دمشق، سوريا، 18 سبتمبر، (سيف الدين محمد، أخبار الآن) – أيهما يكون أكثر أهمية بالنسبة اللمواطن والعائلة السورية: تأمين القوت اليومي أم ملاحقة آمال السياسة بالتحرر والكرامة؟!

إحباط مزدوج
تلعب السياسة وأسعار المواد الغذائية الأساسية دورهما في قض مضجع الحياة اليومية للسوريين، وإن كانت السياسة وأخبارها قد تم اعتيادها وتوقع ما يأتي منها، فإن تأمين مستلزمات الحياة اليومية بحده الأدنى هو الهاجس اليومي للعائلة وأفراداها وتكوينها وعددها في ظل نزوح مستمر وضائقة اقتصادية هي الأشد منذ حكم عائلة الأسد للبلاد.

تهتم العائلة السورية مرغمة، على تأمين المواد الغذائية الأساسية مثل الرز والسكر والزيت والبرغل والخبز، وهي المكونات الغذائية التي تسمح بتكوين “طبخة” تسد بالكاد رمق العائلة.

يتوزع النازحون على مناطق مختلفة من مدينة دمشق عدا عن الذين بقيوا في أماكن سكنهم. وكل منطقة سكنية عادة ما يغطيها سوق للخضار والمواد الغذائية قريب منها إلى حد ما.

زيادة ونقص الأسعار ..
من خلال مراقبة أسعار المواد الغذائية الأساسية لمدة ثلاثة أيام في أربعة أسواق في دمشق، وهي (سوق باب سريجة .. وسوق الهال القديم .. وسوق الشعلان .. وسوق الزاهرة)، توضح معنا التالي:
يعد سوق باب “سريجة / الفحامة” من الأسواق المتوسطة المستوى والأقرب إلى الشعبية، ومع ذلك فإن أسعار المواد الغذائية الرئيسة لا تناسب ذوي الدخل المحدود من جهة وكذلك الأسر النازحة. ومثله سوق الهال القديم القريب من شارع الثورة وسوق الزاهرة الشعبي الذي يتمركز تحت المتحلق الجنوبي وسوق الشعلان الذي يبيع بضعفي الاسعار عما هي عليه في السوق.
– بمقارنة أسعار المواد الغذائية بين هذه الأسواق نرى ما يلي، (الأسعار بالليرة السورية والتي تعادل نحو دولار لكل ٢٠٠ ليرة):

تتقارب أسعار سوقي السريجة وسوق الهال، فسعر كيلو الرز 200 ل.س وخلال ثلاثة أيام لم ينخفض وبقي على حاله إلا في بعض حالات نقصان خمس ليرات من الكيلو. أما السكر فبقي عل سعره أي 110 ل.س والبصل بين 35-45 ل.س والشاي فسعر الكيلو 1500 ل.س والقهوة بين 1000-1300 ل.س والعدس 200 ل.س والبطاطا 115 ل.س. أما ليتر الزيت الأبيض (النباتي) فوصل إلى 400 ل.س.

أما الخضار التي تكون مادة رئيسة للطبخة اليومية فأسعارها تزيد وتنقص بحسب قدومها من الريف الدمشقي والذي لم يعد يصدر في الفترة الأخيرة إلا الشهداء.
وتنخفض قليلا تلك الأسعار لكن بشكل ضئيل جدا في الأسواق “الطيارة” التي تتمركز في مناطق مثل الزاهرة الجديدة أو البرامكة قبل طرد البائعين.

أما سوق الشعلان الشهير بالإزياد المذهل لأسعاره فهو يبدو حالة من عدم الاكتراث بالناس بل واحتقار الزبائن من خلال الأسعار المضاعفة فالرز مثلا يباع بسعر 320 ل.س والشاي بـ 2100 ل.س وهو ما ينطبق على الخُضر فالبطاطا تباع هنا ب 190 ل.س مقابل 115 في الأسواق الأخرى.  حتى أسعار المشروبات مثل الكولا والعصير فإنها تزيد على السعر المتعارف عليه ب 25 ليرة على الأقل.

تحدثت إلى بائع لا يعترف بغلاء الأسعار ويضع الزبائن تحت الأمر الواقع، وبعد جدال طويل قالها ببساطة: “هاد اللي عنا يابي اللي مو عاجبو يورجينا عرض كتافو”.

الدولار وأسعار المواد ..
وهنا نذكر أن أسعار المواد الغذائية قد تضاعفت حين بدأت الليرة السورية بالإنهيار مقابل الدولار الأمريكي، لكن عودة انخفاض سعر الدولار لم يساهم في انخفاض الأسعار.
وعن سبب ذلك يرى البائع: أبو دياب في سوق ساروجة: “ما في رقابة ومافي رحمة والله عم نتكلف كتير لحتى توصل البضاعة لهون وبدك تراضي عناصر الحواجز وياخدوا شوية خضرة وفواكة .. كلو هادا خسارة والأسعار على حالها عمي لأن ما في رقابة .. لك مافي دولة بنوب”.

في هذا المشهد يبدو سوق الهال القديم صورة مصغرة عن قلة النسبة الشرائية، فما ينفد بسرعة هو المواد الرخيصة مثل البصل والبقلة والفليفلة وقليل من البندورة أما الفاكهة فالناس لا تشتريها ولا تهتم بها.
في ظل غياب الرقابة التموينية وغياب أي جهة مدنية تستطيع الشكوى إليها فلا يبقى أمام العائلة السورية إلا البحث عن أكثر الأسواق رخصا وانتظار بعض المساعدات المقدمة من هيئات مختلفة، على ندرتها هي الأخرى.