دبي، الامارات العربية المتحدة، ٢٧ مارس ٢٠١٤ آسية عبد الرحمن ، أخبار الآن- 

 من المفزع أن تخرج امرأة من بيتها كل يوم وهي تتحس خطى الذي يسير خلفها بتوجس، وتضطر إلى الالتفاف عدة مرات في الثانية الواحدة، وتشعر بالحرج من مرافقة ابنها أو أصغر إخوتها، لأن مهووسا ما في الشارع سيلقي عبارة بذيئة على مسامعه، أو يسحب طرف ثوبها، أو يعترض طريقها بعنف، لا لشيء إلا لأنها امرأة أصرت على أن لا تبقى سجينة البيت.

ولكن حين تكون نساء مجتمع بأكمله عرضة لنفس الموقف، وربما لمواقف أسوأ، فإن الأمر لا يكون مفزعا فحسب، بل جريمة ترتكب كل يوم برضا المجتمع كله، إن لم يكن بمشاركته فبسكوته.

والأخطر من كل ذلك أن تكون الضحية هي من يجب عليها أن تتلقى العقاب، ويضاعف جرحها النفسي بل والجسدي أحيانا بتحميلها مسؤولية ما تتعرض له من إهانة لكرامتها.

بحسب دراسة حديثة لمكتب الأمم المتحدة في مصر فإن ٩٩.٣ في المائة من النساء يتعرضن للتحرش وتضيف الدراسة أن ٩١ في المائة منهن لا يشعرن بالأمان.

اغتصاب سائحة يذكي الأزمة

خلال السنوات الماضية لم يكن هناك نص قانوني يجرم بصريح العبارة فعل التحرش، ولكن الحوادث المتتالية في الأيام الأخيرة أعادت تسليط الضوء على هذه الممارسة الشنعية، وجاء اغتصاب سائحة بريطانية بأحد الفنادق ليكون القطرة التي تفيض الكأس فقررت وزارة السياحة المصرية إغلاق أي فندق يبلغ فيه عن حادثة تحرش، ثم أعلنت وزارة العدل عن مشروع قانون ينص بالعقوبة لمدة تتراوح بين السجن من ثلاث سنوات إلى خمس لكل من يتعرض بتحرش لامرأة في مصر، موسعة نطاق التعريف ليشمل المعاكسات في الشوارع وحتى بوسائل التواصل الحديثة.

ولعل خطوة كهذه تضع حدا لهذه الجريمة التي تضرر منها أكثر من نصف سكان البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان.

ولكن التجربة تقول إن سن القوانين وحده لا يكفي فيحتاج الأمر إلى المجتمع وتوعية من هيئاته الحقوقية ليكون مقابل كل ضحية تحرش مهووس يقبع وراء القضبان.

ولعل المبادرات الأخيرة ستكون مفيدة إن تم تطويرها وتفعيلها، واستطاعت أجهزة الأمن المصرية أن تواكب عدد الشكاوى الذي لا يشك سيكون أكبر بكثير من طاقاته الحالية.

والأمل معقود على هذه التجربة لتكون بداية لنيل المرأة العربية أبسط حقوقها، وهو أن تسير في الشارع من دون الاضطرار إلى تحسس خطوات من يسير خلفها.