أخبار الآن | حلب – سوريا (عقيل حسين/ تصوير: حسام قطان)
فهذا الكهل المسيحي الذي يقترب عمره من الستين، هو واحد من المسيحين القلائل الذين بقوا في هذا الحي الذي يضم خليطاً سكانياً من جميع الأثنيات الدينية والعرقية، وفي مقدمتها الكوردية والعربية والمسيحية.
تم انتخاب أبو مهران عضواً في مجلس الحي الذي تديره المعارضة ممثلاً عن المسيحين، وأوكلت له مهمة الإشراف على الكنائس والمعابد والمقبرة المسيحية في الشيخ مقصود، بالتعاون مع الثوار الموجودين على أطراف الحي لمواجهة قوات النظام المتمركزة في حي الأشرفية المجاور.
بالنسبة للكنستين الموجودتين داخل حي الشيخ مقصود، فقد تعرضتا لدمار جزأي نتيجة القصف على الحي من قبل قوات النظام بعد سيطرة الثوار عليه، كما نهبت بعض محتوياتها من قبل لصوص استغلوا أياماً من الفوضى تلت المعارك التي دارت هناك.
أما بالنسبة للكنستين الصغيرتين الموجودتين في المقبرة المسيحية، فقد تمكن الثوار من المحافظة عليهما مع المقبرة، وظلت محتوياتهما سليمة، حيث يقوم أبو مهران بشكل دوري بزيارة المقبرة والكنيستين وإجراء بعض عمليات التنظيف والعناية بمحتوياتهما.
تتم هذه الزيارات بمرافقة الجيش الحر وحمايته، حيث تقع المقبرة التي تضم الكنيستين على خط الجبهة تقريباً مع قوات النظام من طرف حي الأشرفية، ودائماً ما يقدم الثوار المساعد لـ (أبو مهران) في هذه المهمة.
يقول قائد كتيبة أحرار الجبل في الحي (أبو تيسر) إن ما يقومون به هو أمر طبيعي لا منة لأحد على المسيحين فيه، مضيفاً أن “ومثلما يجب علينا حماية المقدسات الإسلامية، فمن الواجب علينا أيضاً أن نحمي ونصون المقدسات المسيحية وهو أمر يفرضه علينا ديننا وأخلاقنا”.
ورغم حزن أبو مهران الكبير على الكنيستين اللتين تعرضتا للدمار في الحي حيث لا يتمالك الرجل دموعه التي تتساقط من عينيه كلما تم التطرق إلى الحديث عنهما، إلا أن أبو هذا الكهل المسيحي يبدي ارتياحه الشديد لتواجده في حي الشيخ مقصود مع الثوار، ويؤكد أنه يعيش حياة طبيعية هنا.
وفي حديثه (لأخبار الآن) يقول أبو مهران إنه متمسك بالبقاء في هذا الحي الذي عاش فيه حياته كلها، ويمارس دوره الاجتماعي مع الأهالي المتبقين في (الشيخ مقصود) كعضو في مجلس الحي ومدير لإحدى المدارس فيه، حيث يعيش الجميع من كل الطوائف بشكل متناغم دون أي مضايقات من أي طرف، وخاصة من قبل الثوار الذين أصبح صديقاً حميماً لمعظمهم ومعاً يقضون ساعات طويلة كل يوم.
ويختم أبو مهران بأنه يتمنى عودة المسيحين وكل أهالي الحي الذين غادروه بسبب المعارك، لكنه يقدر خوفهم الذي دفعهم، وبالتالي فهم أدرى بما يجب عليهم القيام به، وخاصة أن المنطقة ليست مستقرة تماماً، وتشهد أطراف الحي اشتباكات شبه يومية، ناهيك عن القصف الذي يتعرض له من قبل قوات النظام بشكل متقطع، وهذا هو الخطر الحقيقي الذي يؤثر على حياة المدنيين، ليس في حي الشيخ مقصود وحسب، بل وفي جميع الأحياء المحررة كما يقول.