أهلاً بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من المرصد نغطي فيها الفترة من ٧ إلى ١٣ نوفمبر ٢٠٢١. في العناوين هذا الأسبوع:
- اتساع الهوة بين قاعدة اليمن والقبائل العربية هناك؛ باطرفي يقول إن قبائل سنّة قاتلتهم في مأرب
- هل اكتمل اختراق القاعدة في اليمن منذ تولى باطرفي الزعامة؟
نتحدث هذا الأسبوع إلى الدكتورة إليزابيث كندال، المتخصصة في اليمن وأستاذة اللغة العربية والشعر الجهادي في جامعة أكسفورد البريطانية. تحدثنا عن مظاهر تفكك وضعف قاعدة اليمن.
القاعدة انهارت في عهد باطرفي
مساء الخميس ١١ نوفمبر، بثت الملاحم الذراع الإعلامية لتنظيم القاعدة في اليمن ”لقاء خاصاً“ مع زعيم التنظيم خالد باطرفي. الجزء الأول امتد ساعة تقريباً سُئل فيه باطرفي عن: طالبان، الجماعات الموالية لإيران في غزة، العلاقة مع الحوثيين وانحسار قتال القاعدة في اليمن. يلفت مما قاله باطرفي ما يلي:
عن دور القاعدة في قتال الحوثيين، يبرر باطرفي انحسار المواجهات بين الطرفين بأن التنظيم يتخذ طريقة ”خاصة بهم” هي حرب العصابات. ماذا يعني هذا على الأرض سوى أن التنظيم بات يتوارى عن الأنظار؟ باطرفي يزيد ويبرر ضعف التنظيم بأن يتهم القبائل العربية السنية في محافظة البيضاء شرق صنعاء بالتحالف ضدهم ما قلّص دورهم في قتال الحوثيين. يقول: ”لكن عندما تقاتل الحوثي مواجهة ويأتي من يطعنك في الظهر خاصة في مارب ويعتقلون المجاهدين ويقتلونهم في نقاطهم سيحد من هذه المشاركة وإن كنا نحاول قد المستطاع إلا نخذل القائل الذين يقاتلون هذا الغازي الحوثي.“
الخبير في الشأن اليمني، ماهر فركوح، في حسابه على تويتر لاحظ أن ”القاعدة ظلت تحتفظ بملاذات آمنة في مأرب. الريمي قُتل في مأرب مثلاً، والقيادي الذي كان يتولى التخاطب مع منفذ هجوم بينساكولا قُتل هناك أيضاً؛ ووقعت هناك عدة هجمات بطائرات مسيرة خلال الأعوام الماضية. فما الذي تغيّر؟“
في سبتمبر الماضي، خرجت القاعدة من الصومعة، آخر معاقلها في محافظة البيضاء وسيطر الحوثيون على المنطقة حتى بدا أنهم تسلموها تسليماً.
في موضوع آخر، يعتبر باطرفي أن طالبان حصلوا على السلطة (التمكين) في أفغانستان بسبب قتالهم أمريكا أي عن طريق (الجهاد). ويقول إن الحركات الإسلامية في مناطق أخرى فشلت لأنها اعتمدت طرقاً سلمية ديمقراطية مثل المشاركة في الانتخابات.
وفي موقع آخر من المقابلة، رفض باطرفي مبادرات حل في اليمن واعتبر أنها تهدف إلى تمكين الحوثيين والمشروع الإيراني.
وهنا، يستنكر باطرفي علاقة ”فصائل“ فلسطينية بإيران؛ من دون أن يسمّي هذه الفصائل التي هي حماس والجهاد. يستنكر الرجل العلاقة على أساس ما تفعله إيران في لبنان والعراق وسوريا واليمن. واستدل بأن طالبان التي باتت تمثل القدوة والمثل الأعلى رفضت مثلاً الحصول على دعم ضد أمريكا ممن أي جهة. وهذا كلام مشكوك فيه. وبالمجمل، كيف يبرر باطرفي تعاون طالبان مع الصين. أم أن الإيغور خارج الحسبة؟ وكيف يبرر تقارب طالبان مع إيران وروسيا؟!
