جنيف، سويسرا، 30 يناير 2014، وكالات –
اعلن الوسيط الدولي الاخضر الابراهيمي ان وفدي النظام والمعارضة السورييّن بحثا في الجلسة المشتركة التي عقداها الخميس في جنيف في المسائل الامنية في بلادهما ، مشيرا الى انهما غير متفقين على كيفية معالجة الارهاب.
وقال الابراهيمي في مؤتمره الصحافي اليومي إن هناك إتفاقاً على أن الارهاب موجود في سوريا وهو مشكلة جدية، موكداً انه لا بد من معالجة مسائل الامن للوصول الى حل للازمة.
ويشرف هذا الدبلوماسي المخضرم منذ 25 كانون الثاني/يناير على “حوار” بين طرفين يتحاربان منذ ثلاث سنوات وجلبتهما الضغوط الدولية الى جنيف، ويعقد يوميا مؤتمرا صحافيا مقتضبا حول مسار الجلسات من دون ان يشفي غليل الصحافيين الذين يتولون تغطية المحادثات.
ويدرك الابراهيمي منذ اللحظة الاولى صعوبة المهمة التي يقوم بها بين طرف متمسك بالبقاء في السلطة وآخر مصمم اكثر من اي وقت مضى على الاطاحة به. ولعل ادراكه هذا جعله يقول الاربعاء انه لم يشعر باي “خيبة امل” ازاء عدم تحقيق اي “تقدم ملموس” في المفاوضات، لانه لم يكن ينتظر مثل هذا التقدم.
ويكرر انه سعيد وراض لان الطرفين يبديان تصميما على البقاء ومتابعة التفاوض، وانه لم يتوقع “معجزات” وان لا وجود ل”عصا سحرية”، وان الحل “لن يتحقق اليوم او غدا او الاسبوع المقبل”.
على الرغم من تعقيدات المهمة، يبقى سريع النكتة في اجوبته على الصحافيين التي تتسم بالكثير من العفوية. وردا على سؤال عن الطريقة التي سيتمكن فيها من تقريب وجهات النظر بين الطرفين، قال الابراهيمي باسما “اذا كانت لديك افكار، اتقبلها بسرور”.
وداخل الجلسات المغلقة، يلجأ غالبا الى ممازحة المفاوضين، بحسب ما نقل عنه احد المشاركين. وقد قال للمجتمعين مرة “على الوتيرة التي نسير عليها، سيستغرق الامر عشرين عاما. لا بد من الاستعجال، بعد عشرين سنة، لن اكون هنا”.
الا ان ليونته الدبلوماسية لا تعني انه لا يكون حازما عندما يستدعي الامر ذلك. ويروي مصدر مطلع على المفاوضات ان الابراهيمي تعرض في احدى الجلسات لتهجم شخصي من احد اعضاء وفد المعارضة، فكان جوابه قاسيا ومفحما.
كما يرفض في مؤتمراته الصحافية باصرار الرد على ما يسميه “الاسئلة الملغومة” التي يطرحها صحافيون قريبون من المعارضة او النظام وتتضمن مواقف سياسية او تحاول جعله ينزلق في اتجاه اتخاذ موقف ما.
ولم يتعرض اداء الابراهيمي حتى الآن لاي انتقاد علني من اي من الطرفين.
وردا على سؤال الخميس طلب منه صاحبه ان يجيب عليه “بشفافية”، قال الابراهيمي “انا كل كلامي شفاف”، ثم استدرك “حتى كلامك شفاف”، في اشارة الى انه يستشف من السؤال ميل الاعلامي السياسي.
وقالت متحدثة باسم الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رفيف جويجاتي لوكالة فرانس برس ان وفد المعارضة “ممتن للسيد الابراهيمي لتسهيله المحادثات واعطائنا الفرصة لعرض رؤيتنا لسوريا الجديدة”.
واشارت الى ان “كون الابراهيمي عربيا ويتكلم العربية ويفقه الثقافة العربية، يلعب دورا مهما”.
ويقول فريد ايكهارت، المتحدث السابق باسم الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان ان “الاخضر الابراهيمي يتمتع بنزاهة وصراحة متميزيتن بالنسبة الى دبلوماسي”، مضيفا “اعتقد ان هذا يجعله موضع ثقة على الفور”.
وقد خلف الابراهيمي انان في مهمة الوساطة في سوريا بتكليف من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون.
ويقول عميد كلية العلاقات الدولية في جامعة باريس للعلوم السياسية غسان سلامة الذي يعرفه عن قرب ان الابراهيمي يتمتع ايضا “بصبر لا محدود بالنسبة الى رجل بلغ الثمانين”، مضيفا “يبحث باستمرار عن نقاط الضعف عند المتنازعين ويسعى من دون هوادة وراء هدفه النهائي على الرغم من كل التعقيدات”.
وقال الابراهيمي للصحافيين قبل ايام “انا متهم غالبا بانني بطيء، لكن اعتقد ان ذلك يبقى اكثر سرعة من التسرع”.
بتوليه مهمة التوسط بين السوريين، يكون الدبلوماسي الجزائري تخلى مرة جديدة عن تقاعده.
وقد سبق له ان كان موفدا للامم المتحدة الى افغانستان بعد اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001، والى العراق في 2003.
الابراهيمي والد لثلاثة. يتكلم الانكليزية والفرنسية بطلاقة. كان وزيرا للخارجية الجزائرية، وعرف للمرة الاولى كوسيط خلال المفاوضات بين الاطراف اللبنانيين في مدينة الطائف السعودية التي انتهت باتفاق وضع حدا لحرب اهلية استمرت 15 عاما.
ثم اصبح موفدا خاصا للامم المتحدة في نقاط ساخنة عدة من العالم، اذ تولى رئاسة بعثة الامم المتحدة في جنوب افريقيا خلال انتخابات 1994 التي اتت بنلسون منديلا رئيسا. واوفد الى اليمن في خضم الحرب الاهلية. والابراهيمي عضو في مجموعة “الدرز” (القدامى) التي تجمع شخصيات تعمل على حل النزاعات المسلحة بينها الرئيس الاميركي السابق جيمي كارتر وانان والاسقف الجنوب افريقي ديسموند توتو.
وفي احد تصريحاته حول المهام التي قام بها في حياته، قال الابراهيمي انه لم يشعر في اي مرة بان “هناك وضعا ميؤوسا منه”.