نواكشوط، موريتانيا، 24 فبراير 2014، (آسية عبد الرحمن، أخبار الآن) –
في أعرشة بالية في شارع جانبي من وسط مدينة نواكشوط، ينشر هؤلاء كتبا غير واضحة المحتوى، بجانب ودع وخيوط وأمور وبعض الأشياء غير المتجانسة، يدعون القدرة على شفاء المريض وتزويج العانس، وإعادة المفقود، واستمالة القلوب النافرة، والحفاظ على المجد الوظيفي، بل أكثر من ذلك على إيجاد الوظيفة للعاطلين.
إنهم السحرة، أو من يعرفون محليا بـ” الحجابة”، حاولنا الاقتراب منهم أكثر، ورغم الهالة الخرافية التي يحيطون بها أنفسهم، إلا أنهم يرفضون خوض نقاش جدي حول طبيعة عملهم، ويختارون ضحاياهم من بين ضعاف العقول، أو اليائسين من الحياة، ويبدأون بزرع الرعب في نفس الضحية، ليس من عدم تحقيق مراده، بل مما سيلحق به لو لم يعتقد بصحة ما لديهم.
حديث خاص لأخبار وصور حصرية
بعد جهد جهيد أقنعنا أحد هؤلاء السحرة بالحديث معنا٫بعد إعطائه بعض المال ٫سامحا لنا بتصويره وبعض زبوناته.
“الساحر” يدعى محمد عبد الله ويقول انه يمارس هذه المهنة منذ سنوات٫ وأن اكثر زبائنه من النساء. يأتين إليه من أجل الحصول على عريس أو المحافظة على زوج ٫أو الحصول على الأولاد .
إيجاد الأزواج والحفاظ عليهم
تروري مريم وهي ملثمة بعناية، وترفض التصوير والتسجيل الصوتي، أن صديقتها لجأت إلى أحد الحجابة، تريد منه أن يتعلق زوجها بها، وأنها أعطته مائة وخمسين ألف أوقية (خمسمائة دولار) وأقد أعطاها روقة صغيرة وضعت عليها طبقة جدلية وهي لا تفارقها، وتروي عن صديقتها أن زوجها لم يكن يعصي لها أمرا، ما دامت تلك الورقة بحوزتها، وأنها حين فقدتها طلقها الزوح في اليوم الموالي.
فيما تتحدث فتيات أخريات عن تجاربهن، في البحث عن الزواج من خلال التواصل مع الحجابة، الذين يعدوهن بزوج يحقق الآمال لكنه لم يأت بعد.
الحفاظ على الكرسي
يحتفظ الكثير من الموريتانيين بروايات تسندها أدلة من الواقع عن وجود حجاب لكل مسؤول رفيع في الدولة، بل يصل الأمر بالبعض منهم، إلى القول إن بعض المسؤولين يعمتد في أدق قرارته السياسية، والبقاء في وظيفته، أوالترقي في سلمها، على وصايا حجابه الذي يضمن له بالمقابل تسهيل الوصول إلى صفقات ذات طابع اجتماعي او اقتصادي.
ويستدل هؤلاء على ما يقولون بأن هولاء الحجابة لم يعودوا يمارسون شعوذتهم في أماكن مغلقة، بل صار لبعضهم عناوين رسمية، تحت يافطة الرقية الشرعية، وأن الجهات الأمنية متهمة بتوفير الحماية اللازمة لهم، ولا تتعامل مع من يتقدم بشكوى منهم، بل تعتبر الشاكي هو الجاني في بعض الأحيان.
خرافات الأداء
ما يمز هؤلاء “الحجابة” هو طلباتهم الغريبة، وانعدام النظافة في محيطهم، فهم يتجمعون في أكثر بقاع العاصمة قمامة، ويطلبون أشياء عصية على الحصول، كأن يطلبوا من الضحية الذي يعرفون أنه لا يصدقهم أن يحصل لهم على قط أبيض بالكامل، أو على رأي خروف أسود بالكامل، وأن يذبح شاة بمواصفات معينة في مكان ووقت معين، فضلا عن طلبات غريبة أخرى، لها علاقة بالمعتقدات.
ويعتمدون في علاجهم على حيل من السهل كشفها، حيث يسألون أول شيء عن اسم أم المتعالج، ثم يضعون أورقا يكتبون عليها بعض الطلاسم، ويطلبون من المتعالج حرقها في وقت ومكان محددين، وأن يصطلي على دخانها.
التباس بالرقية الشرعية
يقول الخبراء في هذا المجال إن هؤلاء المشعوذين، يلعبون بالمصطلحات فيسمون أنهم بممتهني الرقية الشرعية، والواقع أنهم غير ذلك.
فالرقية بحسب العلماء “هي سبب من الأسباب الشرعية لأنها مما يبتغى به وجه الله ويتقرب إليه، لكن لا بد أن يكون ذلك على وفق الشرع، فلا بد أولا من اعتقاد أنه لا نافع ولا ضار إلا الله عز وجل وحده، وأن الشفاء من عند الله وحده، ثم لا بد كذلك من اعتقاد أنه قد رفعت الأقلام وجفت الصحف عما هو كائن، وأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن كل ما كتب على الإنسان وقدر له فسيناله لا محالة”
وهو ما يتناقض مع أفكار هولاء المشعوذين الذي تتجاهل السلطات العمومية في موريتانيا وجدهم، على الرغم من المآسي التي يسببونها يوميا لعشرات الأشخاص من ذوي الإيمان الضعيف.