دبي، الإمارات العربية المتحدة، 21 يناير 2014 ، آسية عبد الرحمن ، أخبار الآن –

لم تكن تلك الجولة المكوكية التي قام بها وزير الخارجية الإيراني أحمد جواد ظريف خلال الأسبوع الماضي، وشملت كل دول الجوار السوري وانتهت بمرافقة نظيره السوري وليد المعلم إلى موسكو، سوى المحاولة الأخيرة من إيران لتقديم نفسها شريكا ضروريا في أي عملية سلام محتملة تفضي إلى وقف لإطلاق النار في سوريا.

وعلى الطرف الموازي كانت قوى المعارضة السورية ومعها دول أصدقاء الشعب السوري تسعى جاهدة لمنع مشاركة إيران في مؤتمر جنيف2، وإن كانت لغة الخطاب ظلت دائما تترك الباب مواربا لقبول إيران في المؤتمر من خلال اشتراط موافقتها على بنود جنيف1.

ولكن الإيرانيين لا يسعون إلى إنجاح المؤتمر، فقبولهم بمخرجات جنيف واحد، يعني الموافقة على هيئة حكم انتقالي لا يكون الأسد أو أي من أعوانه المقربين عضوا فيها، وهو ما يعني خسارة إيران استثمار ثلاثين سنة من العلاقات المتوطدة، والتي توجت أخيرا بالاشتراك في المعارك ضد الثوار الذين يسعون إلى الإطاحة بنظام بشار الأسد، ولم تكتف بامداد الأسد بالخبرة والسلاح، بل أججت الروح الطائفية بين جنوده، وحاولت تحويل المعركة من صراع بين إرادة الشعب وسطوة الحاكم، إلى صراع طائفي.

ولأن الثوابت ليست مما ترتكز عليه السياسة الإيرانية، فإن طهران وضعت كامل ثقلقها الديبلوماسي، مستفيدة من دعم روسيا الحليف الأكبر لنظام الأسد، ومستغلة لسمعة لم يكتمل بعد بناؤها بعد اتفاق جنيف حول برنامجها النووي، والدعاية التي رافقت انتخاب حسن روحاني للرئاسة، كل ذلك استغلته في محاولة يائسة لإيجاد موطئ قدم في سوريا الجديدة، فهي آخر ما تبقى لها من الحلفاء.

فحزب الله في لبنان محاصر بالمحكمة الدولية بعد اتهامه رسميا باغتيال الحريري، وانشغاله بالتدابير الأمنية بعد انهيار منظومته الأمنية إثر مشاركته في الحرب على الشعب السوري، ولم يعد قادرا على تأمين مربعه الأمني.

وحماس في غزة محاصرة بعد سقوط نظام الإخوان الداعم لها في مصر

ولم يبق لإيران من فرصة للحفاظ على منفذ على البحر الأبيض المتوسط سوى أن يحافظ لها النظام المقبل في سوريا على أقل القليل من العلاقات، فهي لا تريد تكرار تجربة روسيا في ليبيا ما بعد القذافي.

ولا يهم الإيرانيين في النهاية إن كان مؤتمر جنيف سيعقد أم لا، ما يهمهم هو أن يأخروه ما أمكنهم، ذلك وأن لا يخسروا بانعقاده ما استثمروه من علاقات وأموال خلال عقود من الصداقة بين نظام دولة المرشد وحزب البعث.

ويبقى تماسك المعارضة السورية ومدى إصرارها على رفض التدخل الإيراني في أي تسوية مرتقبة هو الضمان الوحيد لوقوف المجتمع الدولي مع تلك المطالب، وأي تهاون في القبول بإيران، سيتفح بابا من العذاب على الشعب السوري الذي ما زال يطمح إلى رؤية يوم يقدم فيه من شاركوا في قتله أمام محكمة العدل الدولية.