أهلا بكم إلى حلقة هذا الأسبوع من مرصد الجهادية نغطي فيها الفترة من ١٣ إلى ١٩ سبتمبر.
في العناوين:
– تيار البنعلي يكشفون عن تسلّط تركماني على العرب في الموصل ما تسبب في سقوطها
– وإلى أي درجة مهم حسم الجدل بخصوص تركمانية حجي عبدالله قرداش المُعتقد أنه أبو إبراهيم القرشي خليفة داعش الغامض؟
– التحالف يقتل سفينة التونسي سفاح مجزرة قلب لوزة الدرزية
ضيف هذا الأسبوع، الدكتور محمد صفر، أستاذ مقارنة الأديان، وصاحب كتاب: طالبان الأفغانية والمحاكم الصومالية: دراسة مقارنة.
عطون ومعضلة طالبان
رد عبدالرحيم عطون، الرجلُ الثاني في هيئة تحرير الشام وكبيرُ شرعييها، على الجدل الذي دار حول مقابلته مع صحيفة Le Temps السويسرية يالناطقة بالفرنسية والتي نُشرت في ٣ سبتمبر وعُدّلت في ٤ سبتمبر. الجدل دار حول عبارة “ننظف صورتنا” مقابل “نقدم صورتنا”، وجملة “نحن لا نشكل خطراً على الغرب ونحتاج إلى مساعدتهم.” في الرد يؤكد عطون ما يلي: أجندة هتش تنحصر في الشام بإقامة مشروع سياسي “للسنة” يعني هتش لا تريد حكماً قائماً على التعددية والتشاركية، فكما القاعدة وداعش، هتش تعتبر هذه الممارسات محرمات. وبالتالي، بحسب عطون، فإن لا مشكلة بين هتش وبقية الدول، باستثناء روسيا وإيران باعتبارهما المحتل؛ أما تركيا، فلم يأتِ عطون على ذكرها. أنصار القاعدة ردّوا بأن كل هذه محاولات “لفصل الجهاد الشامي عن الجهاد العالمي وجعل القضية الشامية وطنية ومحلية؛” وبالتالي “ترويض الساحة الجهادية”. أنصار داعش خاطبوا القاعديين وقالوا إن ما تقوم به هتش ليس “انحرافاً أو تنازلاً إنما تنفيذ لسياسة طالبان – ولي أمركم. وكأن لسان حال هتش للقاعديين: كل ما تنكروه علينا فعلته طالبان! فهل هو حلال لها حرام علينا؟!”
منذ أعوام، المقدسي وأبو قتادة في واد والظواهري في واد
إذا، هذا الأسبوع، بدأت المحادثات بين الحكومة الأفغانية وجماعة طالبان بهدف التوصل إلى صورة من الحكم المشترك وذلك بموجب اتفاق طالبان مع أمريكا المُبرم في فبراير. ردود الفعل بين الجهاديين كانت عجيبة تبين حجم النفاق والفوضى في فهم مصطلحاتهم العقائدية والتطبيق على الأرض. بإختصار، أنصار هتش هللوا. أنصار القاعدة انقسموا. أنصار داعش استنكروا.
ولنبدأ بأنصار القاعدة، كان رد فعلهم خليط من استنكار وإحباط وتخوف وقليل من الترحيب. نقول هذا ونحن في بالنا أن الظواهري زعيمَ تنظيم القاعدة بايع ولا يزال أميرَ طالبان، أخندزاده؛ وآخرُ مرة كانت في أبريل عندما بارك الاتفاق مع أمريكا. ومنذ ذلك الوقت ونحن نسأل: كيف يفسر الظواهري هذه البيعة لأنصاره؟
وهذا الأسبوع بدا الانفصالُ بين أنصار القاعدة وقادتها واضحاً فيما يتعلق ببيعة طالبان. مثلاً: المقدسي وأبو قَتادة، اثنان من أهم منظري الجهادية، انتقدا طالبان وأبديا عدمَ ارتياح. نذكر أن المقدسي وأبا قتادة اختلفا في العامين الأخيرين بسبب الشقاق الذي وقع بين الظواهري والجولاني . المقدسي مال إلى القاعدة، وأبو قَتادة إلى هتش. المقدسي يقول: “مجرد جلوسِ طالبان مع الحكومة العملية (أي الحكومة الأفغانية) هو سقوطٌ لطالبان … الخطير عندي ليس الجلوس نفسَه بل مخرجاتِ هذا الجلوس.”
