بنغازي، ليبيا، 29 ديسمبر، فدوى القلال، اخبار قناة الآن –
مع اقتراب انتخابات لجنة الستين التي ستقوم بصياغة الدستور الليبي الجديد، تتعالى الأصوات التي ترفض تلك الانتخابات وتنادي بمقاطعتها. فهم يقولون ان الدساتير لا تُكتب وسط ذلك الاستقطاب الذي يتصدر المشهد السياسي الليبي، كما انه لا جدوى من كتابة اي دستور في ظل تردي الوضع الأمني و انتشار السلاح إذ ان الأمن هو المطلب الأول للشعب اليوم.
توجهت الى استاذة القانون بجامعة بنغازي، الحقوقية الدكتورة هناء الصديق القلال، احد أبرز الأصوات التي تتبنى قرار مقاطعة انتخابات لجنة الستين لأناقشها بخصوص الموضوع
– ما هي أسباب عدم تسجيلك للمشاركة في انتخابات لجنة صياغة الدستور؟
لعدم تغير الظروف السيئة التي ترتبت عن انتخاب لمؤتمر وطني هزيل خيب امال المواطن بل في الواقع أن الظروف اصبحت أسوأ و انعدمت الضمانات نهائيا لتوفير النزاهة لهذه الانتخابات. و أن اجراء الانتخابات في ظروف اسوأ من الانتخابات الأولى سيترتب عنها ;فشل الإنتخابات و انتاج لجنة غير توافقية لتكتب دستور أهم شروطه أن يكون توافقي بقدر الإمكان و بذلك نخسر الانتخابات كفكرة ديمقراطية لتغيير السلطة و نخسر أخر ورقة لنا للوصول بليبيا إلى بر الأمان .. الدستور
– عدد الذين سجلوا لم يتعدى ال٥٠٠ الف مواطن، بماذا تفسرين عزوف المواطنين عن المشاركة؟
المؤتمر كان أول انتخابات لكل الشعب الليبي و النتائج التي ترتبت عن انتخاب المؤتمر كانت مخيبة للأمال و جعلت المواطن يشعر أنه سبب نكسته و نكسة الوطن. فالكل يعلم أن المؤتمر لم يقدم نتائج ايجابية للمواطن البسيط بل على العكس كان سبب اساسي لتدهور الوطن و انهيار الأمن و الامان. مع انعدام المؤسسة القضائيةو الإغتيالات اليومية في بنغازي و الحدود المنتهكة في الجنوب و أهم الأسباب انعدام الثقة بشكل كامل في المؤتمر و الحكومة كل هذه الأسباب مجتمعة ترتب عنها عزوف المواطن.
– لكن هناك اخرون قرروا ان يسجلوا ويختاروا الأفضل من بين المرشحين إذ انهم يعتقدون ان العزوف عن المشاركة سينتج دستور مشوه تصيغه الأقلية و تحكم به الأغلبية… ما تعليقك على ذلك؟
– بالضبط هم سيكتبوه سيكتبوه لكم لن أعطيهم غطاء الشرعية؛ هم سيطروا على المؤتمر و هم ليس أغلبية فما بالك أنهم جاهزون لهذه الانتخابات وبقوة … مشاركتنا و جعل زخم لها سيعطيهم الشرعية و كما ترين فأن الشرعية في ليبيا تبقى حتى لو قتلت او سرقت أو انتهكت الانسانية …. بخلاف العالم الأخر الذي حدثت فيه جريمة رشوة من المسؤول او قتل او أي تهمة أو جنحة تتم استقالته و محاسبته كما يحدث الأن في تركيا..ولكن نحن يعنون نحن الشرعية نحن أتينا عن طريق صندوق الاقتراع و بذلك اضيف لديكتاتوريتهم غطاء ديمقراطية و لسرقتهم شرعية.