العرضي ٢٠٢١
يوم ٣٠ أكتوبر، انفجرت سيارة عند بوابة مطار عدن ما أسفر عن قتل ١٢ مدنياً على الأقل. في ١٠ نوفمبر أصدرت قاعدة اليمن بياناً نفت فيه ضلوعها في التفجير. داعش الرسمي لم يصدر شيئاً، لكن قناة بيضاء الموحدين التابعة لداعش والمعنية بالشأن اليمني نفت يوم ٢ نوفمبر أن التنظيم مسؤول عن التفجير.
وعلمنا من مصادر خاصة أن منفذ العملية فجّر سيارة ملغومة عن بُعد بعد أن فشل في إدخالها إلى أقرب نقطة من حركة المسافرين. وتزامن ذلك مع وصول طائرة يمنية من الهند. الطائرة تقل مرضى يمنيين وبالتالي سمحت السلطات للسيارات بالدخول إلى نقاط أبعد من المعتاد من أجل استقبال المرضى ونقلهم. وهذا كان هدف منفذ العملية.
في الحالين إذاً، يقول داعش والقاعدة إنهم لا يستهدفون المدنيين! ولنتذكر هنا أن داعش قتل أطباء وممرضين ومرضى في مستشفى داوود خان في كابول يوم ٣ نوفمبر؛ ولنذكر أيضاً أن قاعدة اليمن قتلت أطباء وممرضين ومرضى في مستشفى (العِرضي) في صنعاء في مثل هذه الأيام من ٢٠١٣ (ديسمبر ٢٠١٣).
مجلس الجولاني
نقل حساب رد عدوان البغاة المعارض لهيئة تحرير الشام خبراً من ”مصادر خاصة“ بأن الهيئة ”تستعد“ لإعلان بيعة أحرار الشام لها بشكل كامل. وقال إن الجماعة بايعت الهيئة بيعة سرية منذ أكثر من شهر.
في يناير الماضي، عيّن مجلس قيادة أحرار الشام عامر الشيخ أبا عبيدة درعا قائداً عاماً خلفاً لـ جابر علي باشا منهياً انقساماً كاد يكون دموياً تواجه فيه فريق باشا ونائبه أبي العز أريحا مع فريق حسن صوفان وعناد الدرويش أبي المنذر المقربين من الجولاني. بدأ هذا الانقسام في أكتوبر ٢٠٢٠ عندما أشيع أن صوفان قاد انقلاباً على باشا بسبب عزل أمير قاطع الساحل أبي فارس درعا وأن الهيئة أرسلت تعزيزات لمساندة صوفان.
في قلب هذا كله كانت فكرة تشكيل مجلس عسكري يضم كبرى الكتل في إدلب: الهيئة والأحرار وفيلق الشام. وهنا قال المعارضون إن المجلس ما هو إلا وسيلة كي تسيطر الهيئة على كامل إدلب وتتحالف مع الجبهة الوطنية المدعومة تركياً وبذلك تصبح إدلب تحت سيطرة تركيا.
هذا الأسبوع، علّق حساب ”أبو العلاء الشامي“ المعارض تحت عنوان: ” الجولانيُّ المُتَحَوِّلُ الحُرُّ؛ من: تركيَّا عصا أمريكا الجديدة في المنطقة، إلى: الجولانيّ عصا تركيَّا المُفَضَّلَة في المنطقة،“ ونقل عن صوفان قوله يوماً ”إنَّه مستعدٌّ للتضحية بخمسة آلاف عنصر من الأحرار مقابل إنهاء الجولانيِّ لأنَّه كذَّاب!، أصبح اليوم مستعداً ليضحِّي بالأحرار كلِّهم و بغيرهم مقابل بقاء الجولانيِّ.“
التركمان
آخر تطورات ملف ما بعد جبل التركمان، أن أعلنت القنوات الموالية لهيئة تحرير الشام عن ”إغلاق“ ملف جماعة أبي فاطمة التي وصفوها بالتكفيرية.
