نواكشوط٫ موريتانيا – ٫٣ فبراير٫٢٠١٤٫ آسية عبد الرحمن٫ أخبار الآن —

في مدن العالم وضعت إشارات المرور لتنظيم حركة سير السيارت ٫ وللحد من الازدحام٫ هكذا هو المتعارف عليه دوليا٫ لكن في موريتانيا الوضع يختلف !

إشارات المرور في العاصمة الموريتانية نواكشوط هي مصدر رزق لنساء تنتظرهن في آخر اليوم أفواه جائعة٫تقتات على ما تجلبهن إليهم أمهاتهم مما تكرم عليهن به سائقو السيارات ٫والمارون جنب مفترقات الطرق حيث تو جد الاشارات.متسولات الاشارات كما يطلق عليهن هنا في نواكشوط قلما تقف عند إشارة مرور في العاصمة ٫ الا وتطالعك إحداهن بملامح بائسة٫ ووجه فقد الآمل في الحياة.

أم وآولادها الأربعة تعيش عند إشارة مرور!
قرب إشارة مرور في قلب العاصمة الموريتانية٫تفترش الأرض هي وأبناءها الأربعة٫طالعتني ابنتها ذات الاعوام الثلاث بنظرات طفولة لا تدرك حجم المعاناة التي تحيط بها.كانت أمها تغط في نوم عميق كمن ينام في غرفة أعدت بطريقة مبتكرة للمساعدة على النوم المريح والمتواصل٫ تراكم عليها تعب الوقوف طوال اليوم لاستعطاف المارين واصحاب السيارة كي يعطوها ما يسكت جوع أطفالها الأربعة٫فنامت نوم الاغنياء!.

بعد قرابة الساعة من الوقوف الى جانبها ٫ومع الحرص على عدم ازعاجها وقطع النوم عليها٫ استيقظت المرأة ٫وكأنها شعرت بمراقبتي لها٫اقتربت منها مطمئنة٫ ذهب نظرها مباشرة الى الكاميرا التي في يدي٫ واتسعت عيناها خوفا٫ اقتربت منها أكثر وسألتها هل يمكن أن نتحدث؟٫ أجابتني ما الذي تريدنه مني؟

هل تستطيعن انتشالي واولادي من هذا المكان؟

هل تسطيعين توفير منزل لي ولهم؟

هل ستكونين معي عندما لا احصل لهم على غير قطعة خبز يتقاتلون عليها بين يدي وأنا أكثر منهم جوعا وعجزا ؟…

كانت المتسولة تتكلم بحرقة مؤلمة٫ ويأس شديد ٫ صوتها يحمل كل قهر العالم ٫وكانت دموعها تختلط ودموع أولادها في مشهد صادم وموجع.

بعد أن هدأت المرأة طلبت منها الحديث معنا في أخبار الآن لنوصل الى العالم صوتها لعلها تجد وابناءها من يخلصهم من حياة اشارات المرور البائسة٫اجابتني انها تتمنى ذلك لكنها تخاف من السلطات ان هي كشفت للعالم مدى الاهمال الذي تتعرض له في بلدها ٫ قالت أنها هنا منذ أكثر من عامين ٫ بعد أن فقدت معيلها الوحيد ٫ زوجها ٫ الذي مات وهو عاجز عن دفع ثمن دوائه٫ اخبرتني أنها طرقت كل الابواب وذهبت الى كل الجهات في محاولة لايجاد من يساعدها في تربية أولادها بعيدا عن الشارع٫ لكنها رجعت خائبة من عند كل من طلبت منهم المساعدة٫ لينتهي بها الحال هنا عند هذه الاشارة٫ التي ألفتها واصبحت مصدر رزق لها ولأولادها.!