معضمية الشام، ريف دمشق، سوريا، (فرح الشامي، أخبار الآن) – في زيارتي للمشفى الميداني بعد قصف قوات النظام مدينة معضمية الشام في الريف الغربي بصواريخ كيماوية استطعت أن أتحدث قليلاً إلى أبو رامز وهو طبيبٌ في المشفى الميداني يبلغ من العمر ثلاثين عاما الذي شاركَ منذُ بداية الثورة في إسعافِ الجرحى وكان يعالج الجرحى في عيادته متواضعة الإمكانيات في الخفاء وغالباً في البيوت، وهو من أوائل الناس المتطوعين للعمل في المشفى الميداني للمدينة حين تم تشكيله.
كما قابلت مجدي الطبيبٌ الجراح ذو الثلاثة والأربعين عاما وهو من الأطباءِ الذين بقيوا في المدينة رغم كل الظروف وشارك في العمل الثوري الطبي منذ بدايات الحراك السلمي في المدينة وفي دمشق و ريفها ككل.
كان الطبيب أبو رامز يعاني من تحسسٌ قوي وصداعٍ ودوارٍ شديدين جراءِ إسعاف المصابين بالأسلحةِ الكيماوية،
سألتهُ كيف حالك فلم يجب
ثم أطرقَ رأسهُ قائلاً: “والله ما بعرف ”
أبو محمد هو أحد المرضى الذين كنت أعالجهم، بُتِرت ساقهُ مسبقاً في إحدى عمليات الجيش السوري الح
رُغمَ كلِّ شيء كانَ لديهِ تفاؤلٌ وقوةُ تكفي وطناً بأكمله،
البارحة استشهد خنقاً .. و
شاكر أو الشهيد شاكر البارحة كان موعد تغيير ضماده ولكنهُ أتاني شهيداً أيضاً،
الحاجة أم علي اليوم كان عليّ أن أعطيها إبرة الأنسولين واستشهدت البارحة أيضاً.
سبعة عشر صاروخاً ذوات رؤوس كيماوية وحسب اعتقادي الشخصي فإن المادة المستخدمة هي الفوسفات الحيوي، وقد كانت كافيةً لقتلنا جميعاً ولكن اتجاه الريح قد ساعد في تشتيت المواد السامة، الدكتور مجدي أكد هذا الكلام ونوه أن هذه الصواريخ قد قامت بسحب الأوكسيجين من الهواء في الأماكن المغلقة وبثت خليطاً من الغازات السامة مسببةً حالات اختناق ووفاة مباشرة كان عددها 70 حالة، وكانت هذه الغازات سبباً في تنشط أزمات الربو لدى مرضى الربو إلى درجة حادة، وكل مرضى الربو الذين تعرضوا للمواد الكيماوية هم مشروع شهيد، ووصل عدد المصابين إصابةً مباشرة إلى ما يزيد عن ألف حالة.
كثيرٌ من الأشخاص الذين لم يتعرضوا لإصابة مباشرة ولكنهم بادروا إلى إسعاف المصابين دون إدراك خطورة الوضع وأخذ الإحتياطات اللازمة قد فارقوا الحياة بعدها أو عانوا من أعراض شديدة ونجوا بإعجوبة، بينما تعرض جميع الأهالي المتواجدين في المدينة إلى إصابات غير مباشرة تتراوح بين المتوسطة والبسيطة.
يعاني المشفى الميداني هنا نقصاً شديداً في جميع المستلزمات الطبية والأدوية وخاصةَ إبر الأتروبين الضرورية لدى الإصابة بالمواد الكيماوية. يقول الدكتور مجدي إن هناك تخوفات أيضاً لدينا بالنسبة للسيدات الحوامل كيف سيكون مدى تأثير استنشاق هذه المواد السامة عليهن، حتى الآن ليس لدينا تخيل واضح لمدى هذا التأثير عليهن لعدم التأكد تماماً من المواد المستخدمة في الصورايخ. إحدى الوفيات بالكيماوي هي سيدة حامل في شهرها السادس ولكن بالنسبة للحوامل الذين أصيبوا إصابة متوسطة وبسيطة كانت الأعراض لديهن كما هي لدى الجميع، ( شلل جزئي، تضيق في الحدقة، آلام صدرية، إختلاجات، مغص، إسهال، إقياء، حرارة، صداع شديد)، وذلكَ في ظل فقدان السيرومات بكافة أنواعها الضرورية لتعويض الغذاء لدى المصابين بالجفاف جراء الإسهال والإقياء.