في الأسبوع الأخير من أكتوبر الماضي، شنت الهيئة حملة على جبل التركمان شمال اللاذقية غرب إدلب والذي تتركز فيه جماعات مستقلة أهمها جماعة مسلم الشيشاني. وقالت الهيئة وقتها إن المستهدف هو جماعة أبي فاطمة التركي. أما الشيشاني، فخرج من الجبل بموجب اتفاق مع الهيئة وبضمان التركستان تاركاً أبا فاطمة وحيداً. انتهى الاقتتال بين الهيئة وأبي فاطمة باتفاق وقع يوم الخميس ٢٨ أكتوبر فنزلت الجماعة من الجبل إلى مكان غير معلوم.
الآن نقل حساب الشمالي الحر الموالي للهيئة أن الهيئة فرضت اتفاقاً آخر على الجماعة يوم ٧ نوفمبر يقضي بأن تسلم الجماعة السلاح، وأن يدخلوا في ”دورات شرعية إلزامية … لتصحيح تصوراتهم في مسائل الغلو والتكفير“ مقابل ”إصدار عفو عام عنهم.“
وبهذا تحلّ الجماعة نفسها، وفي المحصلة سيكون أمام الأفراد إمّا الانضمام إلى الهيئة أو الجلوس في منازلهم.
حساب رد عدوان البغاة المعارض وتحت عنوان ”توضيحات“ كتب أن جماعة أبي فاطمة كانت تنوي الخروج إلى عفرين؛ إلا أن الهيئة والتركستان (الوسطاء) حالوا دون ذلك ووضعوهم في سجن الزنبقي؛ وفي النهاية وافقوا على شرط الهيئة الانضمام إلى التركستان ”فرادى وليس ككتلة“ وذلك بعد عمل الدورة الشرعية.
وهنا نتساءل، كيف يخرج جماعة أبي فاطمة إلى عفرين وهي منطقة يحكمها الجيش الوطني المدعوم تركياً والذي يعتبره الجهاديون مرتداً.
المقدسي يتجدد
أعلن منظر الجهادية أبو محمد المقدسي عن قناة جديدة على اليوتيوب. المقدسي غادر التلغرام في أكتوبر ٢٠٢٠ بعد أن روّج أنصاره إلى أنه أصدر فتوى تُكفّر الهيئة في معرضه حضّه على عدم الانتساب إلى أمنييها. المقدسي وقتها لم يُكفّر الهيئة.
وقال هو وأنصاره وقتها إنه تعرض إلى ”ضغط“ حكومي للاعتزال، لكنه استمر في الكتابة من خلال حساباته الرديفة: الدرر السنية وغيرها. ثم انتقل إلى تويتر. وهو الآن على اليوتيوب. فهل سُمح له بالكتابة مجدداً؟
لماذا هذا مهم؟ مهم لأنه يُفهم منه جانب من جوانب شخصية الرجل الذي لا يزال يتمسح به جهاديون كُثر. ومهم لأنه يبرز تناقضاً في المواقف.
داعش إفريقيا
إذاً، تولى زعامة داعش في غرب إفريقيا المدعو ساني شوارام (أو شواران). حساب Zagazola الذي يبدو أن صاحبه يعيش في شمال شرق نيجيريا، نقل أن شوارام توجه نهاية الأسبوع، وتحديداً في ١١ نوفمب، إلى منطقة مارتي Marte في محيط بحيرة تشاد لاستكشاف معسكرات هناك وقرر البقاء حتى يوم الجمعة. في اجتماع، وعلى الأرجح بعد صلاة الجمعة، أغارت القوات النيجيرية عليهم وقتلت العشرات منهم.
في رد انتقامي، هاجم داعش بلدة أسكيرا Askira شمال شرق نيجيريا؛ وقتلوا قائداً عسكرياً رفيعاً كان يقود تعزيزات إلى المنطقة. وفيما فرّ السكان، دمّر داعش أبراج الاتصالات أسوة بما يفعله نظراؤهم في العراق.
الدارك ويب
رصدت وزارة الخارجية الأمريكية ١٠ ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عن هوية جماعة اسمها DarkSide يُعتقد أنهم أصل جماعة BlackMatter التي أوقفت نشاطها مطلع الشهر. المجموعة جنت ملايين الدولارات من برامج RansomWare أو برامج الفدية التي تستهدف بشكل خاص قطاعات الطاقة والأمن.
