دمشق، 2 سبتمبر 2013، هلا بلخي ، أخبار الآن – على أبواب البقاليات ترى أكوام الكراتين المعبأة بالغذاء , مع عروض خاصة لجذب الناس ! تقترب إحدى السيدات لتشتري فتنظر إليّ و تبتسم و تهمس في أذني ( يا خوفي نشتري ع الفاضي و ما يصير ضربة ) ..
في محل قريب، كان البعض يشتري حقائب  السفر الكبيرة الحجم , و يهيئ نفسه لنزوح جديد !
لم تمت شوارع دمشق ولا لحظة واحدة , الكل يتسوّق و يصوّر و يتصوّر و كأنه الوداع , المقاهي فيها بعض شباب وصبايا وكبار سن والكل يشغله موضوعٍ واحد و يدور في ذهنهم  التساؤل كبير .. ( وين رح نتخبى؟ )
في الصيدلية، سألت عن أدوية لم أجدها لا هنا ولا في صيدليات أخرى لكثرة الطلب عليها ! كالمهدئات للكبار و منوم الأطفال .. و أنسولين لمرضى السّكري .. فقد خطّطت الأمهات لتنويم أطفالهنّ أثناء الضربة , لتفادي إصابة الأطفال بالهلع و  يخشى المصابون بالسّكري من أن ينال منهم الخوف فيودي بحياتهم !
أما، فرن الخبز فله حكايةً أخرى في دمشق .. الناس يتراكضون بالمئات لتموين الخبز.. تحدث الشجارات  فيتدخّل رجل الأمن بإطلاق رصاصة في الهواء فيهرب من يهرب و يبقى من أصرّ على تأمين الخبز لأطفاله عير مكترثٍ بأمر الرصاصة التي أودت بحياته سلفاً و مراراً و تكراراً !
بعض الدمشقيين بات يشتري الكعك حتى يقيموا أودهم بالكعك و الشاي في حال نفاد الخبز .. و منهم من بدأ بالتقليل من المأكولات التي تُتَناول مع الخبز .. ومنهم من يشتري البزر و المتة لاستبدال الهلع بمتعة المشاهدة ….
في مكان آخر من دمشق و حاراتها الشعبيّة قالت لي صديقتي ( جارتي النازحة تنشر دبس البندورة على السطح استعداداً للضربة ) !! فهناك حقاً من لا يكترث لأمر الضربة؛ إنهم أولئك الذين عاشوا عامين تحت وابل  الرصاص و قذائف الهاون .. لا يعني لهم شيئاً صاروخ من نوعٍ آخر اليوم !
المقاهي التي ما زالت فاتحةً أبوابها في دمشق تعجّ بالناس .. إلا أنها باتت قليلة .. و تعدّ على الأصابع .
يقول لي رجل طاعن في السن ( يا عزيزتي الحرب تحتاج للمونة .. و المونة تحتاج للمال .. هذا النظام نشفّنا ع الآخر ! خلينا نروح بهالحرب و نخلص ) .
بينما يقول لي شاب في مقتبل العمر بسخرية  ( سننجو و نتعرّف على الكروز أفندي ) !!
يتساءل بعض الشباب في المقهى ( هل سيعلن النظام الخطر و يطلق الزمور؟ ) فيجيبه آخر ( تصور الوقاحة يا رجل بيعملها ! )
أما حين يحلّ الليل نجلس كلنا في البيوت على الشرفات بانتظار ضوء في السماء و قد تخيب توقعاتنا !
دمشق خائفة حقاً  لكنها لا تموت ….. بل حتى إنها لا تغفو أميرةَ الياسمين تلك .. و تنتظر المجهول .