نهاد جريري
يمكنكم الاستماع إلى الحلقة الكاملة عبر تطبيق بودكاست
ما بعد البغدادي: اختراقات أمنية تهدد “الخليفة” الجديد
- في هذه الحلقة عنوان واحد: قُتل أبو بكر البغدادي وعُيّن أبو إبراهيم الهاشمي.
- أسبوع دراماتيكي في تاريخ داعش والحركات الجهادية الأخرى حقيقة من القاعدة إلى هيئة تحرير الشام.
- مساء الخميس وبعد أربعة أيام فقط من إعلان واشنطن قتل البغدادي، أكد تنظيم داعش قتل أبو بكر البغدادي وناطقه الرسمي أبو الحسن المهاجر.
- الكلمة التي قرأها الناطق الجديد أبو حمزة القرشي ونقلتها الفرقان الذراع الإعلامية المتخصصة في أخبار قيادات داعش أعلنت أيضاً عن تعيين خليفة جديد هو “أبو إبراهيم الهاشمي القرشي”
ودعت الكلمة إلى الثأر في المرحلة المقبلة. وبالفعل، بالنظر إلى شخص “أبو إبراهيم”، على الأرجح ستكون المرحلة المقبلة دموية.
أبو إبراهيم “التركماني”
أشار المتحدث الجديد إلى أن التوافق على “أبو إبراهيم الهاشمي” جاءت بناء على “وصية” أوصى بها البغدادي. وهذا يرجح أن يكون الرجل هو حجي عبدالله أبو عمر التركماني. وحتى تستقم الخلافة يجب أن ينتشب الرجل إلى قبيلة قريش. فما قصة التركماني؟
يقول حسن أبو هنية، الخبير في الجماعات المتطرفة :”عبدالله قردش أبو عمر التركماني، من تلعفر. والتركماني نسبة إلى المكان وليس لأنه تركماني بمعنى غير عربي. ثمة إجماع داخل التنظيم على أن قردش قرشي هاشمي وهذا ما أكده أبو زيد العراقي اسماعيل العيثاوي أحد أهم المعتقلين في العراق الذي كان يرأس ديوان البحوث وكان مرشحاً لخلافة البغدادي. قال عنه يوم عين التركماني نائباً للبغدادي إنه يوجد إجماع داخل التنظيم أنه هاشمي يصلح على شرط التنظيم ليكون خليفة. كان الأمر محسوماً مبكراً أنه من أصول عربية قرشية.”
“كان يرأس الديوان الأهم في التنظيم وهو ديوان الأمن. وكان مسؤولاً في فترة من الفترات عن التفخيخ ولقبه المدمر لعنفه. عاصر الزرقاوي وأبو عمر البغدادي، أي أنه قديم.”
جمعة البغدادي!
يستبعد أبو هنية أن يكون أبو إبراهيم هو جمعة شقيق البغدادي، ويقول:
“أثيرت مثل هذه الأمور سابقاً وكان نوعاً من التشويش ليُقال إنه توريث، لكن ليس ثمة ما يدل على صحة هذا الأمر.”
ما وراء الخلافة
قبل مساء الخميس، كانت تدور تكهنات حول ما إذا سيحتفظ “زعيم التنظيم” بلقب “خليفة” وأنه ستكون للأمر دلالات بالنظر إلى أن “الخلافة” اندحرت ولم يعد لها وجود على أرض الواقع وأنها لا تتجاوز شكلاً من التنظيم السري.
يقول أبو هنية: “هذا يشي بأن التنظيم يصر على رمزية الخلافة وإمارة المؤمنين؛ ونهجه تمكين وليس زعيم كنهج ابن لادن الذي كان يقود حرب نكاية. التنظيم يريد التمكين وإقامة مشروع سياسي للخلافة حتى لو صارت افتراضية. ”
أربعة يام
يرى أبو هنية أن الإعلان عن الخليفة الجديد جاء في وقت قياسي فالإعلان عن خليفة للزرقاوي استغرق ثلاثة أسابيع، وخليفة لأبي عمر البغدادي استغرق أكثر من شهر. يرجح أبو هنية أن “المراكز كانت محسومة نوعاً ما … وأنه منذ أكثر من عام أعيد تكوين اللجنة المفوضة برئاسة الحجي عبدالناصر. وحتى الولايات الخارجية تمت التعيينات فيها. فلم يترك الأمر هكذا. دائماً توجد خطط بديلة وهيكلية جاهزة سلفا.”