– كونك قانونية، ماذا تتوقعين سيكون شكل الدستور الليبي الجديد؟
ما أتوقعه كقانونية و حقوقية قد يكون بعيد عن الواقع الذي أمامنا و نعيشه اليوم و لكني أتمنى أن يكون نظام الحكم رئاسي لمدة 4 سنوات غير قابله للتمديد أكثر من مرة أخرى و أن يكون شكل الدولة فيدرالي و ليس بالمفهوم القبلي بل بالمفهوم أن يكون لدينا لا مركزية مالية و لا مركزية ادارية مع الحق بإصدار بعض القوانين في نطاق ضيق و يتم النص عليهم في الدستور … و يرتكز على حق المواطنة و تبني قوانين حقوق الانسان و الحريات مع احترام العقيدة الاسلامية ….. و يكون اسم الدولة : دولة ليبيا، أن يكون هناك الحقوق الثقافية و خاصة اللغة محمية في الدستور و أن يكون التعددية الثقافية اغناء للدولة الليبية و ليس عامل لإضعافها وزرع الفتن من خلالها
– هل تتوقعين ان المؤتمر الوطني سيقوم بالتمديد لما بعد;٧ فبراير؟
نعم هو سيمدد و هو فعل ذلك حقا من خلال خارطة الطريق التي ستمدد له في الظاهر 10 أشهر و لكن من خلال قراءة خارطة الطريق ستجدين أن المدة يمكن تمدد بشكل غير محدد و أن الصياغة هلامية و هناك تحايل و أعتقد أن هذه الخطوة ستكون قاتلة لبناء ليبيا و ستكون بداية النهاية لمحاولة البناء و الدخول في دوامة المواجهات الدموية… للأسف
– من برأيك يتحمل مسؤولية ما وصل اليه الحال في ليبيا اليوم؟
الغرور و التعنت و التهميش من قبل المجلس الانتقالي و معاملة ليبيا كغنيمة من قبل الأحزاب..و تقسيم الغنائم بين اللاعبين و الصراع عليها قبل أن يكون لدينا دولة…. و تكبر من استلم الحكومات الثلاثة و عدم فهمهم جميعهم لطبيعة المرحلة الانتقالية و أنها لا تتمحور حول الرواتب و المزايا و المحسوبية و لكن تتمحور حول العطاء و التضحية و العمل المستمر التوافقي من أجل الوطن .. للأسف الشديد ما زرعه المجلس الانتقالي و حكوماته استمر فيه المؤتمر و حكومته و مع انعدام مفهوم المحاسبة و الاعتراف بالخطأ و تحمل المسؤولية و الاستقالة ترتب عنه أن الجميع اصبح فوق القانون و شهدنا طفرة كبيرة من الفساد سبقت حتى عهد القذافي.. لأن أصبح الجميع محصن فأنتشر الفساد و ترسخ مفهوم وطن الغنيمة …
– ما هو المخرج من هذه الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد من وجهة نظرك؟
في البدء كان رأيي أن يحاول اللاعبون الأساسيون من فيدراليين و تحالف و أخوان و اسلاميين للجلوس للحوار و الوصول لصيغة توافقية مع ميثاق شرف يلزم الجميع و لكن للأسف الحوار أصبح صعب مع إصرار الجميع التعنت و عدم الاستماع إلا لنفسه و الكل يرى عيوب غريمه و لا يرى عيوبه و مسؤوليته عن ما يحدث لذا بالنسبة لي أن الحل البديل هو :
أن يتم الرجوع إلى نقطة الإنطلاق إلى تاريخ الاستقلال و دستور 1951… و يتم الانتخابات لبرلمان و حكومة، إذ يصبح لدينا برلمان و حكومة في فترة قصيرة.و منه تكون لدينا مؤسسات وبذلك نكون قد قفزنا المرحلة الانتقالية، ليتم من خلال السلطة الجديدة اختيار لجنة لتعديل الدستور و يتم عرضه للاستفتاء على الشعب.
الإنتقال من المرحلة الانتقالية سيجعل الكثير من الأمور تتوقف و منها ننتقل إلى بناء الدولة و تعديل دستور 1951 بما يتوافق مع ما يريده الشعب اليوم و نتخلص من المؤتمر و كل الأحزاب الموجودة التي يقع عليها المسؤولية لما وصلت إليه ليبيا و نبدأ من الأول، لأن بعد فشل القذافي في بناء ليبيا فشل كل من المجلس الانتقالي و المؤتمر و حكوماتهم!
لنرجع الى نقطة البداية … و ننطلق بخطوات هادئة للتغيير