في أوكرانيا، كشفت السلطات هناك عن أسماء وصور مجموعة Gamaredon التي تتبع للاستخبارات الروسية. الجماعة شنّت خمسة آلاف هجوم سيبراني استهدف ١٥٠٠ هدف حكومي حول العالم منذ ٢٠١٣. وفي محادثات هاتفية كشفت عنها السلطات الأكرانية، تذمر أفراد العصابة من قلة رواتبهم.
القاعدة في اليمن ضعيفة متفككة
كل شيئ يحدث في اليمن اليوم يبرهن على ضعف وتفكك القاعدة. للحديث عن قاعدة اليمن خاصة منذ وصول باطرفي لزعامة التنظيم، نرحب بالدكتورة إليزابيث كندال، المتخصصة في شؤون اليمن وأستاذة اللغة العربية والشعر الجهادي في جامعة أكسفورد البريطانية. شكراً جزيلاً دكتورة إليزابيث لوجودك معنا في البرنامج مرة أخرى.
الآن: دكتورة، في يوليو الماضي كتبتِ على تويتر أن القاعدة ”تفقد معناها.“ وهذا كان تصريح مهم وأنتِ الخبيرة في الشأن اليمني. كيف خسرت القاعدة معناها؟
د. كيندال: حدثت أمور عديدة. لهذا أقول أن التنظيم فقد معناه بل إنه فقط علامته ومسمّاه – القاعدة في شبه جزيرة العرب. ربما نستطيع توضيح الأمور بالنظر إلى ثلاثة أحداث وقعت في نفس الوقت. الأول هو أن الحرب في اليمن تشعبت إلى درجة ظهرت معها ميليشيات مختلفة تتنافس فيما بينها وقد يناسبهم أن ينسبوا هجمات إلى القاعدة. وهذا يخدم أغراض سياسية خاصة في الجنوب.
الأمر الثاني الذي حصل هو أن عدداً كبيراً من مقاتلي القاعدة قرروا أن يهجروا أو يتركوا التنظيم لأن ثمة مجالات أخرى وقضايا أخرى يجنون من ورائها مبالغ جيدة. قد يتركون التنظيم بسبب المال أو بسبب مسألة سياسية يريدون أن يقاتلوا لأجلها.
ثم لدينا الأمر الثالث وهو الأهم وهو أن الجماعة نفسها تحللت وماعت فتشظت وضعفت. نعلم عن جماعات انشقت وكونت تحالفات فيما بينها حتى يستطيعوا البقاء.
وفرص الانشقاق كثيرة؛ فثمة ٤٠ جبهة حرب فاعلة في اليمن ومعها شبكة معقدة من المليشيات المختلفة. هذه الجماعات اختلطت بهذه الأطراف وربما أصبحوا أداة لدى الفاعلين في الحرب.
الخلاصة هي أن التشعب والتشظي حصل بسبب وجود الكثير من الأهداف التي اختلط بعضها ببعض مثل الانتفاع من الحرب، وتهريب الجماعات، والجريمة المنظمة، أو خلق حالة من التوتر تجعل قتال التحالف ضد الحوثيين صعباً. وربما رغبة في سحق الطموح الديمقراطي في جنوب منفصل ومحاولة تدمير اتفاق الرياض الذي وُقع في ٢٠١٩.
الآن: دكتورة ربما تشيرين إلى جماعة أبي عمر النهدي إحدى الجماعات المنشقة. سنتحدث عنها بعد قليل؛ ولكن أذكر عندما خلف باطرفي قاسم الريمي، قلتِ في هذا البرنامج إن باطرفي سوف يصحح مسار التنظيم. هل يفاجؤك هذا الانحدار الذي يعيشه التنظيم منذ وصول باطرفي إلى القيادة؟
د. كيندال: هذا سؤال مثير للاهتمام لأنه كانت أمام باطرفي فرصة للتغيير عندما تولى زعامة التنظيم في مطلع ٢٠٢٠. كان يستطيع أن يُحدث زخماً جديداً عند الجماعة باعتباره شخصية أيديولوجية أكثر لديه خلفية دينية قوية وخلفية عائلية قوية كما أنه حارب في أفغانستان ولديه جذور يمنية في الجنوب. كلها كانت فرص أمامه لكنني أشعر أن مستوى الانحدار كان بدأ وأن التنظيم كان مخترقاً من قبل الجواسيس. الجماعة كانت ضعيفة. وكان صعباً استرجاع ألقها. ويبدو أنه فشل.
