أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة – بواسطة "أسامة فاروسي " بالتعاون مع أراجيك
هل قام أحدهم بمسح يده قبل ان يصافحك في يوم ما؟!، وهل ذهبت يوماً إلى صالة رياضية فوجدت بعض المتدربين الذين يتعرقون بغزارة غير طبيعية؟، هل أنت ممن يعودون إلى المنزل بعد مشي طويل بقميص مبتل تماماً؟
حسناً، ستكون الإجابات بنعم كثيرة حتماً للانتشار الواسع لهذه الظاهرة الغريبة والمزعجة في نفس الوقت، التعرق الزائد أو (hyperhidrosis) من أكثر الاضطرابات الجلدية إزعاجاً..
لكن لحسن الحظ لا ترتبط هذه الحالة مع مخاطر كبيرة إلا في حالات معينة يكون فيها التعرق دالاً على شيء غير طبيعي في عمل الجسم كما سأذكر لاحقاُ، وهي ليست من الأمور سهلة التشخيص لما لها من تداخلات.
يعتبر التعرق أمراً طبيعياً يقوم الجسم عن طريقه بتعديل حرارته عند ارتفاعها، حيث تفرز الغدد العرقية هذا السائل الذي يتبخر عن سطح الجلد مما يسمح بتبريده، لكن هناك بعض الأجسام البشرية التي تمتلك استعداداً أكبر من غيرها للتعرق، حيث لا يقوم الشخص بنشاط مجهد كثيراً، وتكون الحرارة معتدلة، كما لا يعاني الشخص من أي عوامل موترة أو حالة حمى مرضية، لكنك مع ذلك تجده يتصبب عرقاً، أي دون أن يحتاج طبيعياً للتعرق.
يوجد لهذه الحالة نوعان:
1- التعرق في مناطق محددة من الجسم (localized sweating)
يحدث لدى الناس بنسبة 1% إلى 3%، وذلك بدءاً من سن الطفولة أو ما بعد البلوغ، يحدث في عدة مناطق مختلفة من الجسم كالساعد، الفخذ، الرأس، الوجه، اليدان، أو القدمان، وتبدو الأعراض متناظرة في كل من طرفي الجسم.
أي ما يحدث على اليد اليسرى مثلاً، يحدث على اليد اليمنى، وتحرياً عن السبب وجد العلماء أن هذا النوع من التعرق يرتبط بخلل عصبي بسيط، ويبدو أنه ينتقل عائلياً.
2- التعرق المعمم الشامل (Generalized sweating)
وهو أقل انتشاراً من النوع السابق، لكنه يعتبر أكثر خطورة طبياً، وأحد الدلائل عليه هي التعرق الزائد في الليل، فما الذي يؤدي لظهور هذا النوع من التعرق؟
ليس الخلل العصبي البسيط سبباً له هذه المرة، بل إنه يعود إلى حالات طبية وأمراض مختلفة منها:
انقطاع الطمث، الحمل، المشاكل في الغدة الدرقية، السكري، إدمان الكحول، التهاب المفاصل، مرض باركنسون، السل، تعب في القلب، وسرطان الدم والعقد اللمفية..
وقد يسبب التوتر هذا النوع من التعرق لكن بدرجة أخف قليلاً، كما تسببه بعض الأدوية كبعض الأدوية النفسية، أدوية الضغط القلبي وجفاف الفم، وبعض المضادات الحيوية،وعدد من المكملات الغذائية.
يعتبر النوع الثاني من التعرق (Generalized sweating) أحد حالات التعرق التي يجب عليك أن تستشير طبيبك فيها، كما أن التعرق الليلي، والتعرق الغير متناظر (الذي يحدث في جهة من الجسم دون الأخرى)، والتعرق الذي يدخل في تطورات جديدة بشكل مفاجئ، أو يبدأ في سن متأخرة، أو عندما يترافق مع اعراض أخرى كالتعب، الأرق، العطش الزائد، والنعاس..
كلها حالات يجب عليك استشارة الطبيب فيها لأنه من المرجح ارتباطها بحالات مرضية معينة، ولعلاجها يجب علاج الحالة المرضية المرتبطة بها أولاً، بعدها ستزول الحالة لوحدها غالباً.
أما لعلاج الحالة الأولى (localized sweating) فيمكن اتباع عدة طرق، منها:
1- الرحلان الشاردي: يتم فيه استخدام نبضات كهربائية منخفضة التوتر لتعطيل الغدد العرقية بشكل مؤقت.
2- بعض الأدوية ومانعات التعرق: التي تمنع الغدد العرقية من بدء نشاطها.
3- حقن البوتوكس: التي تمنع الألياف العصبية المسؤولة عن تنشيط التعرق الغزير من البدء بعملها.
4- الجراحة: كحل أخير إذا لم يتم نجاح الخطوات السابقة، وفيها يتم قطع العصب المسؤول عن التعرق الغزير وهو موجود في الصدر، كما يمكن إزالة عدد من الغدد العرقية جراحياً.
العصب الصغير عند الضلع الثالثة هو العصب المسؤول عن التعرق
إذا لا تترك حالة التعرق الزائد لديك رهينة للزمن معتقداً بأن العلاج غير ممكن، أو أنه لا ضرر منها طالما أنك لا زلت على قيد الحياة، فلربما كانت حالة التعرق التي تعاني منها صفارة إنذار لكي ترى حالتك الصحية، مما يظهر لك مرضاً بدأ انتشاره في جسمك وأنت لا تدري.
وبغض النظر عن الأمراض، ستسبب لك هذه المشكلة إزعاجاً كبيراً خصوصاً في حالاتها الشديدة، فهناك البعض ممن يمسكون القلم عند الكتابة ولا يتجاوز الوقت خمس دقائق حتى تصبح يدهم زلقة من أثر التعرق، وقس على ذلك في مواقف كثيرة، فما دام العلاج متوفراً لا تتوانى عن محاولة القيام به والسؤال عن فعاليته لدى أطباء البلد التي تقطنها أينما كنت.