معضمية الشام، ريف دمشق، سوريا، (فرح الشامي، أخبار الآن) – في صباح ذلك اليوم استيقظت ليلى على صوتِ طرق الباب وأصواتِ صراخٍ “كيماوي .. ضربونا بالكيماوي”، تقولُ السيدة ليلى أول ما فكرت به في تلك اللحظة هو ابنتي التي لم تكمل شهرين من العمر ووالدتي التي تعاني من الربو، لم أدري بدايةً إذا كان يجبُ أن ننزلَ إلى الملجأ أو نصعد إلى الطابق الأعلى فلم نمر بمثلِ هذا الظرف من قبل بالرغم من أننا نعرف وحشية النظام و لكن لم نتوقع أن يستخدم الكيماوي في منطقةٍ كالمعضمية التي تُعدُ أقربَ مناطقِ الريف إلى مطار المزة العسكري ومساكن الشبيحة في منطقتي السومرية والـ 86. نظرتُ من النافذة كان الحي مكتظاً بالمارة، كانت نسبةُ انتشارِ الغازات في حيّنا أقل بكثير من الأحياءِ الأخرى فكانت الأعراضُ والتأثيرات هنا على الناس أقل. رغمَ ضيق التنفس الذي عانينا منه اضطررنا إلى النزول للملجأ بسبب القصف العنيف. مرت الساعاتُ بطيئةً جداً القذائفُ كانت تسقطُ قريباً جداً منا وتهزُ المكان وذلك في ظلِ إنقطاعٍ للكهرباء والتغطية المستمر للشهر التاسع على التوالي، فلم يكن هناك وسيلة لأطمئن بها على والدتي. كدتُ أموتُ خوفاُ على طفلتي فأحملها تارةً وأغسل وجهها تارةً وأضع قطعة قماشٍ مبللة على وجهها وأوقظها كلما أغمضت عينيها خوفاً من أن تفقد الوعي دون أن أدري. ساعاتٌ عصيبة مررنا بها حتى المساء وأتى أخي ليطمئن علي وأخبرني أنّ الجميع بخير. ما زلتُ لا أصدق ما حدث وأشكُ في كل الروائح التي أشمها فأسرع لأضع قطعة قماش مبلولة على وجه طفلتي. الكيماوي هو أسوأ كوابيسي حالياً. ما يشغل بالي الآن هو في حالِ أن تكرر الأمر كيف لرئتي طفلتي أن تحتمل! لا أريدُ أن أتخيلَ حدوث الأمر حتى.