وتساءل المقدسي: “هل تراها ستكون شراكةً في الحكمِ مع العملاء!؟ أم سيُرجَع فيها إلى صناديقِ الإقتراع !؟ ويبدأ المرقعون القولَ بأنّ قبولَ طالبان إنما هو لآلية الديمقراطية! وليس لمقصدها!” (انتهى الاقتباس) المقدسي، كغيره من المنظرين للجهادية، يعتبرون الديمقراطية كفراً.
أبو قَتادة قال: “قبولُ طالبان الجلوسَ مع الحكومة (الأفغانية) انتصارٌ أمريكي … لا أدري ما هو تكتيك طالبان في هذه المفاوضات … قد يعني أن طالبان تقبلُ المشاركةَ على معنى المحاصصةْ بينها وبين الحكومة، وهذا مع بُعدهِ لكنّه أخطرُ ما يتصورُه المرء.”
لكن على الجانب الآخر، نجد أن هاني السباعي، وهو منظّر جهادي يميل إلى الظواهري ضد الجولاني، وصف طالبان بأنها “مدرسة في فن المفاوضات” واعتبر أنها “لم تتنازل عن الشريعة ولم تسلم سلاحها.”
حسابات موالية للقاعدة تنوعت في ردها. وريث القسام مثلاً قال: وصف المفاوضات بأنها “ذل”. خُبيب أو الواثق وصف طالبان بأنهم “فارس متهادي”. لكن حساب جلاد المرجئة وفي منشور طويل حاول أن يوفق بين ما يقوله كبار منظري القاعدة وهذا الاتفاق. فقال إن ما كتبه المقدسي تحديداً كان “نصائح وتحذيرات” لا بد لطالبان أن تأخذها بالاعتبار حتى تقطف “ثمرة الجهاد.”
أما هيئة تحرير الشام، فجاءت التهاني من رجلها الثاني، رئيس المجلس الشرعي، عبدالرحيم عطون. نشر على حسابه تهنئة مستخلصاً عبراً من طالبان مثل أنه لا بد من توظيف النجاح العسكري في صورة مكتسبات سياسية؛ وأنه لا بد من الجماعة والوحدة على مرارتها لكن حلاوتها في النتيجة. شاركه في التهنئة وبشكل غريب أبو العبد أشداء الذي انشق عن الهيئة بعد كشف فضائح وسجن. أما الشيخ عبدالرزاق مهدي، وهو من الموالين لهتش، ومن دون قصد يضع الملح على جرح عطون، ويكتب تحت عنوان (الفرق بيننا وبين طالبان) باختصار “اجتماع كلمتهم وتفرق كلمتنا.”
داعش في صحيفتها الأسبوعية ذات العدد ٢٥٢ الصادر الخميس ١٧ سبتمبر، عنونت افتتاحيتها بـ “حسم جدلية العدو القريب والعدو البعيد.” العدو القريب والبعيد هو الذي يميز بين الجماعات الجهادية التي تمارس الإرهاب على أساس محلي أو وطني ضد حكومات المنطقة؛ أو تلك التي تمارس إرهاباً عابراً للحدود والقارات. يقول داعش إن طالبان اليوم اتخذت “قراراً بإنهاء حالة العداء مع العدو البعيد لقاء قبوله التحول إلى “وسيط سلام” يشرف على مفاوضات الشراكة في الحكم مع العدو القريب”
لماذا للتركمان حظوة في داعش؟
مؤسسة الوفاء التي تعمل مع مؤسسة التراث العلمي في توثيق انتهاكات داعش بحسب ما يرويه منشقون يُعرفون باسم “تيار البنعلي”، نشرت في ٩ سبتمبر الجزءَ الثالث من سلسلة “شهادة أمني تائب” لأبي مسلم العراقي. الجزءُ الأول ذكرَ بعضَ جرائم جهاز الأمن في “دولة” البغدادي، والجزء الثاني ذكر كذبهم الإعلامي، وتسلط الولاة، والتمييز بين الجنود والأمراء.
