قتل خمسة وستون شخصا واصيب مئة وتسعون اخرون بجروح في هجمات معظمها بسيارات مفخخة هزت مناطق متفرقة من بغداد مساء السبت، ليرتفع الى اكثر من عدد الذين قتلوا في العراق منذ بداية يوليو الجاري الى خمسمئة قتيل.
وقالت مصادر امنية وطبية رسمية ان اثنتي عشر سيارة مفخخة وعبوتين ناسفتين استهدفت مناطق متفرقة من العاصمة، الى جانب منطقة المدائن التابعة لمحافظة بغداد.
جاءت هذه التفجيرات في إطار موجة العنف المتصاعدة في العراق والتي قتل فيها 2500 شخص خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة بحسب ارقام الامم المتحدة، التي حذرت من أن العراق يقف عند حافة حرب أهلية جديدة .
وقتل في العراق منذ بداية تموز/يوليو نحو 525 شخصا بحسب حصيلة تعدها وكالة فرانس برس استنادا الى مصادر امنية وعسكرية وطبية، ما يعني ان معدل ضحايا العنف اليومي في العراق بلغ نحو 25 شخصا.
وهجمات اليوم السبت هي الاكثر دموية في البلاد منذ مقتل 78 شخصا في العاشر من حزيران/يونيو الماضي.
وفي تفاصيل اعمال العنف، قال عقيد في الشرطة ومصدر في وزارة الداخلية ان سيارتين مفخختين انفجرتا في الكرادة وسط بغداد قبل ان تنفجر سيارتان في حيي المواصلات والشرطة الرابعة في جنوب العاصمة.
وبعد دقائق من هذه التفجيرات، انفجرت سيارتان مفخ ختان في منطقة الطوبجي في شمال بغداد، وسيارات اخرى في البياع (جنوب) والزعفرانية (جنوب) وبغداد الجديدة (شرق) والنهارية (شرق).
وانفجرت عبوة ناسفة قرب تجمع لشبان في المدائن (25 كلم جنوب بغداد) ما ادى الى مقتل خمسة منهم واصابة ثلاثة بجروح.
واكدت المصادر الامنية ومصادر طبية رسمية مقتل 65 شخصا واصابة 190 بجروح في مجموع هذه الهجمات.
ووقعت اعنف تفجيرات بغداد في الزعفرانية حيث قتل 12 شخصا، والكرادة حيث قتل 12 شخصا ايضا واصيب العشرات بجروح في انفجار السيارتين المفخختين في شارع التسوق الرئيسي في ساعة الذروة.
وسمع صحافيو فرانس برس دوي الانفجارين في الكرادة.
وفي وقت سابق من اليوم السبت، قتل شرطي واصيب اربعة بجروح بينهم ثلاثة مدنيين في انفجار عبوتين ناسفتين في الموصل (350 كلم شمال بغداد).
كما قتلت امراة واصيب 22 بجروح بينهم سبعة جنود في انفجار سيارة مفخخة استهدف مدخل قاعة عسكرية جنوب شرق الموصل.
وكان المبعوث الخاص للامم المتحدة الى العراق مارتن كوبلر حذر امام مجلس الامن الدولي الثلاثاء من ان اعمال العنف المتزايدة في العراق تهدد هذا البلد بسلوك “طريق خطر”.
وقال كوبلر في احاطة امام مجلس الامن ان “قرابة ثلاثة الاف رجل وامرأة وطفل قتلوا، واكثر من سبعة الاف آخرين اصيبوا بجروح” في اعمال العنف التي شهدها العراق في الاشهر الاربعة الاخيرة.
وعزا كوبلر تصاعد وتيرة العنف في العراق الى التوترات السياسية التي تعاني منها بغداد وكذلك الى تداعيات النزاع الدائر في سوريا المجاورة.
وشدد المسؤول الاممي على ان المسؤولين العراقيين يواجهون “خيارات حاسمة”، فهم اما ان يختاروا “تعزيز اسس الديموقراطية” واما ان يختاروا “المغامرة بسلوك طريق خطر حيث تنتظرهم المآزق السياسية واعمال العنف الدينية عند كل مفترق”.
واضاف ان الخبراء يعتبرون ان المتمردين يحاولون الاستفادة من شعور الاستياء الذي ينتاب الاقلية السنية التي تشعر بانها “مستهدفة” من الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة.
وتحمل اعمال العنف في العراق طابعا طائفيا متزايدا حيث باتت تتصاعد وتيرة استهداف المساجد والحسينيات في مناطق متفرقة من البلاد التي تشهد منذ كانون الاول/ديسمبر احتجاجات سنية ضد رئيس الوزراء الشيعي نوري المالكي.
كما يشهد العراق موجة عنف جديدة تستهدف المقاهي التي يرتادها الشباب خصوصا بعيد موعد الافطار في رمضان، وملاعب كرة القدم، في هجمات دامية قتل واصيب فيها العشرات على مدى اسابيع.
ومنذ نيسان/ابريل، لم تتبن اي جهة الهجمات الدامية التي يشهدها العراق، علما ان ان تنظيم “دولة العراق الاسلامية”، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، سبق ان تبنى هجمات مماثلة في الماضي.
في موازاة ذلك، فشلت الاجهزة الامنية في بسط سيطرتها على الارض والحد من تصاعد العنف رغم التغيير الذي اجراه المالكي، الذي يحكم البلاد منذ 2006، للعديد من قياداتها خلال الاشهر الثلاثة الاخيرة، في بلاد يبلغ عديد قواتها المسلحة نحو 800 الف رجل.
وتعتمد الحكومة العراقية مقاربة اعلامية مبهمة حيال اعمال العنف، حيث يتجاهل مسؤولوها الكبار هذه الهجمات، التي تتجاهلها ايضا وسائل الاعلام الرسمية، او تحاول التقليل من اهميتها.
ورغم مرور نحو ثلاث سنوات على تشكيل الحكومة الحالية، وهي حكومة “شراكة وطنية” تجمع الموالين والمعارضين، يبقى منصبا وزيري الدفاع والداخلية في حالة شغور بسبب الخلافات التي تعصف بالحكومة العراقية.