أخبار الآن | بيروت – لبنان – (مالك أبو خير):
مع دخول قوات حزب الله إلى منطقة القلمون بدأ الحديث في أروقة السياسة عن إمكانية طرح مخطط تقسيم على أساس طائفي ضمن الأراضي السورية، في حين أن كل الأصوات التي نادت بعد تدخل الحزب في المعارك لم تنفع، وهذا الأمر رفع في وتيرة الحرب الطائفية المعلنة بشكل اكبر، الأمر الذي لن يبقى ضمن إطار سورية فقط وإنما ستصل نيرانه إلى لبنان والعراق أيضاً. تلفزيون الآن التقى العلامة سماحة السيد علي الأمين حيث قدم لنا رؤيته الخاصة بما يحدث في سورية وتأثيره على الساحة اللبنانية..
– هل تجد ان سعي حزب الله للسيطرة على القصير أولا ومن ثم القلمون هو بداية لتشكيل منطقة عازلة عن منطقة الهرمل من الهجمات ومن ثم خط طائفي يمتد من الساحل السوري وصولاً إلى الضاحية الجنوبية؟
لم تكن منطقة الهرمل مهددة قبل تدخل حزب الله في منطقة القصير السورية، وكان قد رفع شعار الدفاع عن المقامات الدينية في سوريا، وبعد ذلك رفع شعار الدفاع عن القرى الشيعية في القصير، ونحن نرى أن تدخل حزب الله في القلمون وقبله في القصير وفي غيرهما ليس مرتبطاً بكل تلك العناوين الدينية والدفاعية، وإنما هو للدفاع عن النظام السوري المتحالف مع النظام الإيراني الذي يريد أن يحافظ على نفوذه في سوريا ولبنان وعلى حضوره في المنطقة، فطلب من حزب الله التدخل والوقوف إلى جانب النظام في سوريا.
– هل تجد ان ما يتم بثه عبر بعض قنوات الإعلام اللبناني عن مدينة عرسال صحيح عن كونها مقر لانطلاق السيارات المفخخة، أم انه ضمن خطة لتفجير الوضع مذهبياً وحصر عملية قدوم اللاجئين السوريين إليها؟
لا توجد لدينا دلائل معقولة ولا شواهد مقبولة على أن مدينة عرسال هي مقر لانطلاق السيارات المفخخة، فهي ليست مدينة معزولة عن سلطة ومسؤولية الدولة اللبنانية، وهناك وجود للجيش اللبناني في داخلها وعلى المعابر المؤدية إليها والخارجة منها، وهذه الدعايات الموجهة ضد مدينة عرسال وأهلها تهدف إلى تصعيد الإحتقان المذهبي في تلك المنطقة، وهو ما يلحق الضرر بلبنان كله، ولا نرى أن العمليات الإرهابية تحتاج إلى سرقة السيارات من لبنان والذهاب بها إلى سوريا لتفخيخها ثم العودة بها إلى لبنان! ونحن نستغرب صمت الدولة عن مثل هذه الدعايات التي تظهرها في موقع الضعف والعجز عن السيطرة على تلك المنطقة المحدودة التي يتواجد فيها الجيش اللبناني أصلاً قبل انتشاره الأخير فيها.
– ما هي رؤيتك لقدرة حزب الله تحديداً وللطائفة الشيعية عموماً من تحمل للمزيد من الخسائر البشرية ضمن صفوفهم وهل يوجد أي تململ شعبي من استمرار عدد القتلى في المعارك في سورية؟
الطائفة الشيعية كسائر الطوائف اللبنانية في رفض معظمها للتدخل بالقتال على الأراضي السورية، وحزب الله لم يأخذ رأيها في ذلك، وليس بإمكان الطائفة أن تعلن عن رفضها في الوقت الذي لم تستطع فيه الدولة اللبنانية أن تمنع حزب الله وغيره من المشاركة في القتال هناك! وعلى الرغم من ذلك فإننا من خلال ما نسمعه من بعض الناس الذين يتواصلون معنا أن هناك كثيراً من الأصوات بدأت تظهر في الكثير من المجالس في القرى والمدن وفي بعض وسائل الإعلام تعبر عن الرفض لمشاركة حزب الله وتتساءل عن المبررات لتدخله الذي جعل من الطائفة الشيعية وكل لبنان في واجهة تلك الأحداث وتحت تأثيراتها.