في هذا الجزء الثالث، يتحدث أبو مسلم عن “فتنة العرب والتركمان أو القراديش في عهد داعش”. ويعرّف قراديش بأنها جمع قرداش وتعني بالتركية أخي. وهو ما يطلقه التركمان على كل تركماني.
أبرز ما جاء في هذا الجزء: عرب البعاج وقراديش تلعفر اجتمعوا في قاطع واحد تحت حكم داعش، فكان العربُ يجمعون الأموالَ من أغنياءِ مناطقهم ويدفعونها للقراديش من خلال ما كان يُعرف ب ديوان الاقتصاد؛ فكان القراديش يستحوذون على الأموال ويهمّشون العرب. القراديش عارضوا تعيين العربي أبي مثنى الشمّري على ما كان يُعرف بـ إمارة ربيعة، بدلاً من التركماني أبي داود العفري. فدبّ شجار بينهم مكّن البيشمركة الأكراد من استرجاع ربيعة. أمير المنطقة كان يبدل أمراء سنجار بحيث يحصِرُهم في القراديش على حساب العرب؛ فكان الأمراءُ القراديش ينعمون بالمكيفات في المكاتب ولا يذهبون للرباط، ولأجل هذا نصّبوا مهاجرين أتراك وأذريين موالين لهم في العرق واللغة مستثنين العرب. وعندما بدأت معركة الموصل وحوصرت المدينة حتى تلعفر، ابتهج العرب وقالوا “الحمدلله لقد فُك ارتباطنا بـ (تلعفر) وزال عنا سلطان (القراديش)” أحدهم نادى في اللاسلكي: “أبشروا، انتهت خلافةُ على منهاج (القراديش) وأصبحت خلافة على منهاج النبوة.”
هذه الشهادة مهمة على أكثر من صعيد، منها أنه يُعتقد أن خليفة داعش الجديد هو حجي عبدالله قرداش.
نذكر هذا الكلام وقد نشر مركز CTC يوم الخميس ١٧ سبتمبر الوثائق الأصلية لمحضر الاستجواب التكتيكي مع أمير محمد سعيد عبدالرحمن المولى السلبي بتاريخ يناير ٢٠٠٨ وكان وقتها معتقلاً في سجن بوكا في الموصل. جنان موسى من أخبار الآن عرضت الوثائق واستدلّت منها أن أصله عربي.
وهنا لا بد من الإشارة إلى ما يلي: إن كان قرداش هو حقاً خليفة داعش المزعوم، فأصله عربياً أم تركمانياً يفيد في أننا نعرف الرجل معرفة حقة، وأن نسبه “القرشي” الذي يعزز شروط “الخليفة” المزعوم نسب صحيح. لكن أياً من هذه الأمور لم يعد ذا صلة. فجماعة البنعلي أخبرونا في وقت سابق أن من السهل جداً تزويرُ هذا النسب. حدث الشيئُ نفسُه مع أبي بكر البغدادي. ثانياً: إن كان قرداش هو حقاً خليفة داعش المزعوم، فكيف سيتعاملُ أنصارُ داعش مع خليفة خائن وشى بأكثر من ستينَ من عناصر تنظيمهم؟. ثالثاً: إن كان قرداش هو حقاً خليفة داعش المزعوم، فهو مبتور الرجل اليمنى بحسب جماعة البنعلي، وبالتالي هو مخالفٌ شرطَ سلامةِ البدن المطلوبَ في الخليفة كما تذكرُ أدبيات الجهاديين.
سفّاح قلب لوزة
قتل اثنان من المتعاونين مع حراس الدين في تفجيرٍ بصاروخٍ مسيّر استهدف سيارةً في إدلب. الاثنان هما سفينة التونسي وسياف التونسي. أنصارُ القاعدة لم يذكروا شيئاً عن سياف التونسي، لكنهم ذكروا أن سفينة كان مدرباً عسكرياً مع “جبهة النصرة” سابقاً، هتش اليوم.
