أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا – (علي أبو المجد):
أدى احتدام القتال في ريف إدلب إلى إغلاق مكاتب السفريات إلى لبنان أبوابها أمام قاصديها، فأخذ بعض أصحاب المركبات في الريف على عاتقهم مهمة إيصال العمال إلى لبنان كوسيلة لكسب العيش هي أيضاً، رغم المخاطر والصعوبات التي يتحدث عنها العمال المسافرون خلال مرورهم بعشرات حواجز الجيش النظامي وحواجز اللجان الشعبية في القرى المؤيدة للنظام والمنتشرة على الخط الواصل بين البلدين. فالاعتقال بحجة التظاهر أو التهمة بحمل السلاح هو أقسى ما يواجهه هؤلاء العمال في طريقهم، فهناك المئات منهم من اعتقل على هذه الحواجز ولا يزال مصيره مجهولا حتى اليوم، ومنهم من اعتقل بدون ذنب ومات تحت التعذيب كما حصل مع الشاب دهام عبد الهادي الدغيم من بلدة جرجناز.
“مصطفى” أحد العمال السوريين في لبنان، يضيف على هذا الكلام:(الدخول إلى لبنان بدون جواز سفر والتكلفة غير المكلفة هو ما جعل من هذا البلد وجهة معظم الشباب السوري، فأنا أسافر من أجل العمل منذ عشر سنوات وحتى اليوم، ولكن حاليا أصبح طريق الذهاب والعودة مخاطرة كبيرة، اعتقال وابتزاز ورشاوى والمعاملة السيئة على حواجز النظام هي ما تدفعنا للبقاء هنا في لبنان لفترات طويلة، ناهيك عن الانتظار الطويل بحجة التفتيش والمترافق بالشتائم والإهانات خاصة عندما تكون منتميا إلى منطقة ثائرة).
ليست معاناة الطريق فقط هي ما يتعرض لها العمال السوريين، وليس بمجرد الوصول إلى لبنان تنتهي مراحل الخطر والخوف، فهناك متاعب أخرى تنتظرهم، فمع بداية الأحداث تغير مزاج اللبنانيين في بعض المناطق المعروفة بولائها للنظام تجاه العمال السوريين وكذلك النازحين. وعادت إلى الأذهان احتضان السوريين لأشقائهم اللبنانيين عشية حرب تموز 2006، وفي هذا يقول “معن” بعد عودته من مناطق جنوب لبنان:(أصبح ينظر لنا على أننا أشخاص غير مرغوب بنا كوننا من مناطق معروفة بانتفاضها في وجه النظام. فالاهانات والشتائم التي يتعرض لها العامل السوري باتت معتادة، نحن دائما متهمون ويحظر علينا الخروج ليلا بالإضافة إلى قلة فرص العمل بسبب ازدياد العمال واضطرار اللاجئين للعمل بأسعار زهيدة مع ارتفاع أجور السكن ضعفين عما كانت عليه قبل الأحداث).
تركوا مدنهم وقراهم وذهبوا إلى لبنان للبحث عن عمل، فواجهتهم مصاعب كثيرة، بعضهم عاد والبعض آخر بقي وحاول أن يتكيف.. آخرون لا يستطيعون العودة كالشباب الذين دخلوا سن الخدمة الإلزامية، وجميعهم ينتظرون أفق حل يعيدهم إلى الوطن دون جوع وسفر أو خوف.