لعلاقة مع الآخر
إذا، بوجود رجل مثل التركماني على هرم هذا التنظيم الإرهابي: رجل عُرف بدمويته، كيف سيكون شكل العلاقة بين داعش والقاعدة ممثلة بحراس الدين لأن البغدادي قُتل بينهم وبين هيئة تحرير الشام التي تسيطر عملياً على الأرض حيث قُتل.
يقول أبو هنية: “قرداش سيكون أكثر تشدداً لأنه قاد عملية تطهير النصرة من لاشرقية في ٢٠١٣ و ٢٠١٤ وكان أحد مبعوثي البغدادي لإنشاء فرع في سوريا واختلف مع الهراري والجولاني ودخل في صراع معهم وأعتقد أنه سنشهد حالات انتقام واغتيال وأنه سيتخذ موقفاً أكثر تشدداً تجاه القاعدة، حراس الدين أو تحرير الشام.”
البصمة الصوتية
- بالعودة إلى تفاصيل قتل البغدادي، اتضح أن للتقنية الحديثة دور في تحديد مكانه من خلال تتبع ما يُعرف بالبصمة الرقمية للرجل.
- ما هي البصمة الرقمية : الصوتية والمرئية، وكيف ترتبط بالجغرافيا.
- دلشاد عثمان، خبير أمن المعلومات يشرح أن لكل صوت خصائص يتمّ عزلها حتى تصبح “بصمة صوتية” للشخص المعني. عندها تستطيع الاستخبارات أن تطلق مجسات تلتقط وبدقة عالية جميع الأصوات في المحيط المستهدف، تعالج الأصوات وتطابقها مع البصمة الصوتية المُخزنة فيها.
- ويشرح عثمان أن المجسات قد تلتقط الأصوات من “مكالمة هاتفية أو رسالة صوتية على الواتساب أو حتى في الشارع من خلال مايكروفون يحمله شخص ويسير في سيارة. “
التشفير
لطالما تفاخر عناصر داعش بأن لهم القدرة إلى إخفاء آثارهم الرقمية. عثمان يرى خلاف ذلك ويقول:
“داعش لا يعرف كل شيئ. لا يعرفون كيف تعمل المنصات على السوشيال ميديا وكيف تجمع البيانات. أنا أعمل في أمن المعلومات منذ ١٠ سنوات، وأخيراً انتقلت إلى مجال آخر يتعلق بأمن المعلومات لأكتشف بحر هائل من طرق التحقيق لم أكن أعرف عنها.
عندما ينشر داعش على تويتر أو يوتيوب، لا يعرفون ماذا تجمع هذه المواقع معلومات وبيانات.
حتى عندما يستخدمون ال VPN فهم لا يدركون أن هذه الشركة موجودة في دولة معينة وتستطيع أن تراقب ما يحدث وأن تحدد موقع الاتصال. وكل هذه امور تساعد في التحقيقات.”
“لنقل إن شخصاً موجود في منطقة الجزيرة ويعمل تشفير عندما يرفع مواد على archive.org، لانهم يحملون موادهم هناك. يتصل بـ VPN ويرفع المادة. أثناء الرفع، المادة تكون مشفرة، لكن بعد الرفع سيظهر بوضوع أنها من داعش. يستطيع ألـ FBI مكتب التحقيقات الفدرالية أن يرسل طلب قضائي إلى ألـ VPN ولنقل أنه في ألمانيا. يرسلون لهم أنه في الساعة والثانية كذا تم رفع المادة كذا. تستطيع الشركة تحديد من رفع الفيديو من خلال الميتاديتا. تستطيع أن تحدد أن المصدر من الجزيرة السورية. يمكن عندها طلب ألـ ime number وهو رقم الهاتف وهكذا يمكن ملاحقة الشخص من خلال مزودات الخدمة في المنطقة والبصمة الإلكترونية للهاتف مثل gmail إذا كان أندرويد أو icloud إذا كان آيفون .. ومن تلك اللحظة يوصم هذا الحساب ببصمة إلكترونية وتتم مراقبته في أي لحظة أخرى يتواصل فيها مع النت سيُعرف متى وأين.”
