في نسخة هذا الأسبوع من “مرصد الجهادية” ملف عن جماعة الشباب الصومالية.
أخبار المرصد
- جماعة الشباب في الصومال تتبنى تفجير سيارة مفخخة قرب مقرّ البرلمان في مقديشو، في سلسلة هجمات أطلق عليها اسم “القدس لن تُهوّد” وكان منها غزوة (ماندا باي) ضد قاعدة بحرية أمريكية في كينيا الأسبوع الماضي.
- وكانت الشباب الصومالية قدمت “اعتذاراً” لقتل أكثر من عشرين شخصاً من “المدنيين” كانوا في حافلة في هجوم بمركبة مفخخة استهدف رتلاً تركياً في العاصمة مقديشو. الحركة قالت إن الحافلة دخلت منطقة التفجير بطريق الخطأ.
- وأنصار الجماعة على التليغرام ينشرون تقريراً مكتوباً بعنوان “تمدد الحركة وتوسع عملياتها في القرن الإفريقي”.
– وفي أخبار داعش، صدر العدد ٢١٦ من صحيفة التنظيم الأسبوعية (النبأ) يوم الخميس ٩ يناير ٢٠٢٠. العنوان العريض لهذا العدد هو إفريقيا.
على الصفحة الأولى مقال من (مصدر خاص) حول شهرين من هجمات التنظيم في بوركينا فاسو الدولة الإفريقية التي تتوسط مالي وغانا وساحل العاج.
وعلى الصفحة الأخيرة، إنفوغرافيك عن حصاد بوركينافاسو خلال أربعة أشهر الماضية. أكثر من ٣٠ هجوماً، وقتل وإصابة ١٥٦ شخص.
في الصفحة ٩، قصة عبدالحكيم الصومالي. وهو عبدالحكيم دوكوب، الرجل الثاني في الفرع الصومالي للتنظيم. قُتل في هجوم بطائرة مسيرة في أبريل ٢٠١٩.
– هذا التركيز على إفريقياً يأتي في مقدمة إصدار عن ولاية غرب إفريقيا بُثّ مساء الجمعة ١٠ يناير. مجموعات أنصار التنظيم أوعزت لأعضائها بتجهيز حسابات وتأمين القنوات لضخ روابط الإصدار في حسابات معروفة لها عدد كبير من المتابعين. وقدمت هذه المجموعات نصائح لنشر الإصدار في وقت قياسي مثل التواصل مع جهة تمنح أرقام هواتف لإنشاء أكبر قدر ممكن من الحسابات تحسباً لأي حظر.
الإصدار بعنوان “ثم تكون عليهم حسرة” ومدته ٣١:٣٥ دقيقة. والحقيقة هو ليس بدموية الإصدارات السابقة عن العراق وليبيا. لم نر في هذا الإصدار مشاهد ذبح على الأقل.
– الزاوية الأسبوعية حصاد الأجناد أحصت ٣٠ عملية هذا الأسبوع وهو عدد منخفض كثيراً عن إحصائية الأسبوع الماضي التي بلغت ٧٤ والأسبوع الذي سبقه وكانت الهجمات ١٠٩.
– افتتاحية النبأ بعنوان “والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً” عن الضربة الأمريكية قرب مطار بغداد التي قتلت قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
نقاط رئيسة في الافتتاحية:
– الفرح بقتل سليماني
– بالرغم من أنهم أي داعش لم يكونوا طرفاً في القتل إلا أنهم يعتبرونه نصراً لهم على أساس أن أعداءهم انشغلوا بأنفسهم عنهم، نقرأ: “ثم هم اليوم في كل مكان يقتل بعضهم بعضاً ويتربص بعضهم ببعض .. غير مبالين جميعهم بآثار حروبهم البينية على حربهم المشتركة ضد الدولة الإسلامية.”
