حلب، سوريا، 23 فبراير، (رامي سويد، أخبار الآن)

 استمرار قصف الطيران للقسم المحرر من مدينة حلب بالصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة أتضطر سكان هذه الأحياء إلى النزوح منها جماعيًا، لتتحول هذه الأحياء التي تشكل ما يناهز ثلثي المدينة إلى أراض مقفرة يعمها الدمار والغبار.

 لم يتبقى في الأحياء المحررة من مدينة حلب إلا بضع مئات ممن لم يجدوا بديلا عن انتظار الموت القادم من السماء، فقد سمعوا وجربوا فيما مضى ذلك الذل الذي يعيشه أقاربهم الذين قرروا الخروج من بيوتهم هربا من الموت، منهم من قرر النزوح إلى مدن وبلدات الريف ليضطر إلى النزوح المركب حين تندلع الاشتباكات بين قوات الثوار وتنظيم “داعش” ليحملوا في رحلتهم الجديدة بالإضافة إلى ملابسهم وفرشاتهم الأسفنجية تلك الخيم التي استلموها من الهيئات الإغاثية ليبحثوا عن مكان جديد لنصبها.

 مِن النازحين مَن قرر التوجه نحو الأحياء التي يسيطر عليها النظام في حلب، هؤلاء عموما هم من الميسورين الذين ربما تمكنهم من استئجار شقة على خط الجبهة في حي الأشرفية لا يمكن تركيب زجاج على شبابيكها بسبب الانفجاريات الدائمة التي ستكسره حتما ومقابل 40 ألف ليرة سورية للشهر الواحد.

 أما معظم النازحين فقد كانت وجهتهم الحدود التركية، حيث استقبالهم مخيمات مؤقتة قرب السلك الحدودي ريثما يتمكن مهربو البشر العاملون على الحدود من نقلهم باتجاه الأراضي التركية مقابل مبالغ مقطوعة يتم الاتفاق عليها بعد مبازرات طويلة، ليواجه الواصلون بعد العناء إلى الأراضي التركية عناءً من نوع جديد هناك، إذ يتلاعب بهم سماسرة الإيجارات والقبول في المخيمات ومستخرجو بطاقات “الضيوف السوريين” التي تمكنهم من الإقامة في تركيا.

 مدينة حلب اليوم خاوية على عروشها، مدينة يسودها الهدوء الذي ينبئ بعاصفة قد تغير كل شيء، لم يعد هناك إلا الأطلال وقليل من شباب بقيوا لحماية الممتلكات وقليل من سيارات الثوار التي مازالت تتجول في الأحياء وعجزةٌ هنا وهناك أصروا أن يحضروا الحكاية حتى فصلها الأخير.