معاناة مسلمي الإيغور.. القصة كاملة
وتقوم حكومة الصين في الآونة الأخيرة بإبادات عرقية ودينية، من خلال معسكرات اعتقال جماعي تزعم بأنها “مخيمات إعادة التأهيل”، وفق خطط مدروسة وممنهجة تسعى للتحكم بالحياة الفردية والاجتماعية والدينية بشكل خاص، مع إجبارهم على الامتثال للتقاليد الصينية الشيوعية! وهي تشبه في الحقيقة سجوناً تسلب كل أنواع الحرية، وأبسط الحقوق الإنسانية.
وراء كل إيغوري قصة معاناة
أبناء الجالية الإيغورية ومنهم عبد الرحيم، -القابع في سيدني، هرباً من القمع والبطش والاعتقال الذي يمارسه الحزب الشيوعي الصيني على أقلية الإيغور المسلمة – يروي لـ أخبار الآن في مقابلة حصرية مأساته. وكيف غيبت السلطات الصينية عائلته؟
كشف عبد الرحيم عن حجم المعاناة التي تواجهها هذه الأقلية المسلمة بفعل إجراءات السلطات الصينية الأخيرة، وقال إنها تهدف إلى إحداث تغيير جوهري، ومحو ثقافي وعرقي، في أوساط هذه الأقلية التي تتمركز في إقليم شينجيانغ شمال غرب الصين.
تبدأ القصة عندما بدأت حملة القمع ضد الإيغور في 2017. كان عبد الرحيم يدرس درجة الدكتوراه في ماليزيا، وكانت عائلته معه تعيش معه خلال فترة دراسته ما بين عامي 2012 إلى أواخر 2015.
معاناة الإيغور جواز سفر إلى الجحيم
يقول عبد الرحيم ” ضاع جواز سفر زوجتي في ماليزيا، لم نستطع استبداله في السفارة الصينية هناك”. وأن السلطات المحلية في مدينة”كاشغر” إحدى أشهر مدن تركستان الشرقية قد أبلغتهم أنْ يرجعوا إلى المدينة ليتم إصداره هناك. ولذلك اضطرت عائلته للسفر من ماليزيا ولم يتصوروا أن تصل الأوضاع لهذا السوء الذي حلَّ بهم جراء تعامل السلطات الصينية.
وتوقع الإيغوري عبد الرحيم، أن يجتمع مع عائلته مجدداً بعد استبدال جواز سفر زوجته، ولكن حدث نقيض ذلك!! بدأت الاعتقالات الجماعية، حيث كانت زوجته من أوائل المُعتَقلِين. وفي ذلك الوقت، قالت السلطات الصينية، إن زوجته ذاهبةٌ لدراسة برنامج دراسي، ظناً منهم أنه برنامج دراسي سياسي لوقت وجيز لمدة أقلها ثلاثة أشهر وأقصاها ستة.
عائلات فرقتها السلطات الصينية
ويضيف عبد الرحيم، أنَّ اعتقال زوجته استمر حتى شهر مايو 2019، وفي تلك الفترة لم يكن هناك أي تواصل مع عائلته أو أولاده وأن والدته أخبرته في آخر مكالمة هاتفية بينهما في شهر مايو 2017، أن زوجته لا تستطيع الاتصال بهم لأنهم سيقعون في مشاكل بسبب هذا. لتكون بذلك قد قضت في السجن سنتين.
وفي منتصف 2019، تلقى عبد الرحيم مقطع فيديو التقطه أحد معارفه الذي زار مدينة “كاشغر ” وأرسله له. حيث يظهر في المقطع المصور ابنه سعيداً قائلاً: إن أمه تخرجت وأنهت مدة دراستها. وبناءً على هذه العبارة، كان عبد الرحيم يعلم بأنّ كلمة “تخرجت” تعني: أن السلطات الصينية قامت بالإفراج عنها، وهنا افترض بأنه تم إطلاق سراحها.
وفي أواخر 2019، يقول إنه تلقى خلال 3 أشهر رسالة مشفرة من 3 أشخاص مختلفين مفادها، أنه تم اعتقال زوجته مجدداً. ومن المحتمل، بأنها تلقت حكماً بالسجن لمدة 5 سنوات. لأن المصدر الذي كتبها قال له: إن زوجته عمرها خمس سنوات، إذ أن هذه العبارة تعني فترة بقائها في السجن أو في معسكرات الاعتقال التي يقوم بها الحزب الشيوعي الصيني.