– الافتتاحية تذكر لفظ إيران والعراق والصليبيين لكنها لا تذكر أميركا أبداً. لكن في الصفحة ١١ في زاوية حدث في أسبوع، نقرأ العنوان “أمريكا تتخلص من سليماني وإيران ترد بدون إراقة دماء”
– في إدلب ومحيطها في شمال سوريا الخاضع لهيئة تحرير الشام الجولاني، تتواصل حملة “انفروا خفافا وثقالاً”، بعد أقل من شهرين على حملة مماثلة لتجنيد المقاتلين.
هذه الحملة تأتي بعد كلمة الجولاني عشية عيد الميلاد عندما حدد المرحلة المقبلة بالقتال ضد روسيا وعندما ذكّر بالاتحاد السوفييتي الذي يرتبط في أدبيات الجهاد بالجهاد الأفغاني.
وكان المجلس الأعلى للإفتاء في الداخل السوري، التابع لحكومة الجولاني، أصدر فتوى رقم ٤ قبل حوالي ١٠ أيام بعنوان “فتوى وجوب النفير العام لدفع صيال الاحتلال الروسي وأحلافه”،
– وفي نفس الإطار، وهذا الأسبوع تستكمل مؤسسة أمجاد التابعة للهيئة نشر سلسلة “أسباب النصر والهزيمة” لـ عبدالرحيم عطون رئيس المجلس الشرعي في الهيئة. نشرت المؤسسة جزئين: الجزء الرابع بعنوان التوبة والإقلاع عن الذنوب، وفيه يقول عطون إن الذنب الأكبر هو “مخالفة الأمير”.
وقد نقرأ هذا في إطار ما تقدم من رغبة في حشد المقاتلين في مقابل امتعاض شعبي من الهيئة عموماً والجولاني خصوصاً.
– وفي هذا الشأن، تتفاعل مسألة حبس أبو العبد أشداء صاحب فيديو (حتى لا تغرق السفينة) الذي اتهم فيه الجولاني بالفساد المالي والإداري. حكم الجولاني على أشداء بالحبس سنتين. ومن تداعيات ذلك ما تناقله حساب (تصحيح المسار) عن أن معظم عناصر كتلة حلب المدينة، وهي تجمع مقاتلين أسسه أشداء، انسحبوا من الهيئة احتجاجاً على سجن أشداء، وسلموا مقارهم وسلاحهم للهيئة.
- وهذا الاسبوع، واصلت أمنيات الهيئة اعتقال منتقديها وآخرهم كان أبو عمار جعبار وهو قائد عسكري في الهيئة. في أواخر ديسمبر ٢٠١٩ كان دعا إلى “ثورة” ضد الجولاني.
الملف: الشباب الصومالية
لم يكن القحط وحده المسؤول عن مجاعة عام ٢٠١١ التي قتلت ٢٦٠ ألف شخص في جنوب الصومال. الشباب الصومالية كانت تمنع وصول المعونات، وتحرق الغذاء وتقتل العاملين في المنظمات الإنسانية. وحتى قبل ذلك، أحجمت الدول المانحة عن ضخ ما يكفي من الأموال للعون والبنية التحتية خشية أن تصل إلى الشباب.
بالفعل، كانت الشباب الإرهابية تحتل على ٨٥٪ من مساحة الصومال بما فيها ميناء كسمايو والعاصمة مقديشو.
ظهرت جماعة “الشباب” في الصومال جناحاً عسكرياً لاتحاد المحاكم الإسلامية التي سيطرت على الحكم في مقديشو في ٢٠٠٦. في البداية، ظهرت كجماعة “مقاومة” ضد التدخل الإثيوبي في الصومال. لكنها سرعان ما تحولت إلى جماعة جهادية عابرة للحدود. “منظمة تجيد التلاعب بمشاعر الناس، قساة وانتهازيون وبيروقراطيون،” هكذا يصفهم الصحفي الصومالي هارون معروف الذي شارك في تأليف كتاب (الشباب: التاريخ السري لأقوى حلفاء القاعدة).
