تونس ، دستور ، 6 كانون الثاني يناير ، 2014 ، وكالات –
صادق المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الاثنين على فصل ٍ في دستور تونس الجديد يقر “المساواة” بين التونسيات والتونسيين في “الحقوق والواجبات” و”أمام القانون”، ما يعطي نساء هذا البلد وضعا حقوقيا فريدا من نوعه في العالم العربي.
كما صوت البرلمان على فصل ٍ أبقى بموجبه على عقوبة الإعدام التي لم تـُطبَق منذ عام 1991.
وصوت 159 نائبا من أصل 169 شاركوا في عملية الاقتراع على الفصل 20 من الدستور الذي يقول “المواطنون والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات، وهم سواء أمام القانون من غير تمييز. تضمن الدولة للمواطنين والمواطنات الحقوق والحريات الفردية والعامة، وتهيئ لهم أسباب العيش الكريم”.
وصوت ضد هذا الفصل سبعة نواب وتحفظ ثلاثة.
وإقرار هذا الفصل هو ثمرة توافق بين حركة النهضة الاسلامية الحاكمة وصاحبة أغلبية المقاعد في البرلمان (90 من إجمالي 217 مقعدا) والمعارضة العلمانية.
وكانت حركة النهضة قدمت في 2012 إلى المجلس التأسيسي مشروع قانون ينص على مبدأ “التكامل” بين الرجل والمرأة عوضا عن “المساواة”.
ورأت المعارضة التي نظمت ،وقتئذ، تظاهرات كبيرة احتجاجا على مشروع القانون، ان عبارة “تكامل” قابلة لأكثر من تأويل وأنها قد تكون مدخلا لضرب المكتسبات الحداثية للمرأة التونسية.
وفي آب/اغسطس 2012 تراجعت “لجنة الحريات والحقوق” في المجلس التاسيسي،وتحت ضغط احتجاجات وتظاهرات المعارضة، عن اعتماد مشروع القانون المثير للجدل.
ورحبت أحلام بلحاج الرئيسة السابقة لـ”الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات” غير الحكومية التي تطالب بإقرار مساواة تامة بين الجنسين في تونس، بمصادقة المجلس التاسيسي على الفصل 20 من الدستور.
وقالت لفرانس برس ان جمعيتها دعت في وقت سابق الى التنصيص ضمن الدستور على منع التمييز بين التونسيين على اساس الجنس أو اللون. لكنها أقرت بأن مجرد التنصيص على “المساواة” في الدستور أمر “جيد جدا”. وقالت: “كان هذا مطلبنا وهذا انتصار (لنا)”.
وكانت منظمات حقوقية دولية بينها “هيومن رايتس ووتش” ومنظمة العفو الدولية دعت في بيان مشترك يوم 3 كانون الثاني/يناير الحالي الى تعديل الفصل 20 من الدستور حتى يشمل “المساواة وعدم التمييز أمام القانون (..) كل شخص خاضع لنظر السلطات التونسية، بما في ذلك (..) الأجانب” وليس مواطني البلاد فقط.
ولفتت المنظمات الى ان الصيغة الحالية للفصل 20 “لا تحدد الأسباب التي يُحظر على أساسها التمييز”.
وقالت “يجب أن ينص الفصل 20 على أنه يُحظر التمييز، المباشر وغير المباشر، على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو غيره، أو الأصل القومي أو الاجتماعي أو الثروة أو المولد، أو أي وضع آخر، وأن القوانين وسياسات الدولة التمييزية غير دستورية”.
وأضافت “يجب التأكيد على مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في جميع المجالات. وينبغي أن ينص الدستور على أن الرجل والمرأة متساويان ويتمتعان بالمساواة التامة أمام القانون وعلى أرض الواقع، وبفرص متساوية في جميع مناحي الحياة، سواء كانت مدنية أو ثقافية أو اقتصادية أو اجتماعية، وكما تحددها المعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وينتظر ان يصوت المجلس التأسيسي في وقت لاحق على فصل ثان يتعلق بحقوق النساء هو الفصل 45 الذي يقول “تضمن الدولة حماية حقوق المرأة وتدعم مكاسبها. تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل مختلف المسؤوليات. تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة”.
وقالت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية في البيان المشترك “يجب أن ينص الفصل 45 على تساوي الفرص والحقوق بين الرجل والمرأة. ولذلك يجب تعديل عبارة +تتخذ الدولة التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضدّ المرأة+ لتضمين +جميع أشكال التمييز والعنف+”.
وأضافت “كما يجب أيضًا إضافة تنصيص قانوني يدفع الدولة إلى تبني إجراءات ايجابية في جميع المجالات لتحقيق تمكين المرأة بشكل فعال ومتساو”.
وتحظى المرأة في تونس بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل “مجلة (قانون) الاحوال الشخصية” التي أصدرها سنة 1956 الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة الذي يوصف بأنه “محرر” المرأة التونسية.
وسحبت المجلة التي لا يزال معمولا بها، القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات، وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويا متى يشاء.
وأثار وصول حركة النهضة الاسلامية إلى الحكم نهاية 2011 مخاوف منظمات نسوية من التراجع عن “المكتسبات الحداثية” التي راكمتها المرأة التونسية منذ استقلال البلاد سنة 1956، رغم تعهد الحركة بالحفاظ على هذه المكتسبات و”تطويرها”.