حمص، سوريا، (أمل الحمصي، أخبار الآن)
منذ أكثر من ثلاثة أعوام أشعل الأطفال شرارة الثورة السورية، وكانت معاناتهم على مدى هذه الأعوام انعكاساً لمعاناة الشعب السوري ككل. ولكونهم كانوا سبباً في إطلاق هذه الشرارة فكان لابد لهم من أن يدفعوا فاتورةً كبيرةً سواء جسدياً أو نفسياً، سببت لهم قلقاً يقف عائقاً أمام ممارسة أيّ عمل جسدي أو نشاط فكري أو الاثنين معاً.
أطفال حمص وتدهور التعليم ..
تسبب القصف المستمر على معظم أحياء مدينة حمص بتدهور الحالة النفسية لدى الأطفال، فأصوات المدافع المدوّية يومياً تزرع الرعب والخوف في نفوسهم وتسبب لهم التوتر المستمر والقلق الملازم والخوف عند محاولة ممارسة أيّ نشاطٍ فكري أو جسدي، ويتجلى هذا الأمر في موضوع التعليم، فقد لوحظ تراجع إقبال الأطفال على المدارس التي يكون الذهاب إليها في بعض الأوقات مخاطرة كبيرة، وفي أحيان كثيرة تكون المدرسة نفسها هدفاً لقذائف الهاون والمدفعية. ففي حيّ الميدان الذي بات معروفاً باستهداف مدارسه “رضا صافي، سعد بن أبي وقاص، الجلاء” بقذائف الهاون. وفي هذا قالت المعلّمة “ص. ف” لأخبار الآن: “إنه من النادر جداً أن يكتمل عدد طلاب الصف الواحد، فغياب الأطفال عن المدرسة في ازدياد، كما أن مستوى اجتهادهم في الدروس متأرجح جداً عاكساً بذلك عدم الارتياح النفسي الذي يعانونه خلال مسيرة تعليمهم. وبرأيي فإنه لا يمكن لآلية التعليم أن تنجح في ظل هذه الظروف السيئة وعلى أصوات القصف المتواصل”.
أزمات الأطفال في ظل الحرب ..
كثيراً ما يفقد الأطفال أفراداً من عائلتهم بسبب الاعتقال أو القصف أو القنص مما يؤدي لفجوةٍ كبيرةٍ في شخصيتهم تتناسب مع أهمية الشخص الغائب عنهم، فقد أخبرتنا “أم إحسان” وهي أرملة وأم لأربعة أطفال تتراوح أعمارهم بين الخامسة والرابعة عشر: “إنني أجد صعوبةً كبيرةً في تربية أطفالي بعد أن استشهد زوجي منذ عامين تقريباً، فهم يخافون من الخروج إلى الشارع أو النوم لوحدهم في غرفة مظلمة ويصابون بذعر شديد عند سماعهم أصوات القصف والطيران الحربي فيختبئون تحت السرير ويمكثون ساعات طويلة ريثما أتمكن من تهدئتهم كما يبتكرون ألعاباً وهميةً تكون مجسمات آلة الحرب دوماً جزءاً منها”.
حالاتٌ كثيرةٌ على امتداد المدينة والريف الحمصي لأطفال يذوقون مرارة الحرب كما الكبار، ويعانون بصمتٍ من أوجاعٍ نفسيةٍ لا تقلّ خطورة عن الأوجاع الجسدية، وسيحتاجون بالضرورة لبرامج تأهيل نفسي وصحي ومجتمعي ليتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي في المستقبل.