خيانة البغدادي
يقول عثمان: “فهمت أن الاختراق كان عن طريق شخص موجود مع البغدادي هو من سهل عملية الاختراق. ولكن هذا الشخص من التنظيم. فحتى تتأكد الاستخبارات الأمريكية أو الكردية من أن معلوماته سليمة، ربما طلبوا منه أن يدخل موبايله إلى الغرفة التي فيها البغدادي وأن يتحدث معه. وكان المايكرفون مفتوح وتم تسجيل صوت البغدادي ومقارنة البصمة الصوتية. لكن هذا غير كافي لان الصوت قد يكون مسجلاً. لهذا طلبوا منه أشياء أخرى مثل قطعة من ملابسه. وقرأت أنه تم استخدام تقنية التحقق من الوجه face recognition. ”
جهاديون احتفوا بقتل البغدادي
هيئة تحرير الشام احتفت بقتل البغدادي. صحيفتها الأسبوعية إباء نشرت الخميس مقالاً بعنوان: “البغدادي، سجل أسود من الظهور وحتى النهاية.”
والشرعي في الهيئة، الزبير أبو عبدالرحمن الغزي يقول : “إن صح مقتله كنا نتمنى أن يقتل على أيدينا لكن قدر الله أن يقتل على يد الامريكان. ”
قاعديون أبرزهم عبدالله المحيسني، الذي انشق عن الجولاني ويُعرف عن نفسه بأنه داعية مستقل في إدلب نشر كلمة صوتية سأل فيها: “هل ندعو عليه أم نصمت؟” قال فيها: “ليلة عظيمة في تاريخ المسلمين وكان يوماً عظيماً من أيام الله، أهلك الله فيه رأساً من رؤوس الضلالة. عن لاخارجي الهالك أبو بكر البغدادي أتحدث”
الجولاني: الحلقة المفقودة
وفي التداعيات، وجهت أصابع الاتهام إلى هيئة تحرير الشام بالتواطؤ في قتل البغدادي. في نهاية الأمر العملية تمت في أراضيها واستمرت ثلاث ساعات. حاول أنصار الجولاني وبشكل غير مباشر الدفاع عن أنفسهم. شرعي الهيئة الزبير أبو عبدالرحمن الغزي تساءل: “فيأتي من يطعن بهيئة تحرير الشام لأن البغدادي قتل في أرض سيطرتها، فلماذا لا تلوم حواجز الاكراد ثم الجيش الوطني ثم حواجز الأتراك في عفرين … كلنا يعلم أمنيات البغدادي العالية والتخفي،”
ونشرت وكالة إباء الإخبارية التابعة لهيئة تحرير الشام بعد يومين من قتل البغدادي فيديو بعنوان: “تحرير الشام تكشف طريقة وصول عناصر داعش إلى إدلب”، وجاء فيه: “وبسبب ضعف القبضة الأمنية للفصائل في درع الفرات وغصن الزيتون، شكلت تلك المناطق ملجأ آمن لجماعة الدولة الفارين من قسد ولم تنفذ هذه الخلايا تفجيرات أو اغتيالات هناك حفاظاً على أمنهم … ولأن جزءاً كبيراً من الحد الطويل الفاصل بين غصن الزيتون وإدلب هي أرض وعرة أصبحت الخلايا تحاول الانتقال لإدلب عن طريق التهريب ودفع أموال طائلة للمهربين من أجل تنفيذ أعمالهم الإجرامية ضد المجاهدين في إدلب.”
حساب الفجر القادم على التلغرام تساءل: “أين قادة هيئة تحرير الشام مما يجري في إدلب؟ لقد شاهدنا بالأمس ما حصل في ريف إدلب الشمالي التي تحكمها هيئة تحرير الشام (حكومة الإنقاذ -كما تدعي- ) فأين هم؟” ويجيب الحساب: ” عند معاصر الزيتون يأخذون الأتاوات؛ من المسلمين والفتوى جاهزة أيضا.”
حراس الدين
بعد ثلاثة أيام من قتل البغدادي، أعلن فصيل جماعة أنصار الحق انفصاله عن تنظيم حراس الدين، وفي بيانهم المنشور يوم الأربعاء ٣٠ أكتوبر جاء: “ومما زاد من ألمنا أن يبتلى أميرٌٌ لجماعة تسعى إلى تحكيم شرع بالنزول للقضاء الشرعي فيمتنع لأسباب نراها واهية، لم توضح الجماعة في حسابها على التليغرام طبيعة هذا الخلاف.
اقرأ أيضاً:
مرصد الجهادية الحلقة رقم 6: ما بعد “نبع السلام”..الجماعات الجهادية في إدلب ستجلب كارثة على أهلها