ريف دمشق، سوريا، 4 أكتوبر، (جابر المر، أخبار الآن) – لا ينسى أبناء الغوطة الغربية كيف نخر برد الشتاء الماضي عظم أبنائهم حين عجز الأباء عن تدفئتهم في شبه انعدام للمحروقات، ويحاولون اليوم استباق الكارثة بتأمين البدائل البدائية لتفادي آلام البرد، مما يعرض ميزة الغوطة الرئيسية وهي بساتينها لخطر حقيقي مع العلم أن أشجارها لا تؤمن سوى بديلا مبدأيا عن نقص المحروقات الأساسية.

برد عارم

يقع قسم كبير من الغوطة الغربية في مواجهة جبل الشيخ المسمى كذلك لأن الثلج فوقة لا يذوب على مدار العام، وعلى اعتبار المناطق المواجهة له مناطق مفتوحة قليلة الأبنية وكثيرة البساتين تعتبر هذه المناطق إحدى أكثر أماكن الريف الدمشقي بردا في فصل الشتاء، وفي مطلع الشتاء الماضي لم تكن خان الشيح ودروشا على سبيل المثال قد تعرضت للقصف بعد وكانت تضم العديد من النازحين الذين لم تطل إقامة البعض منهم لعدم قدرتهم على مقاومة بردها القاسي.

نقص في المحروقات

في ظل الطلب المتزايد على المحروقات في فصل الشتاء يرتفع سعر المازوت فيصبح حلما لدى أغلب سكان هذه المناطق، وتتضاعف صعوبة تأمينه مع عطالة معظم أبناء هذه المناطق عن العمل بسبب القصف والحصار الذي تتعرض له هذه المناطق فيصبح الحطب بديلا عن المازوت من حيث التدفئة وبديلا عن الغاز الذي يخضع لنفس شروط تأمين المازوت وهو ندرة وجوده وارتفاع أسعاره، فتضطر النسوة مع بداية هذا الفصل إلى تجهيز أماكن في حديقة المنزل غالبا للطبخ على الحطب. تقول أم صافي ” الطبيخ عالحطب بياكل نص النهار غير إنو منموت برد وبتضل إيدينا محروقة”.

تجار ولصوص لا يرحمون

لا ضير من اقتطاع بعض الأشجار للتدفئة هكذا يعبر معظم أهالي المنطقة عما يجري، ويقول أبو محمود ” المصيبة بالناس اللي بلشت تقص بهالشجر وتخزن لحتى يتاجروا فيه بالشتا، والقصة مو قصة تجار صغار اليوم بلشت تطلع عصابات عمتقص شجر كتير وتتاجر فيه”، وللسبب الذي تحدث عنه أبو محمود أصدرت الهيئة الشرعية التابعة للجيش الحر في دروشا وخان الشيح أوامرها بأن من يريد أن يقطع شجرة عليه أخذ الموافقة منهم وإلا سيتعرض للعقوبة.
هاشم أحد أفراد الجيش الحر يبرر الأمر بالتالي: “نحنا كتير منقدر الناس اللي بدها تتدفا، بس إذا مين ما بدو يروح يقص من الشجر عكيفو خلال شهر بيكونو التجار قصوا شجر المنطقة كلها، مافي مشكلة باللي بدو يتدفا، المشكلة مع اللي بدو يتاجر”. “أنا ما بقص غير شجر سرو أو حور أما الزيتون والشجر المثمر فحرام، وأنا ما بقرب عليه” هكذا يضع علي قواعد لنفسه قبل الذهاب للتحطيب.

ومع محاولات ضبط عملية التحطيب هذه، إلا أن الثروة الزراعية في هذه المناطق هي اليوم تحت خطر كبير فالمنطقة خسرت أشجارا معمرة تحتاج لسنين حتى تستطيع إعادتها، معظمها أشجار مثمرة كالزيتون والمشمش الذي يعتبر خشبه من أجود أنواع الحطب حسب السكان. لكن حجم الكارثة التي يمكن ان تحصل جراء نقص موارد الدفء والطهو يبقى أكبر بكثير.