دبي ، الامارات العربية المتحدة ,13 أغسطس ، صحيفة البيان – رجل بجسد موشوم يعيش بين جدران من الكتب ويسير حافي القدمين، وفي حياته الكثير من الأحداث التي سنطلعكم عليها ، أدت هيئته الغريبة إلى نسج الكثير من الشائعات حوله وآخرها هي أنه “جني” متخفي.
هذا الرجل باختصار هو “لوي ماسيدو” ولد في الهند، وبعد عام على ولادته انفصل والداه، ثم تزوجت والدته من رجل آخر، وحضر معها إلى الإمارات، وهو في العام الثاني من عمره، حيث كان زوج والدته يعمل في شركة خاصة، فيما عملت والدته في ناد رياضي.
ونقلاً عن موقع “24” الإلكتروني ” فإن ماسيدو عانى عانى صغره من حالة مرضية تعرف بـ”attention deficit disorder”، والتي تعني اضطرابات نقص الانتباه وفرط الحركة، وهذا ما أدى إلى فشله في التعليم، فهذا النوع من الاضطرابات كان يمعنه من التركيز في الدراسة لأكثر من دقيقتين.
اعتقدوا أنني مجنون
يروي ماسيدو: “اعتقدت والدتي وزوجها أنني مجنون، حيث اصطحباني إلى طبيب أعطاني دواء كان يضعف قدرتي على الحركة، ويجعلني كالشخص المخدر، حتى لساني لم يكن يستطيع النطق”.
ويضيف: “الحالة المرضية التي عانيت منها منتشره بين الكثير من الأطفال في الوقت حالي، ولكن للأسف يتم علاجها بالطريقة الخاطئة، بدلاً من الاستفادة منها فمن يصابون بهذا المرض تكون لديهم طاقات ايجابية تؤدي إلى ابتكارات”.
وتابع “معاناتي لم تكن بمرضي بل بما عشته في طفولتي، فزوج والدتي اعتاد ضربي بالعصا حتى تسيل الدماء من رأسي، وكان يقدم على قص شعري أمام والدتي التي لم تكترث لأمري فقررت حينها الرحيل عنها”.
نقطة التحول
تزوج ماسيدو مرتين، الأولى من امرأة أوروبية وافترقا، والثانية من هندية عندما كان في عمر27 عاماً، لكنهما افترقا لعدم قدرتهما على التفاهم.
يقول: “طلاقي الثاني كان نقطة التحول في حياتي نتيجة الحزن الذي ألم بي، فجلست مع نفسي، وقلت وقتها لن أحزن بعد الآن، وسأفعل في هذه الدنيا ما أريد لإرضاء نفسي لا من أجل إرضاء الآخرين، فقد كنت دائماً أعمل من أجل إرضاء الناس وأقاربي وأهمل نفسي”.
افترض الموت
وتابع: “افترضت يوماً ما أنني سأموت خلال أسبوع، وسألت نفسي ماذا سأفعل، فقررت وضع قائمة أنفذها، كان منها التوجه إلى ملهى ليلي وكان عمري وقتها 30 عاماً، وكذلك قررت أن آكل في مطعم عربي حيث كنت أخاف دخول المطاعم العربية، وأن أضع وشم على ذراعي وعندما فعلت كل هذه الأشياء وجدت نفسي سعيداً”.
حكاية الوشم
وأضاف: “كان وضع الوشم على جسمي حلم منذ صغري لكنني كنت خائفاً، وبدأ هذا الحلم عندما كنت في السابعة من عمري، حيث أنني شاهدت رجلاً أعتقد أنه أمريكي موشوم في مركز تجاري، فذهبت إليه وقمت بلمس يده، فشاهدتني والدتي وزوجها فسحباني بشدة، رغم أن هذا الرجل الذي بدا لهما مخيفاً كان لطيفاً جداً معي”.
وتابع: “في البداية وضعت وشماً على يدي، وشعرت بألم شديد مصحوب بنزيف دموي، ثم بدأت عرض الوشم متباهياً، ومن ثم وشمت يدي الأخرى”.
قرر ماسيدو زيادة الوشم على جسمه فجلس في إحدى المرات 14 ساعة ليكمل فيها ما تبقى من يده وظهره، فيما لم يكن قراره وضع وشم على وجهه بالسهل، حيث ذكر لنا أنه توجه إلى الرجل الذي يوشمه ثم قرر العودة إلى المنزل لاعتقاده أن هذا شيء “كبير ومخيف”.