ولسفينة تاريخٌ أسود فهو من قام بمجزرة (قلب لوزة) الدرزية في إدلب. المختص بالجماعات الجهادية، أيمن جواد التميمي، وفي موقعه الإلكتروني aymennjawad.org، أورد معلومات أولية عن سفينة واسمه أبو عبدالرحمن التونسي. وأنه ظهر في وثائقي قديم للـ بي بي سي بعيد الثورة التونسية؛ وأنه كان شديد البطش والظلم. وسكن في جبل الدروز وتحديداً قرية “قلب لوزة” وكان يصادر الممتلكات ويعطيها للمقاتلين، ويحطم الأضرحة، ويطالب الدروز باعتناق السنة وأن يبرهنوا على ذلك، وكان يُجند الأولاد من سن ٩ سنوات.
ما حدث في قلب لوزة في ٢٠١٥، أن شجاراً وقع بين عناصر سفينة ورجل رفض مصادرة منزله. فقُتل الرجل وأخوه وعنصرٌ من أمنيي سفينة كان قريباً لشيخ موالٍ له؛ فقام سفينة بقتل (ثلاثة وعشرين) ٢٣ شخصاً منهم أطفال انتقاماً لذلك العنصر.
ويذكر التميمي أن سفينة قُدّم لمحاكمة وكان وقتها تحت جناح جبهة النصرة وأن من حكم في قضيته كان عطون، الرجل الثاني في هتش، وحكم بديّة تُدفع لكل شهيد، لكن لاأهالي رفضوا. أما سفينة فحكم عليه بالسجن شهرين، ثم خرج من النصرة ويُقال إنه انضمّ إلى “جند الأقصى.”
أنصار القاعدة، معارضو الهيئة، عزّوا أنفسهم بقتل سفينة وسياف. ومرة أخرى وجهوا أصابع الاتهام إلى الجولاني وتساءلوا: “لماذا كل المطلوبين للجولاني مطلوبون للتحالف؟”
الاحتجاجات ضد الجولاني
تقود بضع نساء في عرب سعيد تظاهرات تطالب بالإفراج عن أبي عمر منهج، القيادي الموالي لحراس الدين المعتقل منذ يونيو الماضي بتهمة الاحتطاب، أي السرقة.
فيما ترددت أنباء عن أن نائب أبي ماريا القحطاني جلس مع أهالي القرية للبحث في إطلاق سراح المعتقلين، وعن أن أهالي البلدة سيعتصمون أمام منزل عبدالرحيم عطون الرجل الثاني في الهيئة في قرية كفرروحين.
أنصار هتش علّقوا على التظاهرات بأن ثمة من “يتاجر بقضية النساء لتحريك العواطف … (كما فعل) أتباع البغدادي.”
أنصار القاعدة يقاربون بين سلوك النظام تجاه التظاهرات وسلوك هتش الذين تعرضوا للمتظاهرات في أطمة أو عرب سعيد، وقالوا: “أول مظاهرة نسائية في ثورة الشام كانت من نساء في بانياس، فأطلق النظام النار وقتلهن.”
ولا يزال شرعي الهيئة يحيى الفرغلي يُسأل عن حكم الانتساب إلى فصيل يُشكّ في أنه على حق. ما فعله الفرغلي في الرد هو أنه أسس لقاعدة عامة وأن السؤال لا يقصد فصيلاً معيناً حتى لا يقع في الحرج إن ألمح لأي من الفصائل الإرهابية في شمال سوريا: سواء هيئة تحرير الشام أو حراس الدين أو غيرهما. ثانياً: أسس لقاعدة أن “الصواب في كل الأمور أمر بعيد على أساس أنهم بشر يخطئون ويصيبون.” ثالثاً: يحدد أفضلية فصيل على آخر بأن غايته “تحكيم الشريعة”. وهذه مسألة جدلية بين الجهاديين سواء في شمال سوريا بين أنصار القاعدة وأنصار هتش أو بين أنصار القاعدة وداعش في اليمن وغرب إفريقيا.