أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – بواسطة "أسامة فاروسي " بالتعاون مع أراجيك
يولد كل منا وهو يملك جهازاً عالي الحساسية للأصوات، يرافقه طوال حياته ويساعده في أداء مهامه، ربما كان سبباً كبيراً في تلافي الأخطار المحيطة، والأهم من ذلك كله هو أن هذا الجهاز هو أساس صلة الوصل بين البشر جميعاً، فبدونه لن نتمكن من التواصل بنفس السرعة والكفاءة التي نتواصل بها عن طريق اللغات، نعم إنه جهاز السمع…
في الحالة الطبيعية تظهر علامات ضعف السمع على الأشخاص في أعمار متأخرة تتراوح ما بين الـ (65-74) وذلك لأسباب مختلفة يعد سماع الأصوات العالية أهمها، ففي صخب المدن الذي نعيشه يوماً بعد يوم، لا عجب أن تُنهك آذاننا وتشيخ في أوقات مبكرة..
وربما شكلت المهن عاملاً قوياً، فحوالي 44% من النجارين يصابون بضعف السمع، وحوالي 48% من عمال المناجم والسباكين يصابون به أيضاً كما أشارت الإحصاءات.
كما أن للأدوية المختلفة كالمضادات الحيوية وعقاقير العلاج الكيمائي تأثيراً مشابهاً أيضاً.
هذه الحالات كلها تكون خارجة تقريباً عن الإرادة ولا مفر من حدوثها، إلا اتنشار ظاهرة استخدام السماعات أسفرت عن المزيد من الإصابات السمعية التي لم تكن في الحسبان.
فالكثير من الناس وعلى الأخص الفئات العمرية الشابة والمراهقين، يطيلون استخدام هذه السماعات وهم يلعبون الألعاب الحاسوبية أو يستمعون إلى الموسيقى، وإذا كنت أباً أو كنتِ أماً لمراهقين لا بد وأنك تسألين ولدك مرات عديدة في اليوم أن يزيل السماعات من أذنيه حتى تتمكني من الحديث معه، أمر متعب حقاً، لكن تذكري في المرة القادمة أن تقولي ما تريدين قوله لولدك بعد أن تذكري له الحقائق التالية:
تشير الإحصاءات إلى أن واحداً من كل خمسة مراهقين يعاني من ضعف سمع بدرجة معينة، والسبب الأول في ذلك هو هذا الجهاز الذي أصبح لا يفارق أذنيه، وهذه النسبة تعد أعلى بحوالي 30% مما كانت عليه في التسعينات والثمانينات..
#يؤدي هذا الضعف في السمع إلى مشاكل في الكلام واللغة ولو كان معتدلاً، ولربما ستسغرب من سرعة تاثيره الكبيرة، فعند الاستماع إلى موسيقا ذات تردد يتجاوز 120 ديسبل (وحدة قياسية للصوت) سيحدث الضعف المرتقب في السمع خلال 15 دقيقة فقط!! إلا أن طبيعته التراكمية لا تسمح لنا بالشعور بتأثيره مباشرة..
تماماً كما يحدث عند رفع درجة حرارة إناء من الماء رويداً رويداً، فيحدث الغليان تدريجياً دون أن نشعر بارتفاع مفاجئ في الحرارة.
حيث يؤكد الخبراء أنه عندما يكون صوت السماعات مرتفعاً بحيث لا يستطيع الشخص سماع شيء حوله فقد دخل مرحلة الخطر، وبدأ التأثير السيء بأخذ مفعوله.
لهذا يجب علينا أخذ الحيطة عند استخدام السماعات فلا يكون الصوت أقوى من 60% من شدة الصوت العظمى للجهاز الذي تستمع بواسطته، وذلك لمدة ساعة واحدة يومياً، وكلما رفعت شدة الصوت وجب عليك تقليل الفترة التي تستمع فيها بنسبة متساوية، ومن الجدير بالذكر أن الأطباء قد حددوا الفترة التي يمكننا فيها الاستماع لشدة الصوت العظمى يومياً وكانت حوالي خمس دقائق فحسب!
ما الذي يحدث في آذاننا حتى ينتج مثل هذا الأثر الضار؟
ببساطة شديدة، كلنا يعلم بأمر الشعيرات الحساسة التي توجد في الأذن وتتحسس الأصوات فتجعل من الذبذبات سيالات عصبية تنتقل إلى الدماغ ليتم تفسيرها، وعند التعرض للأصوات ذات الشدة العالية والتي تتجاوز 105 ديسبل تتحطم هذه الشعيرات وتتأذى فينتج ضعف السمع وقلة الحساسية السمعية..
حيث يمكن ملاحظة ضعف واضح في السمع لدى مستخدمي السماعات بشكل كبير، فتجد من الصعب التحدث إليهم في الأماكن المزدحمة قليلاً فأنت تحتاج دوماً إلى إعادة كلامك مرتين على أقل تقدير، مما يعني أن قدراتهم السمعية قد وصلت إلى حتفها على الرغم من سنهم المبكرة.
بعض النصائح لتجنب خطر ضعف السمع
– تذكّر أولاً أن الموسيقى الجميلة التي تستمع إليها اليوم بصوت مرتفع لن تكون قادراً على سماعها بشكل واضح في المستقبل..
– عليك بإحضار السماعات التي تتمتع بتصميم خاص يمنع سماعك للضوضاء حتى لو لم تكن تستمع للموسيقا، فهذا سيمنعك من رفع الصوت ليغطي الصخب المحيط بك.
– استخدم سدادات الأذن عند التعرض للأصوات العالية، فهي تخفض من شدة الصوت حوالي 30 ديسبل، وهو ما يعيدك إلى المجال الآمن فلا تتأذى الشعيرات السمعية.
– تجنب التدخين فهو عامل مساعد على فقدان السمع، وإذا لم تكن مدخناً فتجنب المدخنين من حولك.
– عليك بتنظيف آذانك يومياًُ من الصملاخ.
– قم بفحص سمعك عند الطبيب، مما يسمح لك بمعرفة الإجراءات التي يمكن اتخاذها قبل أن تدخل في مرحلة حرجة.
– وأخيراً تجنب أو حاول التخفيف من الأدوية التي تضعف السمع كعقاقير العلاج الكيميائي والمضادات الحيوية وغيرها..
هل من علاج ممكن؟
يعتقد الباحثون أن مضادات الأكسدة المترافقة مع المغنزيوم قد تنفع في تقوية الأشعار السمعية الدقيقة مما يمنع ضعف السمع، وللمادة المسماة aminoglycoside تأثيراً مشابهاً، هذا يساعد في الحماية، لكن حتى الآن يبدو أن هذا التأثير غير قابل للعكس، فلا يعود نمو تلك الشعيرات ثانيةً بعد موتها أو تحطمها.
لكن بعد قراءتك للمقال، لا بد أنك رأيت مثالاً واقعياً يؤكد على أن درهم وقاية خير من قنطار علاج، وأن مبادرتك أنت أولاً لحماية نفسك، أهم من سعيك وراء أفضل الأطباء ليعيدوا لأجهزتك جزءاً من قدراتها الأصلية التي فقدتها.