تمكن علماء هولنديون من التوصل إلى دواء فعال يمكن أن يكون بديلاً للمضادات الحيوية التي يتراجع مفعولها بشكل متزايد بسبب المخاطر الصحية التي تسببها.
وبحسب التجارب الأولية، فقد أظهر العقار الجديد قدرة كبيرة وفعالية عالية على القضاء على البكتيريا والجراثيم، فيما يقول العلماء إنه من غير المرجح أن تتمكن الجراثيم والبكتيريا والالتهابات من مقاومة العلاج الجديد.
ويتوفر العلاج الهولندي الجديد على شكل مرهم يتم دهنه على البشرة، على أن العلماء يعملون من أجل توفيره في شكل حبوب أو لقاحات يتم حقنها في الدم ليعوض المضادات الحيوية التي اصبحت تدريجيا عديمة الجدوى.
وأظهرت دراسة قديمة نشرت نتائجها في مجلة "بريتش ميديكال جورنال" البريطانية أن المضاد كلاريثروميسين الحيوي الذي يوصف بشكل كبير لمعالجة التهابات جرثومية شائعة، مثل التهاب اللوزتين أو التهاب الشعب الهوائية يمكن أن يزيد خطر الوفاة بأمراض القلب وانسداد الشرايين.
واظهرت دراسة اخرى أن إعطاء مضادات حيوية للأطفال دون سن الثانية يزيد خطر الإصابة بالبدانة خلال مرحلة الطفولة، ونبهت من خطر أكبر على الأطفال الذين يتناولون جرعات كبيرة منها.
وقال تشارلز بايلي من مستشفى الأطفال في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، المشرف الرئيسي على الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة "جورنال اوف ذي اميركان اسوسييشن" نظرا الى أن البدانة تنجم عن أسباب متعددة، تقليص انتشارها يعتمد على تحديد كل عوامل الخطر والسيطرة عليها".
وأضاف "نتائج دراستنا تدعو إلى الاعتقاد بأن بعض استخدامات المضادات الحيوية قبل سن 24 شهرا يمكن أن تكون من بين هذه العوامل".
وحذر عالم متخصص في علم وصف الادوية من احتمال وفاة آلاف المصابين بأمراض عادية قابلة للعلاج وذلك نتيجة أزمة ستسببها المضادات الحيوية في المستقبل القريب.
وتوقع الاستاذ البارز هوج ماك جافوك أن تصبح المضادات الحيوية بلا جدوى خلال أقل من 12 عاما. وألقى باللائمة على إفراط الاطباء في وصف المضادات الحيوية للعلاج مما يجعل كثيرا منها غير ذي جدوى ويشكل "كارثة وشيكة".
وقال لمحطة (راديو فايف لايف) الاذاعية البريطانية إن كثرة وصفات العلاج التي ينصح بها الاطباء والصيادلة طوال السنوات الخمسين الماضية مكنت البكتيريا من اكتساب مقاومة للادوية وجعلت مضادات حيوية كثيرة غير ذات جدوى.
وقال ماك جافوك الاستاذ بجامعة ألستر والمتخصص في علم وصف الادوية إن الازمة ستكون بحجم أزمة مرض الايدز. وتوقع أن يصبح جسم الانسان مقاوما للمضادات الحيوية بحلول عام 2015 وتوقع أيضا أنه يتعين التوقف عن إجراء جراحات كثيرة تحتاج إلى استخدام المضادات الحيوية أثنائها.
وقال إن أنواعا جديدة من المضادات الحيوية يجري تطويرها بحيث يصعب على البكتريا أن تصبح محصنة ضدها. وهي تعمل بنفس الطريقة التي اعتاد الجسم عملها لتخليص نفسه من العدوى البكتيرية.
ويأتي الاكتشاف الطبي الجديد في الوقت الذي بدأت فيه المضادات الحيوية التقليدية تفقد مفعولها تدريجياً في مقاومة الأمراض التي تتطور بفعل تطور البكتيريا والجراثيم والفيروسات والالتهابات، فيما تقول الإحصاءات الطبية في بريطانيا – على سبيل المثال – إن أكثر من 5 آلاف شخص يفقدون حياتهم سنوياً، بسبب فشل المضادات الحيوية في أن تؤدي الدور المطلوب منها بفعالية.
وقال مارك أوفرهاوس، الرئيس التنفيذي لشركة (Micreos) الهولندية التي تمكنت من ابتكار العقار الجديد: "إننا ندخل عصراً جديداً في الكفاح ضد البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية"، مشيراً إلى أن "ملايين البشر في العالم سوف يستفيدون من الاكتشاف الجديد"، وأضاف: "إنه أمر مثير جداً ويثلج الصدور".
ووفقاً للشركة المنتجة، فإن العلاج الجديد مستوحى من فيروسات طبيعية تهاجم البكتيريا عبر أنزيمات يطلق عليها اسم (Endolysins).
وذكر الطبيب بجورن هيربرز، الذي قام بتجربة العلاج الجديد، أن "الأنزيمات المستخدمة في الدواء الجديد موجودة في الطبيعة، حيث تم فقط إنتاج نسخة معدلة منها، بما يجعلها ذات قوة أكبر في مواجهة البكتيريا والقضاء عليها"، مضيفاً: "إنها جزيء جديد مصمم من فتات موجود في الطبيعة أصلاً".