ريف ادلب، سوريا، 13 يناير، (مصطفى جمعة، أخبار الآن) –
عبد الستار أب لطفلين، بترت قدماه بسبب سقوط قذيفة على منزله في بلدة حِيش بريف ادلب ، ونزح بعدها إلى المخيمات الحدودية ، لم تقف معاناته هنا ، في داخل المخيم ماتت طفلته بسبب البرد ، تقرير مراسل أخبار الآن من الحدود السورية التركية ، نتابع .
هو غضب الأب عندما يفقد أحد أطفاله وبطريقة لم يكن يتوقعها ، نعم إنه قصة من
الواقع ، فشظايا تلك القذيفة التي تسببت في بتر طرفي عبد الستار لم تثني
عزيمته ، فالأب أقوى من أن يرى أطفاله يتجرعون كأس الموت وهو غير قادر على
ردعه ، فقد طفلته إبنة التسعة أشهر في ليلة كانت أثقل من هموم الحياة كلها ،
كما لو أنك وضعتها على كفة يد واحدة ، الموت بأسلوب مختلف عن ما تخوف منه الأب
حين بترت أطرافه وخرج من تحت الركام حفاظاً على حياة البقية ، كان يعتقد أن
الموت لا يأتي إلا على يد النظام .
عبد الستار الحلبي – مواطن من قرية حيش بريف ادلب بترت ساقه إثر قذيفة سقطت
على منزله : “أنا عاجز ولايوجد عندي أطراف ، منذ أيام ماتت إبنتي من البرد ،
نعم لقد فارقت الحياة بسبب البرد ، حسبي الله ونعم الوكيل ، الصواريخ
والراجمات قتلت أطفالنا ، لقد تهجرنا ودمرت منازلنا ، قتلوا أطفالنا” .
يناشد بصوته ويطلب المدد من أمة بالكرم والجود عهدت ، ولكن ما من مغيث يقول
الأب الذي فقد إبنته ، حيرة في الأمر أصابته ، ورغم التورم الذي أصاب أسفل
أطرافه بسبب كثرة الحركة ، إلا أنه لا يجد سوا عكازتيه رفيقاً ومؤنساً في
غربته ، عليهما يتوكأ ، ولكن العكازة هذه ليس بوسعها حمل هموم الأب الحزين .
عبد الستار يقول : “نزحنا بأولادنا والجو شتاء وبرد ، خرجنا حفاة ، البعض يصرخ
والآخر يستغيث ، وهنالك من كان ينقذ أطفاله ، تهجرنا ونزحنا ، حسبي الله ونعم
الوكيل وقدمنا إلى هنا ، حوائجنا وثيابنا تلفت بين الدمار ، وبلدتي ( حيش )
معروفة ، فالدمار واضح للعيان” .
هكذا هي الحياة ، أب يودع طفلته بسبب البرد ، وآخر يفارق طفله بسبب نقص
التغذية ، وآخرين هناك في الحرب لم ينزحوا ، بقوا ينتظرون وعيد النصر على بصيص
من أمل .