زملكا، ريف دمشق، سوريا، (محمد صلاح الدين، أخبار الآن) – كانت الساعة تقارب الخامسة عصراً .. عندما اخترق الطيران الحربي جدار الصوت محلقاً في أجواء الغوطة الشرقية .. كانت أصوات انفجار القذائف المدفعية والصاروخية تعزف سيمفونياتٍ من القتل والدمار ..لكنّ غارةً جويةً أولى استهدفت المبنى الذي أقيم فيه كانت كفيلةً بكسر نوافذ وأبواب أحد مكاتب أخبار الآن في ريف دمشق والكائن في مدينة زملكا رغم أنّها لم تحقق إصابةً مباشرة.

غارةً أخرى تلتها بدقائق قليلة أصابت المبنى الذي يحوي شقة المكتب .. لقد تحول المكتب في لحظة واحدة إلى أنقاض .. احترقت مولدة الكهرباء .. ودمِّر جهاز الانترنت .. تصدعت الجدران وانهار بعضها .. علا صراخ الأطفال في الشقة المجاورة .. وبدأت النسوة تبكي من هول ما جرى .. هرعت ومن معي لإخلاء المبنى من قاطنيه .. لقد كان عددهم يفوق عشرين طفلاً وامرأة .. بدأنا بنقلهم إلى سياراتٍ استنجدنا أصحابها ليساعدونا بنقلهم .. كانت القذائف لاتزال تنهمر علينا كما المطر .. كان الخروج بسلام أشبه بالمعجزة .. استطعنا تأمين الأطفال والنساء ..

عدت ألملم أهمّ أغراضي .. لقد سلمَ حاسبي من القصف فيما تحول هاتفي النقّال الى أجزاءٍ من بلّور مكسور .. حملتُ أغراضي ثمّ غادرت المكتب غيرَ راغبٍ في ذلك .. فقد أمضيت فيه أحد عشرَ شهراً .. انقل منه صورة ما يجري في سوريا إلى العالم أجمع .. أردتُ أن أستقلّ دراجتي النارية .. لكنها لم تكن قد سلمت من القصف .. لكنها ساعدتني على مغادرة المكان الذي بات أشبه بآثارٍ تعود لعصورٍ مضت .. غادرت ودمعة الحزن في عيني .. وقلبي يحدّثني بأن لا بدّ من العودة إلى المكتب وإصلاحه.. هم أرادوا قتلوا الحقيقة وطمس معالمها .. لكنني أقول: ليس بعد.