مخيم الزعتري, الأردن, تموز 24 (أخبار الآن) — يمسك أطفال سوريون صغار فرش الطلاء في مخيم صحراوي تعصف به الريح ، ليضيفوا بمرح لمسات الألوان الزاهية في محيطهم الكئيب.
كانت معظم المنشآت والخيام بنفس اللون الباهت الكئيب للرمال المحيطة بمخيم الزعتري الذي يأوي إليه نحو 12٠ ألف سوري فروا من حرب تدور رحاها من ثلاث سنوات
ورغم البطء، فإن الألوان الكئيبة تتغير بمساعدة فنانة أمريكية تساعد الاطفال على نسيان صور القتال والعنف ليقوموا بطلاء المباني والجدران في المخيم المزدحم ويرسمون جداريات تعبر عن حياتهم وآمالهم ويوفر المشروع مساحة للون والتعبير عن الذات للأطفال الذين حطمتهم الحرب في سوريا.
وحذر مبعوث خاص للامم المتحدة معني بالأطفال والصراع، الاسبوع الماضي، من الآثار المترتبة على الاضطرابات على الأطفال، محذرا من أن العنف في سوريا ينتج جيلا يعاني من الأمية وتملأه الكراهية.
وما يزيد قليلا على نصف اللاجئين في الزعتري عمرهم أقل من 18 عاما وفوق ما كان ذات مرة بقعة خلاء من الصحراء، نما مخيم الزعتري في عام واحد فقط ليصبح ثاني أكبر مخيم للاجئين في العالم، ليجعل من الأردن أكبر مدينة مأهولة بالسكان، مع تدفق المزيد من اللاجئين يوميا عبر الحدود التي تبعد 16 كيلومترا فحسب.
وجاء الكثير من سكان المخيم من محافظة درعا مهد الانتفاضة السورية ويعاني عدد من الأطفال من صدمات نفسية بعد قصف أحيائهم وقتل أقاربهم وتعمل روبنسون البالغة من العمر 27 عاما وهي من واشنطن في المخيم كجزء من منظمة أسستها اطلقت عليها آبت آرت وسافرت روبنسون إلى كمبوديا والكونغو والعراق وسوريا للعمل في مشروعات فنية قبل وصولها إلى الزعتري وقام الأطفال بالفعل بطلاء عدد من المنشآت في المخيم تحت اشراف روبنسون.
وكانت عيادة طب الأطفال لونها أبيض في السابق وهي الآن تزدهي بواجهة زرقاء لامعة وصور كاريكاتورية لأطباء وأطفال وآباء وأمهات باللون البرتقالي الزاهي ودرجات من الفيروزي والأحمر ويظهر رسم بالخط العربي للقول المأثور الوقاية خير من العلاج.
في ناحية أخرى من المخيم، رسم الاطفال شجرة عملاقة باللون الأرجواني لتنشر فروعها على امتداد جدار إحدى المدارس في الزعتري وبين فروع الشجرة رسم الأطفال اللاجئون طائرة وحامل لوحات ورموز أخرى تشير إلى وظائف يأملون في العمل بها عندما يكبرون.
وعندما سكب الفنان الجنوب أفريقي لوك فان دير والت، وهو أحد الأشخاص الذين يعملون مع روبنسون، الطلاء في وعاء كبير ليخلطه، التف حوله أطفال تراوحت أعمارهم بين 5 سنوات وآخرون في سن المراهقة المبكرة، وجميعهم يريد ان يغمس الفرشاة في الطلاء.
وصاحت فتيات صغيرات فرحا وهن يطلين جدارا قريبا باللون الاصفر المشرق وضحك الاطفال وغنوا وهم يطلون الحوائط وقالت إكرام البالغة من العمر 12 عاما التي كانت تطلي حائط دورة مياه بلون وردي مشرق انها ترسم اشياء تحبها وبالوان جميلة.
وقال روبن ناتاف، وهو من مجموعة مساعدات أخرى تدعى وكالة التعاون الفني والتنمية إن الفن يساعد في تحقيق الـتآلف بين اللاجئين وأضاف الناس يعيشون هنا منذ شهور، وبعضهم منذ نحو العام، ولا نعلم إلى متى سيبقون هناك، وليست لديهم فرص كثيرة للرسم والاستمتاع وإضفاء الألوان على المخيم، لذا عندما نرى أبت أرت المنظمة التي أسستها روبنسون) تجلب الطلاء وفرش الرسم، وجميع الأطفال يهرولون ويشارك الآباء والشيوخ والزعماء المحليون، الجميع يشاركون، وينعم الجميع باستراحة من اللون الرمادي والتراب في الزعتري.
ومنع الفنانون الأطفال من رسم علم المعارضة السورية بالوان الأسود والأبيض والأخضر في محاولة لابعاد السياسة عن نطاق الفن ومنع الفنانون الاطفال أيضا من نسخ شخصيات كاريكاتورية من التلفزيون وفيما عدا ذلك شجعوهم على عمل أي شيء آخر.
وقالت روبنسون إن حوالي 6٠٠ طفل في المخيم شاركوا في البرنامج حتى الآن بينما ينتقل فريق الفنانين من قسم إلى آخر في المخيم ويطلي الاطفال الجدران ويرسمون الصور ثم تحولها روبنسون وزملاؤها إلى جداريات كبيرة وفي كثير من الأحيان يكون للجدارية رسالة ارشادية مثل التحذير من الجراثيم أو تجنب إهدار المياه.