أخبار الآن | دبي – الإمارات العربية المتحدة –  بواسطة "أميرة أحمد" بالتعاون مع أراجيك

هناك علاقة قوية بين العقل والجسد لا يمكن لأحد ان ينكرها، وكل يوم تكتشف الأبحاث والدراسات ما يثير دهشتنا حول هذه العلاقة ، ومدى تأثر الجسد بالعقل الباطن تحديداً ، ويتجلى ذلك في كثير من المواقف .. وحديثنا هنا عن تأثر المريض بقناعات العقل ..

تعريف البلاسيبو
البلاسيبو أو العلاج الوهمي ؛ هو العلاج بأدوية لا تحتوي على أي عناصر علاجية ولا تأثير لها على الإطلاق،  كإعطاء المريض “حبوب سكر” على انها حبوب دوائية ، أو إجراء العمليات الجراحية الوهمية، كجراحة “اللا شيء” التي ابتكرها أطباء ولاية تكساس.
وتتمثل في تخدير المريض وتهئيته نفسياً لعملية جراحية حقيقة، ولكن كل ما يحدث هو تخدير المريض وأحداث جرح بسيط بالمكان المراد علاجه ثم خياطته دون فعل أي شيء !
والمدهش حقاً هو شفاء كثير من المرضى بعد إخضاعهم لهذا العلاج الوهمي ، والسبب هو الإعتقاد حيث أثبت العلماء ان الاعتقاد يمثل 30% من أي علاج !
أما عن المصطلح نفسه بلاسيبو  Placebo؛ فهى كلمة لاتينية الأصل تعني” I shall please ” أو ” سأتحسن “.

رأي العلماء
في عام 1955 ابتكر طبيب التخدير “هنري بتشر” فكرة العلاج الوهمي ، حيث قام بعدة أبحاث ودراسات حول كيفية تحسين الصحة بإستخدام مادة غير فعالة دوائياً، وأكد ان 35% من الحالات المرضية قد تماثلت لشفاء بالفعل بالعلاج الوهمي ،وهو ما أثار شكوك الكثير من الأطباء والعلماء آنذاك، فما كان منهم إلا رفض الفكرة ودحضها والتشكيك بها .

وفي  العام 2011 توصلت دراسة في جامعة هارفارد الأمريكية إلى إثبات صحة هذه النظرية، مؤكدة أن الوهم يلعب دوراً  كبيراً في شفاء كثير الحالات، عن طريق احداث تغييرات في العمليات الكيميائية في المخ.

كيف يعمل العلاج الوهمي؟
عن تأثير العلاج الوهمي يقول أستاذ علم وظائف الاعضاء “فابريزيو بينيديتي”: ” الدواء الوهمي هو ظاهرة نفسية عصبية ، لها تأثير حقيقي وملموس في دماغ المريض”.

وتؤكد الأبحاث والدراسات فعالية العلاج الوهمي، وفقاً لعاملين هما ؛ (التكيف .. التوقع )، حيث ان لكل منها أثر كبير في تحسن الحالة الصحية للمريض .

ويتمثل التكيف في الجو المحيط بالمريض بداية من إرشادات الطبيب، مروراً برائحة الأدوية وأصوات الآلات، إلى الجو العام بالمستشفى كاملاً، كل هذه العوامل تعتبر محفزات بالنسبة للمريض وتؤثر فعلياً في تحسن حالته الصحية.

بالإضافة إلى توقع المريض وإعتقاده ان هذا الدواء سيثبت فعاليته أم لا، فعلى حسب التوقعات تأتي النتائج في أغلب الأحيان، لذلك في حالات كثيرة يشترط الشفاء من مرض ما بتحسن الحالة النفسية الناتج عن الإعتقاد والتوقع الذي يسكن العقل الباطن للمريض، فإذا كانت أفكاره سلبية ستكون النتائج سلبية أيضاً، فشعور المريض ان الدواء لن يجدي نفعاً تتسبب في تدهور حالته الصحية بالفعل، والعكس.

تجارب
وفي دراسة قام بها باحثون بمركز الدراسات الصحية في سياتل- الولايات المتحدة الامريكية- ، عن طريق معالجة أشخاص يعانون من آلام مزمنة أسفل الظهر، حيث قاموا بتصميم جهاز للوخز بالإبر استبدلوا فيه الإبر بـ “عيدان تنظيف الأسنان” والتي تقوم بعمل الإبر ولكن دون إختراق الجيد ، وذلك دون علم المرضى.

وقام الباحثون بإخضاعهم لـنوعين من العلاج ؛ الأول : الوخز بالإبر الحقيقة، الثاني : وخز بالإبر المزيفة (عيدان الاسنان) ..

والنتجية كاتنت مذهلة ؛ حيث وجد الباحثون أن كلا النوعين من وخز الإبر فعال في تخفيف الألم ، بل في نفس المستوى من الفعالية والكفاءة نفسها ، وهذا نتيجة التكافؤ بين التكيف والتوقع لدى المريض ، الذي أدى إلى استجابة جسده للعلاج الوهمي.

لم يقتصر دور العلاج الوهمى على الأمراض الجسدية فقط، بل وصل للأمراض النفسية أيضاً ، حيث يرى أطباء النفس ان البلاسيبو في الأساس “ظاهرة نفسية” لذلك يمكن إستغلالها لعلاج المرضى النفسيين.

وقد تم بالفعل تجربة فعالية العلاج الوهمي مع بعض المرضى الذين يعانون من الإكتئاب الحاد، عن طريق إعطاءهم حبوب دوائية وهمية، في حين إعطاء مرضى آخرين حبوب دوائية حقيقية، فكانت النتيجة تحسن المجموعتين بنفس المستوى.

وأخيراً؛
ان العلاج الوهمي يستخدم منذ قديم الأزل ، قبل تقنيات الطب الحديث وآلياته، حيث كان يمارس بأشكال وطرق بدائية مختلفة، كالخلطات العشبية، او العلاج بالنار لطرد الأرواح الشريرة من جسد المريض، والكثير الكثير من الخرافات التي لم تثبت فعاليتها ولم تساعد في شفاء المرضى آنذاك لصحتها ، بل لقوة إعتقادهم وتوقعهم الشفاء.