كما أننا سمعنا أنباء عن اعتقاله في أكتوبر ٢٠٢٠. وهو أمر أكدته الامم المتحدة في أحد تقاريرها. لكنه ظهر بعد ذلك في فيديو. فإن ألقي القبض عليه ربما مُنح الفرصة لترويج أفكاره أثناء تلك الفترة. ولكنه ضعيف ضعفاً لا يمكن وصفه. وأعتقد أن اختراق القاعدة تمّ واكتمل لأنه منذ تسلم الزعامة قُتل العديد من أعضاء القاعدة بالطيران المسير أو اعتقلوا. واستمر الجدل داخل التنظيم ولم تتوفر فرصة واحدة كي تناقش الجماعة خلافاتهم والتوصل إلى حل أو اتفاق لأنهم لا يستطيعون الاجتماع. لأن الاجتماع خطر عليهم والتواصل مغلق بالكامل. لهذا أعتقد أن عدم قدرته في انتشال التنظيم أمر مفهوم.
الآن: أنت أول باحثة تلتقطين الخلاف الذي وقع بين باطرفي وجماعة أبي عمر النهدي. هل تتوقعين أن يشكلوا جماعة ”النهديين“ نواة القاعدة الجديدة في اليمن؟
د. كيندال: أعتقد خطراً توقع أي شيئ يتعلق بالقاعدة في اليمن لأن التنظيم يتحور ويتكيف وحتى عندما نشعر أنهم تشتتوا وضعفوا يظهرون مرة أخرى. ولهذا صعب جداً توقع ما سيحدث تالياً ولكن ما سأقوله هو أن هذه الجماعات المنشقة تستطيع إن وجدت القيادة الصحيحة أن تصبح مسيطرة. ومن المحتمل أيضاً بموجب ظروف معينة أن يعودوا للاجتماع والتحالف وحلّ خلافاتهم. لهذا أقول إنه خطير جداً أن نتوقع أن جماعة سوف تموت وأن انحدارها سيؤدي إلى زوالها. يجب أن نتذكر أن الأيديولوجية تعود دائماً في ظروف ملائمة وقد يكون هذا الظرف هو السلام بين مجموعات حانقة قد تظهر مرة أخرى.
الآن: استمعت إلى بودكاست شاركتِ فيه مع Cole Bunzle في موقع Hoover.org، وتحدثتِ عن الكتيب الذي نشره تنظيم قاعدة اليمن في سبتمبر الماضي؛ بعد شهرين من سؤالك على تويتر عن معنى التنظيم. وكأنهم كانوا يسمعونك أو يقرؤوك. غريب حقيقة أنه بعد كل هذه السنوات، يفكر التنظيم في إعادة تعريف ذاته.
د. كيندال: هذا صحيح. كان مفاجئاً بعد ١٢ عاماً على تأسيس القاعدة في شبه جزيرة العرب أن يقرروا فجأة أن يصدروا كتيباً من أكثر من ٦٠ صفحة يشرحون فيه من هم وما يمثلون. واستطيع القول أن ذلك لم يكن فقط استجابة لتساؤلاتي وإنما لتساؤولات الكثيرين ممن شعروا أن التنظيم فقد بوصلته وتفكك. ولهذا أعتقد أن إصدار الكتيب كان منطقيا بهذا المعنى خاصة أنهم قالوا إن الكتاب لم يكن فقط للأفراد خارج التنظيم وإنما للأفراد الذين انضموا حديثاً للتنظيم.
بالنسبة لي، أعتقد أن هذا يثبت أن ثمة جماعة منشقة لها تفكيرها المستقل عن التنظيم. هذا الكتيب محاولة لتحديد موقعهم وما يمثلون وما يريدون.
قرأت في الكتيب مؤشرات مهمة. فقد سعى الكتيب جاهداً لتأكيد أن القاعدة في شبه جزيرة العرب مستقلة تماماً عن أي دولة أو حكومة أو ميليشا على الأرض؛ ولكن كان ثمة استثناء واحد وهو أفغانستان. يقولون إنهم قريبون جداً من أفغانستان ويحبون نظام طالبان. بدا الأمر وكأنهم يريدون أن يبدو مثاليين بالصورة التي يرون فيها المثالية.
