دبي ، 8 اغسطس ، محمد عبد الظاهر ، أخبار الآن —على خلفية الدمار الذى أصاب الاقتصاد والبنية التحتية فى سوريا ، شهدت واردات المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والسكر إرتفاعا حادا، إضافة إلى أسوأ حصاد للقمح مقبلة عليه سوريا منذ ما يقرب من ثلاثة عقود .
نظام الأسد يحاول في هذا الوضع المتدهور الاستفادة من أموال مجمدة له في حسابات مصرفية خارجية لتغطية مشترياته من المواد الغذائية، بما فى ذلك القمح.
حيث أصدرت مؤسسات سورية في الأسابيع الأخيرة سلسلة من المناقصات لشراء قمح وسكر وأرز بكميات يتجاوز أجماليها 500 ألف طن ، وبحسب وثائق اطلعت عليها رويترز وأكدتها مصادر تجارية لها فإن من شروط المناقصات أن يتم السداد من حسابات مجمدة من خلال استثناءات من الدول التى فرضت العقوبات المالية .
والمواد الغذائية ليست خاضعة للعقوبات الدولية، لكن عقوبات مصرفية وقرارات بتجميد أرصدة وأصول من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى، إلى جانب الأزمة السورية كل هذا خلق مناخا جعل من الصعب على بعض الشركات التجارية، أن تبرم صفقات مع دمشق.
وقال مصدر فى الشرق الأوسط ينشط فى تجارة المواد الغذائية مع دمشق، “سوريا لديها أموال فى بنوك فى أوروبا والشرق الأوسط وتحاول استخدام هذه الحسابات لسداد قيمة واردات الحكومة من السلع الأولية والمواد الغذائية”.
وأضاف “السلطات السورية ليست أمام خيارات تذكر وتحتاج لإيجاد سبل لسداد مستحقات الموردين ومعالجة الأزمة الإنسانية بأى وسيلة ممكنة، عليهم إطعام الشعب”.
وقد واجهت سوريا صعوبات فى تأمين إمدادات الحبوب العام الماضى لكنها حققت قدرا أكبر من النجاح فى مشترياتها من الحبوب هذا العام باستخدام وسطاء لإبرام الصفقات وترتيب السداد.
وتقول مصادر تجارية إن الهدف من الجهود الرامية لاستغلال الأموال المجمدة هو زيادة المشتريات.
وقال سولتفيت من مابلكروفت “رغم أن مدى قدرة النظام على الاستفادة من الأرصدة المجمدة ليس واضحا، فقد يرغم الوضع الإنسانى المتدهور الحكومات الغربية على السماح بشكل غير رسمى، باستخدام هذه الأموال فى مشتريات المواد الغذائية الأساسية”.
وأوضحت المصادر التجارية أن بعض الحسابات المصرفية المجمدة موجودة فى دول أوروبية من بينها فرنسا وإيطاليا.
وقال متحدث باسم كاثرين آشتون مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى “التجارة فى السلع الإنسانية مثل الدواء والغذاء والسلع الغذائية مع سوريا ليست ممنوعة ولا توجد قيود على مدفوعات هذه الصفقات، ومن الواضح أن أى صفقات يجب أن تحترم كل البنود الأخرى للعقوبات”.
وأضاف أن أحد البنود التى تنظم التعامل مع سوريا لدى الاتحاد الأوروبى يقضى بأنه “يجوز الإفراج عن أرصدة أو موارد اقتصادية مجمدة إذا اقتضت الضرورة لأغراض إنسانية، ويقتضى ذلك الحصول على إذن من السلطات فى البلد الذى يقع فيه البنك.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية “حتى الآن لم تصدر إيطاليا قرارا بفك تجميد أى أرصدة سورية لسداد مشتريات المنتجات الغذائية، وسنرى ما سيحدث فى المستقبل”.
ولم يتضح على الفور ما إذا كانت أى صفقات ستخضع للعقوبات التى تفرضها الولايات المتحدة، وقالت متحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية أن العقوبات الأمريكية تتركز على “استهداف الحكومة السورية ومن يساهمون فى العنف المأساوى فى سوريا”.
وأضافت “نحن ملتزمون بالسماح بالمساعدات الإنسانية المشروعة حتى ونحن نواصل تطبيق عقوباتنا الصارمة على سوريا”.
وفى مناقصة طرحت الشهر الماضى لشراء 276 ألف طن من السكر الأبيض اطلعت عليها رويترز قالت المؤسسة العامة للتجارة الخارجية، إنه يجب تقديم وثيقة من الطرف المعنى فى البلد الذى يجمد الأرصدة السورية بما يفيد السماح بتمويل هذه المشتريات بالأموال المجمدة، وقالت المؤسسة إنها تحتاج هذه الإمدادات بشدة.
وفى مناقصة أخرى لشراء 200 ألف طن قمح قالت مؤسسة أخرى تابعة للدولة إن سداد قيمة المشتريات سيتم من الأموال المجمدة فى بنوك أوروبية وبعض البنوك العربية.
وقال مصدر تجارى أوروبى إن المؤسسات السورية أبدت فجأة قدرا أكبر من الثقة أن بوسعها سداد قيمة المشتريات فى المناقصات الدولية رغم العقوبات.
وقال مصدر فى منطقة الشرق الأوسط إن الأموال السورية لدى بنوك أجنبية تخضع لفحوص صارمة قبل الإفراج عنها.
ولم تغلق بعد المناقصات التى طرحتها السلطات السورية لكن مصدرا حكوميا فى دمشق يشارك فى إبرام صفقات شراء الحبوب قال إن سوريا بدأت بالفعل شراء سلع وفق آلية البيع الجديدة.
وأضاف “ثبت أنها جيدة، فقد أبرمت صفقات باستخدام هذه الطريقة وكانت مرتبطة بمشتريات قمح”.
وقال المصدر التجارى من الشرق الأوسط إن من المعتقد أن سوريا سددت قيمة شحنة من القمح باستخدام أحد حساباتها المصرفية فى أوروبا.
لكن مصادر أخرى لم تستطع تأكيد إبرام هذه الصفقات، وقالت إنها تنتظر نتيجة المناقصات الأخيرة هذا الشهر.
معنا عبر الهاتف من دبي محمد عبد الظاهر مساعد رئيس تحرير زاوية دوت كوم التابعة لتومسون رويترز