دمشق، سوريا، 29 مارس، (جابر المر، أخبار الآن) –
تستقبلك مدينة دمشق من بوابتها الشمالية بصور حية عن حرب عمرها ثلاث سنوات لا يستطيع الناظر إليها إلا تذكر حيوية المكان وتذكر أهله والتحسر على ما يشاهده، فهي صور ثابتة من مدة عام، أحياء كاملة مدمرة، سيارات معطوبة ومقلوبة على جانبي الطريق، فقد أصبح مدخل دمشق معبرًا موحشا لمدينة منقسمة على نفسها وشبه مدمرة.
من شمالها إلى جنوبها ..
ما إن تقترب من مدخل مدينة دمشق الشمالي، إذا كنت قادمًا من إحدى المحافظات، فستصدمك مشاهد الدمار والخراب، الذي خلفته الدبابات والمدرعات في منطقتي حرستا والقابون. هذا الدمار الذي تُرك بقصد أن يحفظه السوريون جيداً. ناهيك عن ثلاثة حواجز أمنية مختارة بعناية شديدة مهمتها التفتيش والتساؤل وأحياناً كثيرة المضايقات والإزعاج. تمضي بعد مرور وقت طويل على حاجز عدرا ومن ثم حاجز الموارد المائية ومن ثم حاجز كراش إلى قلب العاصمة دمشق وساحة العباسيين تحديداً التي تقف فيها مطولاً على حاجز آخر أيضاً. وتمضي فترة الانتظار بمشاهدة الدخان المتصاعد من منطقة جوبر وسماع أصوات القذائف عليها. ثم باتجاه باب توما والزبلطاني وكراج السيدة زينب إذا كان مقصدك الجنوب حيث تبدأ رحلة انتظار لا تتأمل نهاية لها قبل ثلاث ساعات انتظار على حواجز أمنية كثيرة.
في قلب العاصمة ..
لا تختلف عن بعضها شوارع مدينة دمشق، حيث أصبحت كلها مقسمة تقطعها الحواجز الأمنية التي لا تفيد إلا بازدياد الازدحام والاختناق المروري، وإحكام القبضة الأمنية على كل شبر في المدينة. فقد أصبح قلب العاصمة دمشق مخنوقًا ومزدحمًا على مدى النهار، وخاو وفارغ في الليل.
من الحدود اللبنانية إلى دمشق ..
حين تعبر الحدود اللبنانية وبعد ما تلاقيه كمواطن سوري من سوء معاملة من الجانب اللبناني ونظرات الازدراء والتعالي منهم، تصل إلى الحدود السورية ولا يختلف الوضع كثيراً بل يزداد التعالي ولكن لأسباب أخرى. وتبدأ عملية نبش الأغراض وبعثرتها وإذا كنت تحمل جهاز كمبيوتر شخصي (لابتوب أو آي باد) فعليك الدخول إلى الغرفة الصغيرة ليتم نبش بياناتك وملفاتك لعلك تكون من الناشطين أو المنشقين والهاربين، تجتاز الحدود لتلاقيك أربعة حواجز أيضاً مختارة لاستقبال الوافدين، فرجال الحدود الساهرين على أمن الوطن لن يتركوك تمر بسلام دون بعض المضايقات والسرقات، فعليك بذلك تقديم القرابين والهدايا للوصول إلى البيت.
ربما أصبحت دمشق مدينة أشبه بالجحيم حوّلها الأمن السوري إلى ملكية خاصة يلعب بها كما يشاء ويتحكم بوقت الناس فيها كما يحلو له، ربما لاحقا سيصادر الأمن السوري الهواء الذي يستنشقه المواطن بعدما سرق الحرية الشخصية وسرق الأرض وخرب معالم المدينة.