أخبار الآن | ريف إدلب – سوريا (سونيا العلي)
يعتبر مرض الليشمانيا من الأمراض الخطيرة التي تستدعي عناية خاصة ومكافحة مستمرة، وقد ازدادت الإصابة به في السنوات الأخيرة ولاسيما في المناطق المحررة، أما في إدلب فقد سجل الأطباء أرقاماً متزايدة من المصابين وقد وصلت إلى 60 ألف حالة حسب تقارير منظمة الصحة العالمية.
أسباب انتشار المرض
الطبيب "فاروق العوض" من معرة النعمان أخصائي بالأمراض الجلدية يقول: "ينتقل مرض الليشمانيا عن طريق لدغة ذبابة الرمل التي تعيش في تشققات الجدران وهي حشرة ضعيفة تنشط في فترة الربيع في شهري نيسان وأيار عندما تتراوح درجات الحرارة بين 18 و25 درجة، وتتكاثر هذه الذبابة في حظائر الحيوانات وسقوف المباني والأماكن المهجورة وقد ازداد هذا المرض بشكل كبير بسبب حركة النزوح من مناطق إلى أخرى إضافة إلى انتشار القمامة وسوء الخدمات وكثرة المجاري المكشوفة ناهيك عن عدم وجود كوادر طبية كافية ونقص الدواء اللازم لمكافحة المرض".
ويبين الطبيب بأن الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بالمرض وخاصة في الأحياء الفقيرة بسبب ضعف المناعة والسكن غير الصحي، وللمرض عدة أنواع منه "الحشوي" وهو مرض قاتل لأن الطفيلي يتركز في الكبد والطحال، والنوع الثاني وهو الأكثر شيوعاً وانتشارا ًويسمى "الجلدي" الذي يسبب قرحات جلدية على شكل حبة جافة أو رطبة قبيحة المظهر وتسمى بالعامية "حبة السنة" لأن بعضها يحتاج إلى فترة لشفائها حوالي السنة، ويتم علاجها عن طريق الحقن الموضعي أو العضلي، ولكن النقص في كمية الدواء بالنسبة لعدد الحالات يعتبر مشكلة كبيرة و يحول دون استيعاب جميع المرضى.
أهمية انطلاق الحملة
"حسن قدور" هو أحد المسؤولين عن حملة مكافحة الليشمانيا يقول: "انطلقت الحملة من بداية نيسان وستستمر حتى نهاية شهر أيار بهدف مكافحة ذبابة الرمل الناقلة للمرض، وتشمل الحملة رش رذاذي داخل منازل المواطنين ومن المقدر أن يستفيد من هذه الحملة مليون ونصف شخص من محافظة إدلب بالإضافة إلى توزيع ناموسيات على 500 ألف شخص ممن يقطنون الطوابق الأرضية والمنازل غير الصحية".
ويلفت السيد "حسن" إلى أن العمل يتم عن طريق شبان متطوعين يعملون طيلة النهار مرتدين لباساًخاصاً يقيهم من تأثير المواد المستخدمة، وقد تم توزيعهم على مجموعات لتغطية المحافظة بالكامل حيث يشمل كل فريق عامل بخ ومساعد مهمته إيصال تعليمات السلامة إلى أصحاب المنزل ومنها عدم دخول المنزل قبل مضي ساعتين على عملية الرش، وعدم غسل الجدران بالماء حتى لا تفقد المبيدات فعاليتها حيث تستمر فعالية الدواء لمدة ستة أشهر.
وقد لقي هذا العمل استحساناً وترحيباً واسعاً من أهالي المحافظة الذين عبروا عن فرحهم وامتنانهم.
"أبو حسام" من ريف إدلب، هو أحد المستفيدين من المشروع يتحدث عن ذلك: "أصيب أحد أولادي بمرض الليشمانيا حيث ظهرت في وجهه حبة حمراء صغيرة وبعد مضي أسبوعين على وجودها ذهبت به إلى مخبر التحليل وظهرت النتيجة بأنها حبة الليشمانيا، وبدأت رحلة علاج طويلة عن طريق حقنها بالإبر أسبوعياً ولم يتم شفاؤها حتى الآن، فقد تركت مكانها ندبة تحتاج إلى عملية تجميل للتخلص من آثارها". ويؤكد أبو حسام بأنه شعر بالسعادة عند وصول فريق الحملة إلى منزله حيث قاموا برش جدران المنزل وقد لاحظ اختفاء الحشرات من المنزل وهذا يدل على فعالية الدواء المستخدم.
تدابير للوقاية من المرض
قامت الحملة "بحسب القدور" بتوعية الأهالي وتقديم معلومات عن المرض واتباع الخطوات الوقائية التي تتمثل بارتداء الملابس السميكة واستخدام الناموسية عند النوم وتغطية أماكن الإصابة لمنع انتقال العدوى من شخص لآخر، إضافة إلى ترحيل القمامة بعيداً عن أماكن السكن وردم المستنقعات وأماكن تجمع المياه القذرة.
وباء بدأ يؤرق الناس في إدلب في ظل انهيار منظومة الرعاية الصحية، لذلك يبذل المعنيون في القطاع الصحي ومكاتب الصحة في المجالس المحلية والمنظمات الطبية جهوداً مضنية لتأمين الحد الأدنى من الخدمات الطبية العلاجية والوقائية الضرورية للمواطنين.