عرسال، لبنان، 15 ديسمبر، مالك أبو خير، أخبار الآن –  

تجدهم ينتظرون قدوم اي محطة تلفزيونية بفارغ الصبر، وما ان تقف الكاميرا امامهم حتى ينفجرون كقنبلة موقوتة، منهم من يريد غطاء لطفله وآخر يريد موقدة حطب وأخر يقول ان الامم المتحدة قامت بفصله من المساعدات وهو الآن يأخذ طعامه وطعام اولاده من المتبرعين، فيما امرأة تصرخ “اريد شيئاً يدفئ اطفالي انهم يموتون من البرد”.

قد نحتاج للحديث كثيراً لنقل الحقيقة، لكن بمجرد النظر الى وضع الخيم تعلم ان هناك كارثة قد وقعت، وجوه الاطفال واضح عليها أثار البرد فمعظم الخيم لا تحتوي على مواقد للتدفئة واذا وجدت فمادة المازوت غير متوفرة بشكل يكفي مواجهة قسوة البرودة.

عند وصول كاميرا تلفزيون الآن الى المخيم وقفت ام ربيع اللاجئة من مدينة حمص وقالت: “اريد ان اقول كل مافي قلبي لقد قهرنا بما فيه الكفاية”، وتضيف:” منذ بدء العاصفة واولادي من دون تدفئة وقد تجمدت كل اطرافهم من البرد نحن اربعة عشر شخصاً نسكن في خيمة واحدة لا يوجد فيها سوى فراشين واربع اغطية وكأننا ننتظر الموت البطيء كل يوم ونقول في انفسنا هل سنبقى أحياء حتى طلوع الشمس”.

ابو مازن لاجئ من ريف دمشق هو الآخر وقف مصراً على قول ما يريد حيث يقول: “في كل يوم يأتي إلينا أشخاص ويقدمون الوعود لنا ثم يرحلون، نحتاج لمزيد من الخيم، وحتى الخيم الموجودة منها سقط فوق رؤوس سكانها، نحن بتنا وكاننا نتسول الحياة من الآخرين، يكفي النظر الى وجوه سكان المخيم حتى تعلم مقدار الالم الذي يسكن قلوبهم”.

المؤلم بما شاهدناه هو موضوع السرقات التي باتت واضحة للجميع والتي يقوم بها من يعمل على ايصال مساعدات للاجئين ومنهم سوريين انفسهم، يتاجرون بحياة اللاجئين بحرمانهم من مخصصات قدمت إليهم ويعملون على بيعها بدلاً من ايصالها الى تلك المخيمات. 

ابو محمد لاجئ من مدينة حمص يقول: “وصلت سيارة تحتوي حوالي 70 موقدة حطب ومازوت وارتجل منها شابان الأول يحمل كاميرا والثاني طلب منا الوقوف خلف بعض لتوزيع المواقد علينا، وفيما الاول يقوم بالتصوير كان الشاب الثاني يوزع على الواقفين وعندما قام بتوزيع ثلاثة مواقد فقط، اطفئ الاول كاميرته وصعد إلى السيارة فيما الثاني طلب منا الابتعاد عن السيارة ومن ثم رحل، لنتفاجأ فيما بعد ان جميع المواقد التي كانت بالسيارة تم بيعها في القرى المجاورة لنا وبنصف سعرها الحقيقي فيما هي كانت مخصصةً لتوزع علينا مجاناً”.

الأمم المتحدة هي أيضاً كان لها نصيب من الانتقادات بعد أن قامت بفصل عدد كبير من اللاجئين في مخيمات عرسال من الحصول على المساعدات، والأسباب حتى الآن غير واضحة، فهناك مئات العائلات حرمت من الحصول على حصص غذائية ومواد تدفئة ومعظمها غير قادر على العمل نتيجة عدم توفر فرص وبالتالي بات وضعهم في غاية السوء.

مراد أب لثلاثة أطفال تم إيقاف تقديم المساعدات له من الأمم المتحدة حيث يقول: “لم يعد هناك اي مصدر للدخل لدي، فانا وصلت الى عرسال عبر جبال القلمون أي ان دخولي غير شرعي، ولا استطيع الخروج من مدينة عرسال لعدم توفر أوراق نظامية لدي، الأمر الذي يجعلني أسيراً هنا، وكنت اعتمد على ما تقدمه الأمم من معونات وقد تم فصلي مؤخراً دون سبب مقنع، وبالتالي لا يوجد لدي طعام كافي ولا وقود للتدفئة ولولا مساعدة بعض أهل الخير لي لكان أولادي تجمدوا من البرد”.

في عرسال يوجد كثير من القصص المؤلمة، والحرمان والإهمال هما اهم أسبابها، فيما الانتظار هو سيد الموقف للجميع، هذا الانتظار الذي دام ثلاث سنوات وقد يطول أكثر في ظل تجاهل دولي واضح لهم وازدياد في إعداد القادمين لهذه المدينة مع استمرار المعارك في الداخل السوري.