تونس، 5 يناير 2014، وكالات –

صادق البرلمان التونسي يوم امس، على الفصول الأولى من الدستور الجديد للبلاد، ورفض في الوقت نفسه مقترحات بتضمين الدستور نصا يعتبر الاسلام المصدر الأساسي للتشريع.
             
لكن المجلس أبقى ضمن الدستور الجديد على الفصل الاول من دستور 1959 “أول دستور بعد الاستقلال” والذي يتضمن أن دين الدولة هو الاسلام .

             
ووافق المجلس السبت على 15 فصلا من الدستور الجديد.
             
واقترح نائبان التنصيص ضمن الفصل الاول من الدستور الجديد على أن “الاسلام” و”القرآن والسنة” مصادر “أساسية” للتشريع في تونس، لكن اغلبية نواب المجلس صوتوا ضد اقتراحيهما.
             
وكانت حركة النهضة الاسلامية الحاكمة وصاحبة أغلبية المقاعد في المجلس التأسيسي (90 مقعدا من إجمالي 217) طالبت في 2012 بتضمين الدستور نصا يعتبر الشريعة الاسلامية مصدرا أساسيا من مصادر التشريع في تونس.
             
وقوبل مطلب الحركة وقتئذ بمعارضة شديدة من منظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة العلمانية التي اتهمت النهضة بالسعي الى اقامة دولة “دينية” في تونس.
             
وفي آذار/مارس 2012 أعلنت حركة النهضة تخليها عن هذا المطلب وموافقتها على مقترح من المعارضة بالإبقاء على الفصل الأول من دستور 1959 دون تغيير.
             
ويقول الفصل الثاني من الدستور الجديد ان “تونس دولة مدنية، تقوم على المواطنة وإرادة الشعب وعلوية القانون. لا يجوز تعديل هذا الفصل”.
             
وكانت المعارضة العلمانية التي ترى ان مدنية الدولة في تونس أصبحت “مهددة” منذ وصول حركة النهضة الاسلامية الى الحكم نهاية 2011، أصرت على تضمين هذا الفصل في الدستور.
             
وتقول المعارضة ان حركة النهضة لا تؤمن بمدنية الدولة وان لها مشروعا “خفيا” لاقامة دولة “خلافة” اسلامية في تونس، وذلك منذ أن تحدث حمادي الجبالي الامين العام للحركة عن “خلافة راشدة سادسة”.
             
ففي تشرين الثاني/نوفمبر 2011 قال حمادي الجبالي لانصار حزبه خلال تجمع أقيم في ولاية سوسة (وسط شرق) “يا إخواني أنتم الآن أمام لحظة تاريخية، أمام لحظة ربانية في دورة حضارية جديدة إن شاء الله في الخلافة الراشدة السادسة”.
             
وصادق المجلس التأسيسي على الفصل السادس من مشروع الدستور الذي أثار جدلا استمر اشهرا، لانه يُلزم الدولة في آن واحد بضمان “حرية المعتقد والضمير” و”حماية المقدسات”.
             
ويقول هذا الفصل ان “الدولة راعية للدين، كافلة لحرية المعتقد والضمير وممارسة الشعائر الدينية، حامية للمقدسات، ضامنة لحياد المساجد ودور العبادة عن التوظيف الحزبي”.
             
وصوت أغلب النواب ضد مقترحات بحذف حرية الضمير من الفصل السادس.
             
وطالب أزاد بادي النائب عن “حركة وفاء” (حزب قريب من الاسلاميين) بحذف حرية الضمير من الدستور معتبرا انها قد تعطي “عبدة الشيطان والأصنام” حرية إقامة طقوسهم ونشر أفكارهم في تونس التي يدين شعبها بالاسلام.
             
وقال إياد الدهماني النائب عن الحزب “الجمهوري” (يسار وسط) ان “من يدعو إلى الغاء حرية الضمير يريد أن يعيدنا الى صفحات سوداء في تاريخ الانسانية وإلى محاكم التفتيش التي كانت تفتش في ضمائر الناس”.
             
وأضاف ان “حرية الضمير هي جوهر (بقية) الحريات”.
             
ودعت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (مستقلة) في بيان السبت المجلس التأسيسي إلى “رفع الضبابية وبالتالي الخطورة التي يكتسيها الفصل السادس من الدستور”.
             
ولاحظت ان هذا الفصل “يعطي للدولة الحق في رعاية الدين وحماية المقدسات ما يمكن أن يؤدي، بتأويلات معينة، إلى تهديد المواطنة وركيزتيها: المساواة والحريات”.
             
وأضافت “المطلوب تغيير +الدين+ بـ+الأديان+ وحذف عبارة +حماية المقدسات+ وإفراد فصل خاص يقر بحرية الضمير والدين والمعتقد”.
             
واعتبرت ان الفصل السادس بصيغته الحالية “لا يضمن الحياد الفعلي للمساجد عن التجاذب السياسي”.
             
وكانت أحزاب معارضة طالبت بتضمين الدستور نصا يفرض تحييد المساجد عن “التوظيف الحزبي والسياسي”.
             
وتنص الفصول الاخرى على مواضيع اخرى مثل الخدمة العامة للمصلحة العامة وتقسيم متوازن للثروات الوطنية وايضا عن العائلة كخلية اساسية في المجتمع.
             
وليلة الجمعة-السبت صادق المجلس على توطئة الدستور التي تشتمل على 6 فقرات.
             
وفي الأول من حزيران/يونيو 2013 نشر المجلس التأسيسي على موقعه الالكتروني نسخة “نهائية” من مشروع الدستور.
             
وفي حينه رفضت المعارضة تلك النسخة واتهمت حركة النهضة بـ”تزوير” النسخة الاصلية من مشروع الدستور وتضمينها فصولا قالت انها تمهد لإقامة دولة “دينية”.
             
وفي 18 حزيران/يونيو 2013 أنشأ المجلس التأسيسي “لجنة توافقات” مهمتها تحقيق توافق واسع بين المعارضة وحركة النهضة حول المسائل الخلافية الرئيسية في مشروع الدستور.
             
وتعطلت أعمال اللجنة بعد دخول تونس في أزمة سياسية حادة إثر اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي في 25 تموز/يوليو 2013.
             
وصاغت اللجنة مؤخرا مسودة جديدة للدستور ضمّنتها العناصر “التوافقية” التي تم التوصل اليها.
             
ولا ينص “النظام الداخلي” للمجلس التأسيسي على وجود لجنة توافقات فيه.
             
والخميس صوت المجلس خلال جلسة عامة على إدخال تعديل على نظامه الداخلي أحدث بموجبه “لجنة التوافقات حول مشروع الدستور”.
             
وتتمثل مهام اللجنة في “النظر في المسائل الخلافية بخصوص مشروع الدستور واقتراح التعديلات الضرورية وإضافة فصول بتوافق أعضائها”، بحسب نص التعديل.
             
وبحسب التعديل، تكون توصيات لجنة التوافقات “ملزمة للكتل (النيابية في المجلس التأسيسي) بمختلف تياراتها السياسية والمجموعات الممثلة بها”.
             
ويفترض الانتهاء من المصادقة على الدستور قبل 14 كانون الثاني/يناير الحالي، تاريخ احياء الذكرى الثالثة للاطاحة بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
            
وقد تم رفع جلسة السبت عند الساعة 23,00 (22,00 ت غ). ومن المقرر استئنافها الاحد عند الساعة 09,00 ت غ.