كابول، افغانستان، 20 نوفمبر، الفرنسية
يروي الفنُ المعاصر في أفغانستان الحربَ الدائرة في هذا البلد جامعا بين الجرأة والاستفزاز. وقد تم اختيارُ عشرة شبان من بين مئة ِمرشح ٍللمشاركة في معرضٍ استثنائي في كابول.
– قد تشكل الأعمال الفنية الحديثة التي تصممها مجموعة صغيرة من الفنانين الأفغان صدمة أو مصدر حيرة للأجانب، وهي قد تفاجئ حتى خبراء الفن الذين يجولون على معارض نيويورك ولندن وطوكيو.
في استوديوهات صغيرة وغرف ضيقة في كابول، يصمم هؤلاء الفنانون أعمالا تبدو بعيدة كل البعد عن وضع البلاد حيث يكمن الهم الأول للسكان في الصمود في وجه أعمال العنف التي تمزق أفغانستان منذ 12 سنة.
وهم يستمدون وحيهم من اعمال بيكاسو وداميين هيرست والمعارض الصيني آي ويوي وأيضا من الحرب الطويلة التي عاشوها في بلدهم والتي لا تغيب عن ابتكاراتهم.
فيستخدم مثلا عارف باهادوري البالغ من العمر 22 عاما ضمادات طبية ليصنع صورا ثلاثية الأبعاد في الاستوديو الذي استأجره في جنوب كابول في مقابل مئة دولار في الشهر الواحد. وهو يحضر اليوم عرضا فنيا يمتد على ثلاثين دقيقة.
وهو صرح لوكالة فرانس برس ان “هذه المبادرة هي الأولى من نوعها في أفغانستان … وأنا لا أعرف بعد بالتحديد كيف ستجري الأمور لكنني سأعبر من خلال هذا العرض عن هويتي ومشاعري العميقة”.
وسيقدم عريف باهادوري عرضه في إطار فعاليات المسابقة على جائزة الفن المعاصر في أفغانستان وهي مسابقة سنوية الهدف منها تشجيع الفنانين المحليين على توسيع نطاق اعمالهم.
وأقر الفنان “احلم بأن أصير فنانا محترفا، لكن عائلتي ليست راضية على ذلك فقد أوقفت دراساتي في مجال علم النفس لسنة لأحقق طموحاتي…وعائلتي لا تفهمني”.
وهو تابع قائلا “أستخدم الضمادات لتجسيد المعاناة والجراح المضمدة وآمل أن يساعدني عرضي على السير في اتجاه جديد”.
وقد اختير 10 فنانين من اصل 106 مرشحين للمشاركة في الجولة الأخيرة من المسابقة التي تمولها جمعية “توركواز ماونتن فاوندايشن” وهي جمعية أفغانية تعنى بالفنون.
ويشارك المتسابقون في ورش عمل ومحاضرات مكثفة تمتد على أسبوعين للتعمق في مجال الفنون الحديثة ويمهلون شهرا واحدا لتصميم قطعة فنية تقدم خلال معرض افتتح في السادس عشر من تشرين الثاني/نوفمبر.
ومن بين المرشحين الآخرين للمرحلة النهائية من المسابقة أورنا التي ترشح ظهرها العاري للفوز في مسابقة تنظم في بلد محافظ معروف بتشدده الديني.
وقالت اورنا البالغة من العمر 22 عاما “سيمثل ظهري جسدا ليس له ذراعان أو رجلان”.
وتابعت “ولدت في المنفى في إيران، وهذه هي ردة فعلي على قدومي إلى أفغانستان التي ينتشر فيها الأشخاص المبتورو الأعضاء من جراء القذائف والألغام”.
وأقرت اورنا بأن عائلتها لا تعرف شيئا عن أعمالها الفنية التي قد تحير الكثير من الأفغان، لكنها تحظى بدعم وطيد من زملائها الفنانين في كابول.
وأشارت الفنانة إلى أن الكاتب الألماني فرانتس كفكا هو مصدر إلهام لها، مؤكدة أن “بعض الأصدقاء قلقون من أن تسبب لي هذه الخطوة مشكلة، لكنني مصممة على اتخاذها”.
ويعمل الفنانون تحت إشراف فرانشيسكا ريكيا هي أكاديمية إيطالية تعيش في كابول أقرت بأن هذه التجربة كانت من أفضل التجارب التي خاضتها خلال عملها في مجال الفنون.
وهي كشفت “ليس من السهل تنظيم هذا النوع من المسابقات في كابول، لكنها تساعد الفنانين على ابتكار أفكار جديدة … حتى ان بعض الأعمال المعروضة ترتقي إلى مصاف المعايير الدولية”.
ومن أبرز الأعمال المعروضة في المسابقة جمجمة بقرة نافقة حشاها بكير أحمدي بالطين ووضع حولها كتل شعر.
وتقدم في هذه المسابقة التي اطلقت في العام 2008 جائزة أولى قدرها 1500 دولار أميركي وثانية قيمتها 800 دولار.