الشباب والقاعدة
أعلنت الشباب الصومالية الولاء للقاعدة في فبراير ٢٠١٢. ويذهب البعض إلى أن شعور الشباب الارهابية بالضعف بعد استهداف الولايات المتحدة أفرادها وبداية انحسار نفوذها كان سبباً في طلب العون من قاعدة الجهاد العالمي. لكن معروف ، الصحفي الصومالي، يعتبر أن العلاقة بين القاعدة والشباب تكاد تكون عضوية تعود إلى أيام الاتحاد الإسلامي، المنظمة الأم للشباب، عندما بنت أول معسكر تدريبي في أبريل ١٩٩١ بعيد الإطاحة بالرئيس سياد بري. أوّل من تولى التدرب كان إبراهيم حاجي جامع المعروف باسم إبراهيم أفغان، وقد كان مقرباً من قادة الجهاد الأفغاني ولاحقاً القاعدة.
ويضيف: “وإبراهيم أفغان كان طالباً في جامعة أمريكية في العاصمة واشنطن في الثمانينات. تعرّف هناك على عبدالله عزام، (عرّاب الجهاد الأفغاني)، الذي كان في أمريكا لتجنيد مقاتلين وجمع تبرعات للمجاهدين في أفغانستان. أعجب الطالب الصومالي بشخصية عبدالله عزام وسافر معه إلى أفغانستان وشارك في القتال ضد الاتحاد السوفيين وعندما علمت القاعدة بانهيار حكم سياد بيري، أرسلوه إلى الصومال لتأسيس أول معسكر تدريب هناك. كان إبراهيم أفغان أكثر قادة الشباب أهمية لأنه كان أكبرهم: أكبر من غودانه و روبو. كان يعلّمهم ويستقبلهم في بيشاور بين أفغانستان وباكستان وهو من عرّفهم على قيادات القاعدة. يعني جنّدهم وكان الأب الروحي للشباب. هذه هي العلاقة بين الشباب والقاعدة. ”
المافيا
تتصرف الشباب الصومالية كـ”مافيا” من ناحيتين: الأولى، التعامل بين قيادييها؛ والثانية، التعامل مع أفرادها.
في الأولى، شهدت الجماعة موجتي انشقاق مهمتين واحدة ضد المغالاة والأخرى ضد التمييز.
مختار روبو
مختار روبو أبو منصور كان النائب الأول لـ أحمد عبدي غودانه أمير الشباب الصومالية. في ٢٠١٣، وصلت الخلافات بينهما إلى نقطة اللاعودة. روبو، وآخرون قياديون في الشباب الصومالية، طالبوا غودانه بحل (الأمنيات) وهو جهاز الاستخبارات الذي كان يمعن في الاعتقالات والإعدامات العشوائية. أصدر غودانه أمراً بقتله لكنه فرّ. في عام ٢٠١٨، ترشح للانتخابات الرئاسية عن منطقته في جنوب غرب الصومال. هارون معروف يعتبر أن انشقاق الرجل كان “ضربة موجعة” ويشرح: “لم يكن مجرد جهادي تدرب في أفغانستان وتلقى التعليم على يد أسامة بن لادن وغيره من قادة القاعدة؛ محلياً كان مختلفاً عن بقية قادة الشباب. في الوقت الذي اختلف فيه غودانه وإبراهيم أفغان مع قبائلهم بسب بانضمامهم للجهاد العالمين، مختار روبو لم يقطع العلاقات مع أبناء قبيلته في جنوب غرب الصومال. فبالرغم من أنه كان قائداً في الشباب وكان موالياً للقاعدة، إلى أنه حاز دعم قبيلته؛ فكان يحرص على أن يتحدث باسمهم مع قادة الشباب بل ويتحدى القادة في مسائل تتعلق بطلب الحدّ من الاعتقالات والإعدامات العشوائية. كان مثلاً ضد طرد المنظمات الإنسانية من منطقته في جنوب غرب الصومال … ولنتذكر أنه بين انشقاق روبو واستسلامه للحكومة خمس سنوات. خلال هذا الوقت كان يحظى بحماية قبيلته بالرغم من أنه لم يكن موالياً لا للشباب ولا للحكومة.”