لهذا أعتقد أن ثمة طريقين للنظر لهذه المسألة: يمكن أن نقول إن الكتيب كان نفيا لتسييس القاعدة أو استغلالها كأداة؛ أو أنه كان محاولة لتغطية هذا الأمر. في كلا الحالين، الكتيب أظهر ضعف القاعدة.
الآن: بمناسبة الحديث عن طالبان، تحدثتِ في ذلك البودكاست عن ”المحلية“ التي أكد عليها الكتيب. هل تعتقدين أن القاعدة في اليمن قد تطلب سلاماً مع الحكومة أو السلطة في اليمن على غرار ما فعلته طالبان؟
د. كيندال: أود أن أفصل بين دعم القاعدة لطالبان وبين أي فكرة قد تساوي بين الجماعتين. لأن طالبان حركة هائلة وتحظى بشعبية معتبرة وقوة في أفغانستان أما القاعدة في اليمن فهي جماعة متجزئة لا تحظى بما يمكن أن نسميه شعبية باستثناء لدى بعض الجماعات الصغيرة المتفرقة. لهذا أعتقد أنه خطأ جسيم أن يفكر أي شخص بالتحدث إلى مثل هذه الجماعة المتردية الحال المتفرقة والتي لا تتمتع بشعبية وأن يجعلوها جزءاً من عملية السلام في اليمن. سيكون ذلك تفضيلاً للجماعة ومنحها نوعاً من المصداقية التي ال يتمتعون بها. وأعتقد أنه مهم للمحللين الغرب بشكل خاص ممن لا يعرفون طبيعة هذا المجتمع أن يفهموا أن كل الجهاديين ليسوا على سوية واحدة. ليس كل فروع القاعدة على سوية واحدة.
وهذا من الأمور التي أكدها كتيب القاعدة الأخير. قال إنهم يلتزمون باهداف عامة كتنظيم القاعدة العام وهو طرد الكفار من أراضي المسلمين وخاصة من شبه جزيرة العرب وتأسيس الخلافة في نهاية المطاف؛ ولكن يقول الكتاب إن كل فرع من الفروع له أهدافه المحلية وأجندته المحلية التي يركز عليها. لهذا أرى أنهم يحاولون جاهدين أن يظهروا وكأنهم تنظيم مترابط فيه أجزاء فرادى لها أجندات محلية.
الآن: هذه نقطة نحب تأكيدها. ودائماً ننتظر تحليلك ورؤيتك للأحداث. فأنت حجة فيما يتعلق باليمن . أخيراً علقت على إعلان القاعدة هجمات ضد الحوثيين وقلت إنها إشارة ”ضعف أو انقياد أو تشتت“ . كيف؟
د. كيندال: بالضبط. إعلان المسؤولية عن هجوم يظهر ضعفاً للجماعة … قد تبدو العبارة متناقضة ولكن ما لاحظته هو أن معدل الهجمات التي تبناها تنظيم القاعدة هو أقل من عُشر ما كان يتبناه التنظيم في ذروة الهجمات في ٢٠١٧. إذاً، بداية، معدل تبني الهجمات يظهر انخفاضاً حاداً في جميع أنواع الهجمات. طوال شهر أكتوبر، أعلن تنظيم القاعدة في اليمن رسمياً عن ٣ هجمات فقط وكانت جميعاً ضد مركبات الحوثيين. عبوات ناسفة تستهدف مركبات الحوثيين في الجزء الجنوبي الشرقي من البيضاء. وهي هجمات لا قيمة لها إطلاقاً في الإطار العام للحرب.
إذا كان لدينا جماعة تحظى باهتمام عالمي مثل جماعة القاعدة في اليمن تتمكن من تنفيذ ٣ هجمات باستخدام عبوات ناسفة في فترة ٤ أو ٥ أسابيع.؛ فعلى الأرجح أن هذه الجماعة لا تشكل خطراً حقيقياً. كيف نفسر الأمر إذاً؟
إما أن القاعدة لم يبق منها إلا جماعة صغيرة تتمركز في الزاوية الجنوبية الشرقية من البيضاء وحسب؛ أو أن ثمة مجموعات متعددة تتبع القاعدة ولكنها لسبب أو آخر لا تتبنى هجماتها.
