بيروت، لبنان، 30 مارس، (مالك أبو خير، خاص أخبار الآن)
عندما تضطر لبيع عضو من جسدك في سبيل تأمين لقمة عيشك او مصروفك اليومي، اعرف حينها انك وسط غابة وليس وسط بشرية تدعي الإنسانية وحقوق الإنسان، قضية ليست جديدة لكن ما يزيد انتشارها وجود مخيمات وآلاف الأسر النازحة التي تعاني الجوع والفقر ومنهم من يعاني أقاربهم الأمراض ويحتاجون لعلاج ولا يمتلكون المال كافي لعلاجهم وهم على استعداد لبيع أعضائهم وتقديم أرواحهم في سبيل نجاة من يحبون.
سبعة أشخاص التقيتهم خلال عملي في لبنان مراسلا لأخبار الآن، جميعهم رفضوا الظهور امام الكاميرا لخوفهم الشديد من مجرد ان تقول لهم عن وجوب طرح هذا الموضوع إعلامياً وظهورهم صوتاً وصورة، وطبعاً الخوف من ملاحقة لهم من القضاء المختص لكون هكذا تجارة ممنوعة قضائياً لكنها مسموحة في الخفاء.
احد الأشخاص السبعة وصل من سورية مع زوجته التي تعاني مرضًا في الثدي وطفل يعاني من بقايا شظية في الكتف، والعلاج يكلف في المستشفيات اللبنانية للام وطفلها 6000 دولار أمريكي، ذهب الرجل إلى الجمعيات الإغاثية والى مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ولم يستطع تامين المبلغ في حين تكلفت المفوضية بربع قيمة العلاج، ولم يستفد من كل النداءات التي وجهها عبر صفحته الشخصية عبر الفيسبوك كما يقول، بالكاد يستطيع تأمين إيجار منزله ومصاريف اسرته من طعام وشراب.
خلال زيارته الى إحدى المشافي حيث المراجعة الأسبوعية لزوجته وطفله، اعاد الطبيب عليه مرة أخرى الطلب في اجراء عملية جراحية لطفله سريعًا، وبعد نقاش طويل يطلب منه الطبيب المغادرة نظراً لوجود مرضى آخرين، وعند خروجه يتقدم منه شخص ويعرف عن نفسه ويعرض عليه حلاً سريعاً لازمته وهي أن يقدم كليته لشاب مريض ويتكفل الشاب بعلاج طفله وتحمل مصاريف أدوية زوجته، وبعد نقاش تم الاتفاق على ذلك ولم يبقى امامهم سوى فحص يقوم به ليتم التأكد من إمكانية التبرع طبياً، وبالفعل تم إجراء الفحص بنفس اليوم وبعد التأكد من إمكانية التبرع تم الاتفاق على أن تكون عملية نقل الكلية في نفس يوم عملية طفله، وقد وفى الرجل بوعوده كاملة ويزاد على ما تم الاتفاق عليه تكفله بإيجار المنزل لمدة سنة كاملة.
أما الشخص الثاني فقد وصل من دون اوراق ثبوتية بالتهريب عبر الحدود مع عائلته، دخل الى عرسال اللبنانية ومنها نحو احدى المخيمات في البقاع، لم يمتلك حتى ثمن الطعام، حاول البحث عن عمل لكن من دون جدوى، وهو الاخر تعاني طفلته حالة مرضية منذ ولادتها بدأ بعلاجها في سورية وحين تعرضت قريته للقصف نزح كما باقي الأهالي، وطبعاً في لبنان لم يكن يستطيع حتى أخذها الى طبيب لكونه لا يملك ثمن طعامه.
عند بحثه بين الجمعيات عن داعم لعلاج طفلته تعرف الى شاب سوري، هذا الشاب يعمل سمسارًا طلب منه التبرع بكليته مقابل 4000 دولار امريكي، وهو سيتكفل بعمليه البيع بعد التأكد من امكانية بيعها بعد اجراء فحص طبي، وبالتفاوض وصل السعر الى 5500 دولار امريكي والتي تكفي مصاريف علاج ابنته، وتم اجراء العملية والقبض قبل دخوله غرفة العمليات.
الشخص الثالث أيضاً يعاني من وضع مالي سيئ جداً لدرجة يعجز عن شراء طعام لأطفاله، بعد معرفته بخبر بيع صديقه كليته توجه الى نفس السمسار وطلب بيع كليته أيضا وتم التفاوض والوصول لنفس السعر وأيضاً تم تسليم المبلغ قبل الدخول لغرفة العمليات.
ثلاث قصص قمت بسردها، وجميعها تصب كما باقي من قابلتهم تحت خانة الحاجة والفقر، قد لا يشفع هذا الأمر أمام البعض لقيامهم ببيع أعضائهم، لكن قبل أن نحكم عليهم علينا النظر إلى من هو مسؤول عن تقديم دعم لهم، وللعلم هناك كثير ممن رفضوا البيع ومازالوا يحاولون الصمود أمام العوز الفقر والتشرد بين الخيم.