أبو منصور الأمريكي
أبو منصور الأمريكي أو عمر حمّامي كان مواطناً أمريكياً انضمّ إلى الشباب الصومالية في عام ٢٠٠٦، وكان أحد القياديين في الشباب إلى أن أصدر غودانه أمراً بتصفيته.
ويرجع الخلاف في المسألة إلى التنافس بين المقاتلين المحليين الأجانب، المهاجرين والأنصار، والذي ظهر في الحركة في وقت مبكر جداً عن جماعات جهادية أخرى.
الشباب كانوا ينظرون بعين الريبة لكل وافد. فكان المقاتلون الوافدون يُجرّدون من كل مقتنياتهم ويودعون مخيماً تدريبياً في منطقة نائية معزولة عن العالم والأهم عن مقارّ قيادة الشباب الصومالية.
يضيف هارون معروف: “بعض هؤلاء الأجانب حاولوا تنظيم أنفسهم في جناح عسكري خاص. الشباب كانت ترغب في أن يديروا شؤونهم بأنفسهم، لكنها كانت ترفض انفصالهم عنها. في البداية تولى جهادي من كينيا اسمه صالح نبهان إدارة هذا الفريق من المقاتلين الأجانب لكنه قتل في هجوم أمريكي عام ٢٠٠٩ وحلّ مكانه عمر حمّامي . لكن حمّامي كان شخصية جدلية بعض الشيئ. بالرغم من أنه كان محباً للقتال إلأ أنه كان كثير الكلام وكان يكتب مذكراته ويستخدم أسماء وهمية على منصات التواصل الاجتماعي. علمت قيادة الشباب بأمر، فهو من الصف القيادي ولكنه في نفس الوقت يتواصل على المنصات الإلكترونية بأسماء وهمية … كان ينشر تسجيلات ينتقد فيها غودانه ويقول فيها إنه يخشى على حياته منه. بل إنه تحدث إلى الإعلام وقد تحدث إليّ كصحفي وندد بـ غودانه وقال إنه يهدد حياته وحياة أسرته. وهكذا أصبح حمّامي طريداً لكنه لم يترك الصومال، بل استعان بأنصاره ومقاتلين كانوا معه وذهب إلى الغابات. لكن التنظيم تعقبه وأعدمه.”
الأتاوات
يصف هارون معروف الحياة تحت احتلال الشباب الصومالية بمن يعيش تحت رحمة عصابة. ويقول: “لا يمكن لاحد أن ينتقدهم في أي شيئ ولا يمكن لاحد أن يتحدث مع أي جهة حكومية أو مستقلة .. كان للناس فقط أن تذهب إلى المسجد، وترعى الخراف وتهتم بشؤون بيتها .. وكانوا يسيطرون على المدارس ويجبرون الأهالي على التبرع بأولادهم في سن ٨ أو ٩ سنوات .. كانوا يأخذونهم إلى مدارسهم الخاصة وبعد خمس سنوات يرسلونهم إلى ساحة المعركة .. كانوا يفرضون الضرائب على الناس والتجار في مقديشو والمدن الأخرى .. لديهم ٣ أنواع من الضرائب: الضرائب المعتادة، الزكاة وتدفع سنويا، وضريبة الجهاد .. يأخذون هذه الأموال من الناس حتى في المناطق خارج سيطرتهم. يتصلون بالتجار ويبتزون الأموال، ويهددونهم أنه إذا رفضوا سيخربون تجارتهم أو يقتلوهم.