أخبار الآن | حماة – سوريا – (مصطفى جمعة):

معاذ العمر (أبو مهدي) ابن السادسة عشر من عمره، فضل أن يحمل الكاميرا على أن يبقى في بلدة قمحانة الموالية بمعظمها قرب حماة، حيث الحصار الخانق من قبل النظام وعملائه، والمضايقة الكبيرة من قبل أهالي بلدته، الذين جند النظام أكثرهم للقتال في صفه ضد أبناء جلدتهم.

 كثيرة هي المرات التي تعرض فيها معاذ للإعتقال، بسبب سلوكه ورأيه الثوري الذي كان يبديه أمام رفاقه في البلدة، وكثيرة هي المرات التي تعرض فيها للتهديد بالقتل من مناصري نظام الأسد، كل ذلك لم يجد إعتباراً عند معاذ الذي بدأ بالتفكير للخروج إلى الريف المحرر، حيث حرية التعبير والتظاهر وإبداء الرأي هناك، حسب كلامه الأخير قبيل خروجه بأيام من قمحانة.

 خرج معاذ ولم يحمل معه سوى محفظة صغيرة، وضع بداخلها مبلغ من ماله الشخصي بغية إبتياع كاميرا، عزم على شرائها من تركيا، ومن ثم توجه إلى ريفي حماه الشرقي والشمالي المحررين، لازم الثوار لفترة طويلة لتغطية المعارك، لا سيما معركة قادمون في الريف الشرقي  ومعركة غارة الله في الشمال من الريف الحموي، ليصبح بعدها إعلامي مميز، يتنقل بين الفينة والأخرى بالمناطق التي سائت بها الأوضاع إنسانياً، محاولاً نقل الصورة الحقيقية التي تعبر عن معاناة شعب يباد من أجل الحرية، متأملاً بأن تنتصر الثورة ليعود بعدها إلى مقعده في المدرسة التي إبتعد عنها كرهاً.

 طيلة عامين متواصلين من العمل الحثيث، حاول معاذ أن يكتسب الخبرة من خلال الاحتكاك بالإعلاميين، خبرة من شأنها أن تطور مهارته للإرتقاء بإعلام عصري ثوري، يفضح جرائم الأسد في شتى مناطق ريف حماة حسب ما كام يرسم في مخيلته، لكن تلك الأنامل الناعمة لم تجد مراعاة عند نظام الأسد، إذ أن قدره كان إن يرتقي شهيداً.. جراء سقوط صاروخ من نوع أرض أرض- على أحد أحياء مدينة كفرزيتا في الريف، حيث كان يقوم بتوثيق هجوم النظام على المدينة بغاز الكلور السام.

 معاذ الشاب الصغير الإعلامي، الذي كانت تسبقه العاطفة دائماً في نقل الحدث قبل أن يفكر بالسبق الصحفي، يصبح اليوم عبارة عن عدد يذكر في احصائيات الضحايا.