نجومية الشِير.. وّهم أم واقع يجب التعايش معه؟
ربما تحولت لنكتة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، لكنها كارثة بكل المقاييس.. كارثة تؤكد أن “السوشيال ميديا” باتت لغة العصر الوهمية التي تمنح المنشطات الإليكترونية لأنصاف المواهب، فلم يعد هناك غني أو فقير، ولا فنان موهوب أو موهوم، بل أصبح السؤال عندك كام “فلورز”، على صفحاتك، ومن هنا يبدأ العد التنازلي للموهبة والاجتهاد والعلم وكل ما قد كان هما لأجيال كثيرة يسعون لتحقيقه.
مثال بسيط.. ممثلة أو ممثل مغمور يستطيع اليوم فرض رأيه واختيار طريقه حروبه بجمهور مدفوع مقدمًا للايك والشير على صفحاته، التي اجتهد طويلا لتضخيمها بفيديوهات وصور وكوميكسات وربما آراء ليست من مبادئه، أو حتى يمكنه أن يفهمها يوما لأنها من صنع مسؤول السوشيال ميديا عن النجم الذي يعده بالملايين من الجمهور، لكنه لا يخبره حقيقة أن هذا الجمهور لن يكون معه إلا في العالم الافتراضي، ويختفي فجأة من السينمات والمسارح لأن حقيقتهم أنهم مجرد صور وأرقام وإعلانات مدفوعة مقدما لتضخيم صفحات النجمة على السوشيال ميديا.
ثانيا.. برامج لا تمت للفكاهة بصلة ولم تعرف يومًا طعم النجاح، وهم كثير ممن انتشروا مؤخرا على قنوات اليوتيوب المختلفة وفي النهاية الحكم لم يعد بالجودة ولا المضمون لأنه ببساطة هناك نسب مشاهدة سواء مدفوعة أو مفبركة تسيطر على قواعد النجاح التي تم اختصارها في عبارة انسي كل الذي تعلمته في الكليات والجامعات، وبادر بافتعال التفاهة وسوف تنجح وتتخطي كل التوقعات.
ثالثا.. آراء سياسية ومدونات معارضة أو “تطبيلية” تسيطر على عقول البعض دون أدنى رقابة، والسر يكمن غالبا في اللايك والشير، الذي تحول لهدف نبيل وحرب قادرة على وأد كل ما هو واقعي ومفهوم ومتميز في الحياة.
رابعا.. مواقع ومجلات وصحف وقنوات تسمو وتتلالأ في سماء العالم الافتراضي، ولا تجرؤ يوما على سؤال يخص نطاق توزيعها أو عدد قراءها ومشاهديها، لأن الأرقام الظاهرة على صفحات السوشيال الخاصة بها توكد أن تلك الأدوات الإعلامية تتخطى في انتشارها موضة البنطلون الشارلستون في زمانه.
خامسا.. المستقبل لم يعد مفهوما مثلما كان منذ سنوات ولم يعد هناك مجال كافٍ لصناع أفلام الخيال العلمي للتوقعات، مثلما فعلوا في الماضي، لأنهم مهما حاولوا تخيل القادم سوف يكتشفون أن ما يحدث اليوم يحطم كل هذه الخيالات بكل بساطة وهدوء.
ربما تستطيع اليوم تقسيم النجوم بسهولة إلى موهوبين يجلسون في البيت أو مشاهير على السوشيال ميديا، لتكتشف أسماء وأرقام خيالية ومطالب لا يطلبها عمرو دياب أو حتى عادل إمام نفسه، والمثير أنك عندما تلتقي مع نجم السوشيال في الواقع الذي نعرفه سوف تكتشف أنه يقابلك أو تقابلك دون “فلاتر” التجميل الافتراضي وأنه لا يصلح لشيء سوى كعروسة خشب تعرضها على المنصات الافتراضية، فقط ورغم ذلك يحكمك السوق لاستغلال هؤلاء للدعاية والفن والغناء لتكتمل “الاشتغالة” وتزيد اللايكات والشير ويسقط الفن.
كام شير وتاخد آي فون؟ كام شير وتبقي نجم الجيل؟ كام شير وتكسر الدنيا ببرنامجك؟ ويتبقى السؤال الأهم.. كام شير وتدخل كلية الطب؟