اعتقلت قوات الأمن العراقية، مساء أول من أمس، أفراداً من حماية وزير المالية رافع العيساوي، «بتهمة الإرهاب»، وفيما دعا العيساوي رئيس الوزراء نوري المالكي الى الاستقالة، على خلفية قيام «قوة ميليشياوية» باعتقال حراسه، خرجت تظاهرات مناهضة لرئيس الحكومة في مناطق عدة عقب صلاة الجمعة، بينما اتهم زعماء عراقيون سُنّة المالكي بشن حملة سياسية قمعية، ما يهدد بتفجير أزمة سياسية في البلاد.

وأكد المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى عبدالستار البيرقدار لـ«فرانس برس»، أمس، اعتقال عدد من افراد حماية وزير المالية بأوامر قضائية، ووفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب.

وقال القاضي البيرقدار إن «الذين ألقي القبض عليهم هم تسعة اشخاص فقط» من افراد حماية الوزير رافع العيساوي.

ومن بين الذين اوقفوا آمر فوج حماية العيساوي. ونقل تلفزيون «العراقية» الحكومي في خبر عاجل عن البيرقدار قوله ان آمر الفوج «اعترف اثناء التحقيق معه بقيامه بأعمال ارهابية»، تشمل «التفجيرات والاغتيالات».

وكان العيساوي الشخصية السنية النافذة، دعا مساء أول من أمس، المالكي الى الاستقالة، على خلفية قيام «قوة ميليشياوية باعتقال جميع افراد الحماية وعددهم ‬150 خلال اجتماع رسمي» في وزارة المالية في بغداد.

وقال العيساوي العضو في ائتلاف «العراقية» بزعامة رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، «هذا ليس اعتقال، انما اختطاف، وأحمّل رئيس الوزراء سلامة عناصر حمايتي، وأنا الآن من دون حماية». وأضاف في مؤتمر صحافي «رسالتي إلى رئيس الوزراء انه رجل لا يؤمن بالشراكة ولا يحترم القانون ولا الدستور». وقال «يريدني المالكي ان أصدق أنه لا يعلم بما حصل؟ إنه عمل مقصود وقد نفذ مع سبق الإصرار».

وأكد العيساوي ان نواب البرلمان سيسعون الى سحب الثقة بالمالكي. وأصدرت وزارة الداخلية من جهتها بيانا مساء أول من أمس، أعلنت فيه انها نفذت «أمراً قضائياً صدر عن محاكم مختصة، وبعلم ودراية ومتابعة مجلس القضاء الاعلى، بحق بعض أفراد حماية وزير المالية، وعددهم ‬10 أشخاص».

ونشرت الى جانب البيان نسخاً عن «مذكرات قبض وتحرٍ» صادرة عن مجلس القضاء الاعلى وجميعها وفق المادة الرابعة من قانون مكافحة الارهاب، التي تنص على معاقبة من يرتكب «فعلاً إرهابياً» بالإعدام. كما تنص على ان «يعاقب المحرض والمخطط والممول وكل من مكن الارهابيين من القيام بالجرائم الواردة في هذا القانون بعقوبة الفاعل الأصلي»، وان «يعاقب بالسجن المؤبد من أخفى عن عمد اي عمل إرهابي او آوى شخصاً ارهابياً بهدف التستر».

واحتجاجاً على الاعتقالات، خرجت تظاهرات مناهضة لرئيس الحكومة في مناطق عدة في العراق عقب صلاة الجمعة أمس. ففي الرمادي (‬400 كلم غرب بغداد) شارك نحو ‬500 شخص في صلاة جماعية فوق الطريق السريع الذي يربط العراق بالاردن وسورية، وقاموا بقطعه، بحسب ما افاد مراسل «فرانس برس» في المكان. ونظمت تظاهرات اخرى مؤيدة للعيساوي في الفلوجة، وسامراء (‬110 كلم شمال بغداد) وتكريت (‬160 كلم شمال بغداد) شارك فيها المئات.

في سياق متصل، اتهم زعماء عراقيون سنّة المالكي بشنّ حملة سياسية قمعية بعد ان دهمت القوات مكتب وزير المالية السني ومنزله، ما يهدد بتفجير أزمة بعد مرور عام على انسحاب آخر جندي أميركي من البلاد. وجاءت المداهمات واحتجاز أفراد من العاملين مع العيساوي بعد ساعات فقط من نقل الرئيس العراقي جلال الطالباني إلى ألمانيا للعلاج من جلطة دماغية قد تبعده عن دوره السياسي «كوسيط بين الكتل السنّية والشيعية والكردية» في العراق.

وقدم السياسيون والسلطات روايات متضاربة عن الواقعة، لكنها أعادت إلى الاذهان ما حدث قبل عام، عندما سعت السلطات العراقية إلى القبض على نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي، وهو سنّي، وحراسه لاتهامهم بإدارة فرق اغتيال في خطوة أشعلت أزمة.

وأغرقت قضية الهاشمي اتفاق تقاسم السلطة في اضطرابات حيث قاطع ساسة من السنّة البرلمان. وهرب الهاشمي في وقت لاحق من البلاد وحكم عليه بالإعدام غيابياً. وقال زعماء كتلة العراقية في بيان في اشارة الى قضية العيساوي، ان هذا يؤكد ان هناك استهدافاً ممنهجاً للرموز والزعماء السنة المشاركين في العملية السياسية. ودعوا مؤيديهم الى التظاهر سلمياً.

وفي بيان اصدره مكتبه الاعلامي، أمس، حذر المالكي من «محاولات البعض العزف على الوتر الطائفي البغيض لتحقيق اهداف سياسية»، مستغرباً «محاولة جر البلد بأجمعها نحو الفتنة الطائفية».

وشدد المالكي على ان قضية عناصر حماية العيساوي قضائية وليست سياسية، وقال «ليعلم السنّة والشيعة وابناء الشعب جميعاً ان تنفيذ اوامر قضائية ضد متهمين لا يعني استهدافاً لطائفة معينة».

من جهتها، قالت متحدثة باسم السفارة الاميركية في العراق، إن «أي أعمال من اي جانب تنتهك سيادة القانون او تذكي التوترات الطائفية والعرقية تهدد بتقويض التقدم الملحوظ الذي حققه العراق على طريق السلام والاستقرار».

الامارات اليوم