وعن سبب وشم وجهه، يقول: “أنا أرى أن الناس يحكمون على بعضهم البعض من مظهرهم، فالوجه الحسن لا يعني أن داخل الشخص نظيف، ولذلك قررت أن أوشم وأوكد أن الشكل الخارجي لا يعني أن الشخص “شيطان” بل يجب على الناس النظر إلى الداخل”.
بعد وشمه وجهه، لاحظ ماسيدو أن “الناس باتوا ينظرون إليه بطريقة مختلفة، وأن العديد منهم يبتعدون عنه ويخافون منه وخاصة الأطفال، كما أن هناك من كان يتودد إليه”.
حياته المهنية
وأكد ماسيدو أنه فشل مراراً في الحصول على وظيفة في قطاع الخدمات، وذلك قبل أن يضع وشماً، ما دفعه إلى العمل بقالاً، لكن الحالة المرضية التي كان يعاني منها كشفت له أنه شخص حركي ومبدع في التحدث ومخاطبة الناس فبدأ يدرس ويتعلم من تلقاء نفسه ويقرأ الكتاب تلو الآخر لتقوية شخصيته تعويضاً عما فاته من الدراسة.
ويضيف: “كانت بدايتي في التعلم بالصدفة عندما حضر لي أحد الأشخاص وطلب مني إعداد خطاب له، فطلبت منه 100 درهم مقابل ذلك، ثم عاد لي مرة أخرى، وأعددت له خطاب آخر، بعدها أحضر لي شخص آخر من أجل تعليمه كيفية التحدث أمام الجمهور”.
كتب بمليون درهم
بدأ ماسيدو التعلم من تلقاء نفسه وجمع في بيته عدد كبير من الكتب، وأنفق ما يقارب مليون و300 ألف درهم عليها، إلى أن أصبح مدرباً محترفاً في مجال التسويق ومجال مقابلات التوظيفية، وإنشاء “الماركات” للشركات والأفراد والتي تعرف باسم “branding”، وبات له زبائن من مختلف أنحاء العالم بعضهم من المشاهير، ووصل إلى مرحلة أن بات يتقاضى راتب على كل ساعة العمل”.
ينفق ماسيدو ما يقارب 5 إلى7 آلاف درهم شهرياً على شراء الكتب المتنوعة، ويرى أن الدراسة في الكليات عديمة الفائدة في الوقت الحالي، لأن كل ما يتم تدريسه للطالب لا يستخدمه في حياته العملية، فالتاريخ مجرد معلومات لا تفيد، وأن الباحث يجد أن العديد من رجال الأعمال المليونيرة لم يدخلوا الكليات.
جانب إنساني
يساعد ماسيدو العديد من الأطفال الفقراء في الدراسة تطوعاً دون الحصول على مقابل، وذلك لأنه لم يجد من يعلمه ويقف على جانبه وهو صغير.
تعذيب وضرب
يؤكد ماسيدو أنه مر بأوقات صعبة في حياته قبل أن يصل إلى ما وصل إليه، حيث يذكر أن “والدته وزوجها قررا تركه في إحدى السنوات، وأرسلاه إلى المطار من أجل العودة إلى الهند التي لم يعش فيها منذ صغره، ولا يعرف فيها أحداً حتى والده الحقيقي لا يعرف عنه شيئاً”.
وأشار إلى أنه جلس في المطار حزيناً ولم يكن لديه المال، وفجأة إذ بأحد الأشخاص ينادي باسمه، ويبلغ أنه يعرفه عن طريق صوره المنشورة على الإنترنت.
وبين أن “هذا الرجل أعطاه المال وأرشده إلى مكان فندق رخيص في الهند ليلته بـ 300 روبية”.
وأضاف: “خلال تواجدي في الهند توجهت خلال 15 يوماً إلى محطة القطار من أجل إلقاء نفسي أمامه والانتحار، لكنني في كل مرة كنت أعود، وبعدها تلقيت المساعدة من أصدقائي وعدت وعملت في الإمارات، الآن أصبحت إنساناً ناجحاً”.
الجري حافياً
لا يتعاطى ماسيدو المشروبات الكحولية ولا يدخن، وهو معتاد على ممارسة الرياضة، حيث كان يرفع الأثقال حتى تعرض إلى إصابة في ركبته، ولم يكن يقوى على الحركة من شدة الألم، فقرر الاكتفاء برياضة الجري.