-مع بداية المعارك في القلمون ارتفعت وتيرة العمليات الانتحارية في لبنان التي استهدفت مناطق المؤيدين لحزب الله، هل تجد ان هذه العمليات هي رد فعل طبيعي لتدخل حزب الله في لبنان ام هي خطة مدروسة لترعيب الجمهور التابع للحزب وتشكيل أداة ضغط عليه؟
إن العمليات الإنتحارية التي تقتل الأبرياء وتروع الآمنين هي أعمال وحشية مدانة ومستنكرة في كل وقت ومكان ومهما تكن الأسباب المزعومة. ولا ننكر بأن تدخل حزب الله في القتال على الأراضي السورية هو الذي جعل الأرض اللبنانية مفتوحة على انتقال الصراع الدائر هناك وأشكاله ومنها العمليات الإنتحارية.
– نلاحظ توتراً مذهبياً في مناطق الشمال بطرابلس وأخر في الهرمل عرسال، هل تعتقد هو مجرد مناوشات عابرة تعلو ثم تهدأ ام انه بداية لعمل انفجار طائفي قد يطال كل لبنان؟
لا شك بأن عدم وضع الدولة اللبنانية حدّاً لمثل هذه الأحداث الجارية في طرابلس والبقاع سيؤدي إلى تصاعد الإحتقان المذهبي الذي ينذر بالخطر الكبير الذي يتجاوز تلك المناطق إلى كل المناطق اللبنانية، ولذلك يجب أن تقوم الدولة ببسط سلطتها الكاملة لمنع انتقال الأحداث السورية إلى لبنان وضبط حدودها ومنع دخول السلاح والمسلحين من سوريا وإليها.
– بالعودة للعمليات الانتحارية والتي تعجز الأجهزة الأمنية اللبنانية عن ضبطها حالياً، هل تجد أن هذه العلميات هي بداية لمسلسل طويل قد يطال كل المناطق المؤيدة لحزب الله، وما هي رؤيتك لهذه العمليات وردود الفعل الشعبية منها وهل هو قادر على تحمل المزيد؟
إن استمرار انغماس حزب الله في القتال على الأراضي السورية سوف يؤدي إلى جعل كل المناطق اللبنانية عرضة لخطر العمليات الإنتحارية وغيرها مما يهدد الإستقرار في كل لبنان، ونرى إن مواجهة الدولة اللبنانية لهذا الخطر تكون من خلال الوحدة الوطنية وبالعمل على إبعاد لبنان من الصراع السوري بانسحاب حزب الله وغيره من المشاركة فيه.
– بات واضحاً وجود شعارات دينية من الطرفين ( السني والشيعي ) من خلال المعارك الدائرة على الارض، بغض النظر عمن كان السبب بها، هل تعتقد ان الشيعة باتوا قادرين على الاندماج بشكل سليم ضمن المجتمع السوري الذي يعتبرهم خصماً له؟
إن طغيان الشعارات الطائفية على الصراع في سورية سيترك آثاراً سلبية على العلاقات بين مختلف المكونات الدينية للشعب السوري الذي كان بعيداً عن المنطق الطائفي، وسينعكس ذلك على الشيعة في سوريا وعلى غيرهم من سائر الطوائف بسبب تلك الإصطفافات المذهبية التي أفرزها الصراع الدموي والتحالفات وما حصل فيه من تجاوزات.
– حزب الله يقول ان الصراع في سورية طويل الامد، هل تجد ان الشيعة في لبنان باتوا وقوداً لحرب مذهبية ليست لهم؟
لا شك بأن تدخل حزب الله في الصراع السوري رفع من وتيرة الإحتقانات المذهبية وأدخل الشيعة اللبنانيين في صراع مع محيطهم خلافاً لإيمان الطائفة الشيعية وتاريخها في علاقات الأخوة والمصير المشترك مع كل طوائف المنطقة، ولا نعتقد بأن الشيعة اللبنانيين سيستمرون في الصمت على هذا النهج الذي اعتمده حزب الله في حروبه المتنقلة التي يفرض نتائجها على الآخرين.