العديد من الهجمات في اليمن تحدث في الجنوب. وهذا يعني أنه إن كانت القاعدة متورطة في هذه الهجمات فلا بد أنها شريك ثانوي للفاعل الرئيس. لا بد أنها تتعاون مع آخرين وبالتالي لا تعلن عن هجماتها أو ربما الجماعات المنشقة هي تابعة لآخر وليست قائدة أو مالكة قرارها.
تفسير آخر هو أن ثمة من يتلاعب بإعلام القاعدة نفسه؛ فأياً كان من يديره فلا شك أنه يريد أن يصوّر القاعدة على أنها قوة تقاتل الحوثيين وحسب وهذا أمر يخدم الحوثيين – أن يكون الحوثيون هم العدو الأول والوحيد للقاعدة في اليمن.
كل الهجمات التي تبناها تنظيم القاعدة كانت ضد الحوثيين؛ فلكِ أن تستنجي ما تشائين. لن أتسرع في القول والاستنتاج ولكن لا أعتقد أنه يجب أن نأخذ إعلان المسؤولية هذا كما هو.
الآن: هل يمكن أن تحدثينا عن المهرة. نرى في حسابك صوراً لشباب وشابات من المهرة يدرسون ويدرّسون ويرسمون ويعيشون. الحقيقة هذا مهم لأن الجهاديين يصورون أنفسهم دائماً على أنهم يريدون أن ينقذونا من أنفسنا. من دونهم نحن في جحيم. حدثينا عن المهرة.
د. كيندال: للمهرة ثقافتها وهويتها الخاصة وحتى لغتها الخاصة وهي المهرية التي تسبق العربية. هي ليست لهجة وإنما لغة قائمة بذاتها. في المهرة إحساس قوي بهذه الهوية ويحاول سكانها أن يتحكموا بحياتهم ومستقبلهم. ولا ننسى أنه حتى عندما كانت القاعدة في حضرموت القريبة، وحكمت المكلا في ٢٠١٥، لم تتمكن من الزحف باتجاه المهرة. ما نراه في المهرة أمر رائع. نرى مبادرات من منظمات محلية تحاول أن ترسم مستقبلاً لهم. يقومون بمبادرات مثل تنظيف الساحل باستقطاب متطوعين. ٥٠٠ كيلومتراً من الساحل ينظفه خمسمئة متطوع؛ وثمة ١٧ مسجداً شارك في المبادرة. لم يتلق أي منها مالاً. فقط اشتروا حاجيات ومعدات بقيمة ٦ آلاف يورو وهو مبلغ ضئيل.
نرى طاقة تُوجه للتعليم؛ تعليم النساء، ومحو الأمية. الصفوف عامرة. وحتى أنهم طوروا مساقات لحل النزاعات والخلافات. وتُعطى النساء دوراً مهماً. وتنتقل النشاطات إلى المجتمع المحلي. حتى إنهم ينظمون سباقاً للإبل بين القبائل المختلفة في الربع الخالي. وثمة مبادرات رائعة لبناء الروابط المجتمعية وإحلال السلام وحل الخلافات والنزاعات.
أحب أن أتحدث عن برنامج أعمل معهم عليه وهو مشروع للصغار عنوانه (أنا ونحن) نحاول فيه تعليم الصغار كيف ينظرون إلى النزاعات والمشاكل من وجهة نظر الخصم. نعلمهم كيف يتحملون المسؤولية. إذا أردت شيئاً فما الذي أحتاج إلى فعله بدلاً من أن أنتظر أحداً حتى يقدمه لي أو يساعدني. لم لا تبادر أنت بالفعل.
أعتقد أن السر هنا هو أن هذه المشاريع يقوم عليها الناس أنفسهم. هي أفكارهم. وأفعالهم. أحاول مساعدتهم في جمع الأموال أو في أي أمر آخر يطلبوه مني. لكنها أفكارهم. ليست أفكار غربية. ليست أفكار منظمات ريعية. هي أفكارهم هم.