أخبار الآن | ريف حلب- سوريا – (ثائر الشمالي):
وللإعلام العسكري أهمية توازي العمليات العسكرية، هذا على الأقل ما تخبرنا به أحداث التاريخ، وتزداد أهميته في ظروف وملابسات مربكة كما هو الحال في سورية اليوم. ولا يتوقف الأمر عند الأهمية؛ فالإعلامي أو المراسل الميداني(الحربي) يتعرض للمخاطر ذاتها التي يتعرض لها الثوار، فكثيراً ما نراهم في خندق واحد. وفي هذا يرى الكثير من الإعلاميين في هذا الميدان أن عملهم في النهاية يصب في تحقيق حلم الحرية والكرامة للشعب السوري، فليس بالندقية وحدها سيسقط الأسد.
الإعلامي عمر من قرية مارع بريف حلب هو نموذج لشاب كان لديه ما يكفي من الطموح ليبني مستقبل يحلم به منذ الصغر، دخل كلية الهندسة الميكانيكية وعاش بمدينة حلب، وفي ذاك الحين اندلعت الثورة السورية لينضم إليها مع زملائه. فضّل عمر الكاميرا سلاحاً بديلاً عن البندقية لإيمانه بما ستقدم لقضيته التي يسعى من أجلها تاركاً جامعته ودراسته وأحلامه التي دمرها النظام السوري.. يقول: (الثورة كانت حد فاصل ونقطة انعطاف بحياتنا إما أن تكون أو لا تكون، تركنا لدراستنا وأحلامنا وطموحاتنا كان ثمناً يجب أن ندفعه مقابل أن نعيش كما يعيش الإنسان، سأقاتل بتلك الكاميرا وبذاك القلم وصديقي ببندقيته وزميلي بريشته. علينا جميعاً أن نجتمع ونقاتل بكل الأسلحة لنسقط هذا النظام الفاسد).
يعمل عمر الآن كإعلامي عسكري في كتائب الصفوة الإسلامية والتي ترابط بعدة جبهات بحلب ويتنقل يومياً بين هذه الجبهات محاولاً التقاط صور الاشتباكات ليعود بعدها إلى مكتبه ويرفع تلك المواد إلى مواقع التواصل الاجتماعي ليراها العالم. يستطيع عمر أن يصل لأماكن لا يستطع أي صحفي الوصول إليها في سبيل التقاط صورا قريبة لأماكن تواجد قوات النظام ليستفاد منها في غرفة العمليات العسكرية واستهدافهم من قبل الثوار .
الحال لا يختلف كثير مع الإعلام" بهاء الحلبي" البالغ من العمر ستة عشر عاماً فقط، حيث يتواجد في جبهة الساحل السوري برفقة كتائب الفاروق مبتعداً عن حضن والدته؛ التي لم يرها منذ أشهر. يرافق الثوار في خنادقهم تاركاً مقعد دراسته والمدرسة التي خرقت إحدى جدرانها قذيفة مدفعية.
يقول بهاء: (اختياري لمرافقة الثوار كان قراراً إرادياً مني حاولت إقناع والدتي بشتى الوسائل حتى دعتني أذهب أخدم الثورة في هذا الميدان ليضعني القدر بعدها هنا في جبهة الساحل أنتظر الشهادة أو النصر بفارغ الصبر، لم ولن أندم على ترك منزلي وكتبي وأحلامي لأنني أسعى لهدف أسمى أقاتل واستشهد من أجله الآلاف).
· الإعلامي هدف للدولتين ..
الإعلاميون في سوريا لا يواجهون خطر الموت فقط، وليسوا هدفاً لنظام الأسد وحده، فميليشيا حزب الله "حالش" تتصيدهم، ودولة البغدادي "داعش" لها السياسة ذاتها في استهداف الإعلاميين والتنكيل بهم كما حصل مع إعلاميين كُثر في حلب، منهم مازال مصيره مجهول إلى الآن كالإعلامي "عبد الوهاب منلا " و الإعلامي "لؤي أبو الجود". وهو ما دفع كثير من الإعلاميين لترك البلاد والاستقرار في تركيا خوفاً من الاعتقال والتنكيل.
يقول "أبو محمد" وهو أحد الإعلاميين الذين غادروا إلى تركيا بعد سيطرة تنظيم داعش على مدينة الباب بريف حلب: (أنا خرجت من مدينة الباب بعد ما حاولت لأخر لحظة أن أبقى فيها وأوصّل صوت كل الثوار الذين كانوا يشتغلون على حماية البلد، لكن في النهاية القدر كان أقوى منا، وفي يوم 2014/1/16 تركت المدينة وكان خروجي هم كبير على أهلي، ابتعدت عن مدينتي التي كنت أرى فيها الحب والهدوء).
ويبقى الإعلام هو الشاهد على مجازر الأسد وأمثاله، ويبقى الإعلاميون هم أداة إخبار الحقيقة، التي تضيع دائما مع بداية كل الحروب.