جرمانا، ريف دمشق، سوريا، 5 نوفمبر، (مالك أبو خير، أخبار الآن) –

في إحدى تصريحات وزير الخارجية السوري وليد المعلم قال: "نحن نرسل قواتنا لحماية جرمانا ولحماية باب توما" ضمن رسالة يود من خلالها أن يوصل إلى العالم الخارجي أن النظام يحمي الأقليات".

"الأقليات" هذا الحائط الذي اختبأ النظام السوري خلفه طوال سنتين ونصف من الثورة، وجعلهم رهينة له وتحت سيطرته، بعد أن جعلها امام خيارين لا ثالث لهما، إما البقاء تحت حمايته او فريسة لتنظيمات متشددة استطاع النظام ان يخترق بها الثورة السورية ويحركها كما يشاء.

جرمانا ذات الغالبية الدرزية والتي كان رجال اللجان الشعبية من أبناء المدينة نفسها التابعة للنظام ومازالوا المتحكم الاساسي بتفاصيل امورها وبدعم من اجهزة الاستخبارات السورية التي جعلتهم في الواجهة وتركت لهم حرية التصرف، فتراهم يعتقلون من يشاؤون وأحياناً يسطون على المنازل بحجة حماية الأمن ويمارسون تجارة المخدرات تحت علم وإشراف النظام نفسه، دون نسيان دورهم السلبي وحتى الإجرامي في المشاركة في خنق الغوطة الشرقية عبر منع وصول المساعدات الغذائية إليها وممارسة كافة أنواع التسلط على من يتم إلقاء القبض عليه عبر حواجزهم، ولدرجة باتوا هم يقدمون الصورة عن أبناء المدينة.

"معين . م" من أبناء مدينة جرمانا ومن أهم الناشطين في الثورة منذ بدايتها يؤكد أن تصرفات اللجان وعدم قدرة الأهالي على كبح تصرفاتهم هو من جعل المدينة رهينة بيد النظام حيث يقول:" لا ننكر عجزنا عن فعل أي شيء في ظل انتقاء أكثر الأشخاص سوءاً من أبناء المدينة في اللجان الشعبية، وهم أشخاص معروفون بسجلهم غير الأخلاقي واتخذوا من حماية المدينة وسيلة لممارسة كل أعمال النهب والسرقة، فيما نحن ليل نهار على تغطية الحجم الضخم من اللاجئين القادمين من مختلف المدن السورية، وهناك فرق تعمل على تامين الإيجارات وأخرى على تقدم وجبات طعام للساكنين في المدارس والتي هي الأخرى باتت عاجزةً عن استقبال المزيد".

بالمقابل حشد النظام معظم قواته عند اطراف المدينة ممارساً سياسية الخنق على الغوطة الشرقية والتي عمل على تطويقها من كل الجهات وليس من خلال جرمانا فقط، لكن النقطة العسكرية الاهم والتي تعتبر مركز القصف الاكثر وحشيةً بحق الغوطة الشرقية هي ما يعرف ( بإدارة الدفاع الجوي ) والتي تتركز فيها اهم قوة عسكرية للنظام بدمشق حيث تقوم بالقصف بشكل شبه يومي على الغوطة.

الجيش الحر في المقابل يرد على هذا القصف عبر قذائف الهاون، والتي يدفع ثمنها اهالي مدينة جرمانا إذ تتساقط عليهم يومياً ما بين ( 10 – 40 ) قذيفة لا تصيب كلها النقاط العسكرية وانما تصيب المدنيين حيث تجد كل يوم اسماء المصابين بالعشرات منهم من سكان المدينة ومنهم من النازحين.

"مازن ع" يعمل في مجال الاغاثي من سكان السويداء ومقيم في جرمانا يقول:" المدينة اليوم باتت مجرد رهينة بين أخطاء القصف التي يمارسها الجيش الحر ويستغلها إعلام النظام لمصلحته عبر عرض أسماء المصابين والشهداء، وبين احتجازها من قبل قوات النظام واستخدامها كدرع إعلامي وعسكري في حربه ضد أهلنا في الغوطة المحاصرة، فهو يمارس أكثر أنواع الحصار قذارةً، مع قصف يومي دون نسيان الطيران الذي لا يغادر سماء المدينة طوال النهار، وعندما يكون الرد من الجيش الحر في الغوطة يدفع فقط المدنيون ثمن هذا الرد لكون قذائف الهاون لا تستطيع تحديد الهدف بشكل دقيق".

لعل النظام استطاع ترهيب الاقليات من فكرة التشدد والتطرف، وساعدت ظهور التنظيمات التكفيرية التي ساهمت في ترويج فكرة النظام في الترهيب واعتماد مبدأ الصمت لدى معظم الاقليات والتي كان ابناء جرمانا وباب توما وحتى ابناء السويداء منهم، جاعلاً من هذه المناطق مجرد اداة للمفاوضة عليه تحت اسم (حماية الاقليات) وبنفس الوقت تجده لا يرحم اي تحرك ضده منها حتى لو كان بشكل فردي، وقد استقبلت مدينة جرمانا العديد من ابناء جثث توفيت تحت التعذيب نتيجة نشاطهم ضد نظام الاسد.