ويقول: “عندما أجري أشعر أنني حر وأستمتع، ثم عرفت عن طريق يوتيوب أن الجري حافياً يقوي القدمين فأخذت بالجري حافياً، وقد كانت البداية صعبة ثم اعتدت على ذلك، وفي الحقيقة الآن رغم أن قدمي كانتا تؤلمانني إلا أنهما قويتان”.
وأكد ماسيدو أنه “جرى حافياً من الشارقة إلى برج العرب في دبي، مسافة قُدرت عبر جهاز آي فون ضمن برنامج خاص بـ 47 كيلومتر، وذلك في يوم 26 أبريل (نيسان) الماضي، حيث استغرق الجري 8 ساعات و13 دقيقة تخللتها بعض الاستراحات البسيطة.
يضع ماسيدو السماعات على رأسه أثناء عملية الجري، لكنه لا يسمع الأغاني بل برامج تعليمية من أجل الاستفادة منها، فهو كما يقول لا يحب الموسيقى بتاتاً.
جني الشارقة
وحول حادثة “جني البحيرة” كشف ماسيدو تفاصيل ما حدث قائلاً “أغرب المواقف التي صادفتني في الحياة، هي تلك التي حدثت عند بحيرة الشارقة عندما كنت أركض حافياً بملابس حمراء، وما إن اقتربت من اكسبو الشارقة، وإذا بـ 8 دوريات شرطة تحيط بي من كل اتجاه، وطلب مني أفرادها الهوية ودققوا باسمي وشكلي”.
وأشار إلى أن الأمر فاجأه وأخافه، لكنه سأل أفراد الشرطة بعد ذلك عما حصل، فأبلغوه أن 3 أشخاص اتصلوا بمركز الشرطة وأخبروهم أن هناك “جنياً” يجري في الشارع وينزف دماً، معتقدين أن ملابسه الرياضية الحمراء دم، كما أن الوشم أوحى لهم بشيء غريب.
مواقف مضحكة
ومن المواقف التي تعرض لها أيضاً ماسيدو أنه “كان يقف بالقرب من نفق المشاة المؤدي إلى سيتي سنتر الشارقة، حيث شاهده رجل سعودي، وطلب منه أن يحمل ابنته من أجل تصويرها معه، ففعل ذلك، ليفاجأ بعدها أنه محاصر بعدد كبير من الناس الراغبين أخذ صور معه”.
وأشار إلى أن أحد الأشخاص طلب منه مرة أن يلتقط صورة معه في دبي مول، وإذا بالناس يتجمهرون حوله من أجل أخذ صور، مشيراً إلى أنهم اعتقدوا أنه المصارع “ريو ماستيرو”، فتوقف معهم أكثر من ساعة وهو لا يعرف ماذا يفعل معهم.
تجديد الإقامة
من الطرائف أن ماسيدو توجه من أجل تجديد إقامته، حيث طلبت الموظفة منه أكثر من مرة التوجه إلى الحمام من أجل غسيل وجهه معتقدة أنه كان يرسم عليه.
تفتيش دقيق
ويشير ماسيدو إلى أنه كلما سافر يتم تفتيشه في المطارات بشكل دقيقة، لاعتقاد الشرطة أنه رجل سيء، وأنه قد يحمل أشياء ممنوعة، مبيناً أن صفحات كتبه يتم تفتيشها.
ويؤكد ماسيدو أن هناك بعض الأشخاص يخافون منه عندما يصادفونه بالقرب من المصعد، ويروي أن رجلاً “مطوعاً” طلب منه في أحد الأيام أن يلقي بنفسه في النار.
مخيف وغريب
ومن الغرائب أيضاً أنه كان في بقالة، حيث شاهده شاب هندي فاعتقد أنه أمريكي، وأخذ يشتمه ويسبه ويتطاول عليه، ولكن عندما سمعه يخاطب صاحب البقالة باللغة الهندية، ترك أكياسه وهرب من المكان.
يؤكد ماسيدو أنه يقود سيارته ببطىء شديد فهو شخص يكره السرعة، وفي أحد الأيام فوجئ بسيارة تأتي من خلفه وتعطيه إشارة ضوئية، فسمح لها بالمرور بجانبه، لكن سائقها أنزل شباكه وبدأ يسبه، وعندما شاهده خاف وقلل من سرعة السيارة حتى بات خلفه بمسافة بعيدة.