القانون المصري ختان الفتيات منذ عام 2008 غير أنها مازالت تمارس في مصر لتكون واحدة من أكثر الدول التي تنتشر فيها تلك العادة. وتجرى عملية الختان في الغالب لفتيات تتراوح أعمارهن بين التاسعة و 13 عاما، لكن حملات مناهضة للختان تقول إن هناك ضحايا من الفتيات في سن السادسة.
ويقول نشطاء إن ثمة تقارير غير مؤكدة تشير إلى تعرض فتيات من حديثي الولادة لعملية الختان. وخارج منزل سهير المتواضع، دافع أقارب لها عن العملية وأصروا على عدم لوم أحد في وفاتها.
وقال محمد الباتع، جد الفتاة :”إنها إرادة الله، نحن غير غاضبين من الطبيب. الطبيب لم يكن يرغب في قتلها. جميعنا يأسف على ذلك بكل تأكيد”.
وردا على سؤال يتعلق بصواب إجراء عملية ختان لسهير، قال عمها بسرعة “نعم بالتأكيد، إنها عملية تجرى في الريف منذ زمن طويل. الناس اعتادوا على ذلك. فبدون ختان، تصبح الفتاة مفعمة بالرغبة الجنسية.”
حصيلة مجهولة
وقالت لنا والدة سهير إنها شخصيا تعرضت لعملية ختان عندما كانت في سن الثامنة. وأضافت :”كنا أربع شقيقات، وجميعنا خضعنا للختان في يوم واحد. جرى وضع كل واحدة منا في ركن من أركان الحجرة. ثم أعطونا الطعام والشراب”.
ويجري الأطباء هذه الأيام أكثر من 70 في المئة من عمليات الختان في مصر. وهذا جزء من المشكلة بحسب فيليب دواميل، بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، يونيسيف.
وقال :”قد يبدو أن ذلك أكثر أمنا، لكن لا أحد يتعلم كيف يجري تلك العملية في كلية الطب. نعتقد أن هناك الكثير من الفتيات أمثال سهير يتوفون يلقون حتفهم بسبب تلك العمليات”.
ويقول دواميل إن إحصاء عدد الفتيات اللائي توفين جراء الختان غير معلوم، لأن الوفيات تسجل على أنها ناجمة عن حدوث نزيف أو بسبب الحساسية ضد البنسلين.
وهذا هو السبب الذي قاله رسلان فضل حلاوة، طبيب سهير، في عيادته الخاصة في منزله. ويقول جيران سهير إن عيادة الطبيب معروف عنها إجراء جراحات الختان، حيث تجرى العديد منها يوميا. ونفى حلاوة إجراء الختان لسهير وقال إنه فقط كان يعالجها من التهابات تناسلية.
وقال الطبيب، الذي بدا مضطربا، إن شخصا ما أعطاها البينسلين، لكن النيابة تعتقد خلاف ذلك وأحالته مع والد الفتاة ،الذي اصطحب ابنته للعيادة، إلى المحاكمة.
ترتيبات سهلة
ويحذر النشطاء من صعوبة مواجهة تأييد إجراء عمليات الختان حتى في قرية سهير. وقال محمد إسماعيل، الذي يعمل في منظمة محلية معنية بحقوق المرأة :”أثارت القضية جدلا في الأوساط ذات الفكر المتحرر. لكن بالنسبة لأصحاب الفكر التقليدي لم تغير وفاة الفتاة من أفكارهم”.
وهذا ما أتضح أثناء تصويرنا فيلما في قرية سهير، إذ قالت سيدة كبيرة :”وما الأمر في ذلك؟ لماذا أتيتم إلى هنا؟ لقد أجرت ألف فتاة أو ما شابه عمليات ختان بعد وفاتها.”
قالت لنا بائعة فواكه تدعى حنان، جلست على مقربة ومعها ابنتها الصغيرة فرح، إنها تعتزم الذهاب لإجراء ختان لطفلتها على يد طبيب عندما تصل ابنتها لسن المراهقة.
وأضافت :”في الماضي كان هناك جهل وكان الناس يأتون بمن يزاولون مهنة الحلاقة لمنازلهم لاجراء ختان لبناتهن . لكننا الآن أكثر حداثة. نسمع من حين لآخر، للأسف، عن وفاة فتيات نتيجة لذلك، لكننا لا نخاف من السلطات”.
وقال لنا أهل القرية إنه مازال من السهل الترتيب لاجراء العملية، وأضافوا أنه لا يوجد ما يدعو للاتصال وتحديد موعد، فقط ما عليك سوى الذهاب إلى عيادة الطبيب بالفتيات.
جرح دائم
وعلى الرغم من الإشادة بمحاكمة والد سهير والطبيب، إلا أنها جاءت بعد ما يزيد على خمس سنوات من حظر قانوني لإجراء العملية. ويحث اليونيسف على بذل جهود واضحة لتطبيق القانون.
وقال فيليب دواميل :”هذا شكل من أشكال العنف ضد الأطفال. إنه عمل صعب معالجته. يظل هناك أثر عقلي وجسدي دائم طوال حياة الفتاة “.
قابلنا واحدة فقط من المعارضات للختان في قرية سهير، إنها صديقتها الحميمة أميرة عرفات، وهي فتاة مفعمة بالحيوية في الثالثة عشرة من عمرها ترتدي عباءة سوداء، وأبدت اعتراضا علنيا لذلك حتى مع تجمع أهل القرية.قالت أميرة :”إنه شئ يضر بالفتيات لا داعي له. إنه خطأ لأنه خطير.”
لكنها قالت لنا إن معظم صديقاتها أجريت لهن العملية، وأضافت :”المشكلة تكمن في العقلية الريفية.”ودفنت سهير في المقابر القريبة من منزلها، وتقول أميرة إنها (سهير) كانت تحب المزاح وكانت تحلم بأن تصبح صحفية.ويحذر النشطاء من أن الأمر يتطلب أكثر من محاكمة لانقاذ الفتيات.