It is beyond words that #China continues unabated its mass atrocities against #Uyghurs and other Muslims for the past nearly four years.
I testify once again for my wife Muherrem who has been detained in concentration camps since April 2017 and demand @MFA_China to release her. pic.twitter.com/OFufNmcOqo
— Mamutjan Abdurehim (@MamutjanAB) December 4, 2020
لماذا تقمع الحكومة الصينية أقلية الإيغور المسلمة؟
وحول الأسباب التي تدفع السلطات الصينية إلى قمع الإيغور، يوضح عبد الرحيم، أن الاضطهاد العرقي الذي تعرضوا له قبل عام 2017 لم يكن شيئا. إذ أنه بعد تلك الفترة، تم تطبيق الاعتقالات الجماعية تنفيذاً لأوامر الرئيس الصيني شي جين بينغ. وبالنسبة له، السبب في ذلك، هو طريقة إدارة الرئيس الصيني شي جين بينغ للصين، حيث لديه حب السيطرة على سكان الإيغور وأرضهم والصين بأجمعها وقمعهم أيضاً إذا ما استلزم ذلك. وقد أصبح ذلك واضحاً بعد أن تسلّم زمام السلطة.
وسيلة الإيغور لإيصال معاناتهم للعالم
بدأ الشباب الإيغوريون الناشطون حملتهم للفت انتباه العالم لمعاناتهم، ويشرح عبد الرحيم، أن جُلَّ ما يحاول فعله هو إيصال رسالته للسلطات بشكل متواصل من خلال نشر شهادات على تويتر وعن طريق برنامج “نبض الإيغور أونلاين”، والتحدث مع الإعلام الرقمي أو الإعلاميين، لأنه لم يتم الرد على رسائله الخاصة والإيميلات التي قام بإرسالها للبعثات الصينية المتواجدة في أستراليا ووزارة الخارجية في بكين.
https://www.akhbaralaan.net/news/world/2019/08/08/%d8%ad%d9%85%d9%84%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d9%81%d9%8a%d8%b3%d8%a8%d9%88%d9%83-%d8%b6%d8%af-%d8%aa%d8%b1%d8%ad%d9%8a%d9%84-%d9%86%d8%a7%d8%b4%d8%b7-%d8%a5%d9%8a%d8%ba%d9%88%d8%b1%d9%8a
ولأن السلطات الصينية بارعة في اضطهاد الأقليات المسلمة، لا يستطيع عبد الرحيم وحاله كحال جميع الإيغوريين، المطالبة بإطلاق سراح زوجته عن طريق القنوات الرسمية للحكومة الصينية. ولذلك لم يكن لديه أي خيار آخر إلّا أنْ يدافع علناً وبشكل صريح عن عائلته بالتحدث مع الإعلام. حتى يتمكن من الاجتماع مع عائلته هنا في أستراليا، كأب وكعائلة. أبسط مطلب للإنسان أن يكون بجانب عائلته.
دور الأمم المتحدة
ولأن من يتألم لا يعرف طعم الراحة، لم يكتفِ عبد الرحيم بتلك الطرق، بل يسعى جاهداً للتواصل مع الأمم المتحدة بخصوص الاختفاءات القسرية وقد قاموا بالرد عليه من خلال تحديد مدة زمنية عن كيفية التصرف بالنيابة عنه والتحدث مع السلطات الصينية بخصوص عائلته. وهذا يحدث بروية لأن لديهم قضايا ليعالجوها كل ثلاث أشهر. كما ويحاول الاستئناف عن طريق المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة وأيضاً الدعاوى العامة التي تساعد في بعض الحالات، وهذه على الأقل الطرق التي من خلالها قد تسمع من خلالها السلطات الصينية صوته يوماً ما.
برنامج دفن واعتقال جماعي ممنهج
ويصف عبد الرحيم الوضع الذي يعيشه الإيغور تحت حكم الحزب الشيوعي الصيني وسياسة التعتيم التي يفعلها عبر منع وسائل الإعلام الدولية من الدخول ونقل المشهد في معسكرات الاعتقال، على أنه برنامج دفن واعتقال جماعي ممنهج. وأنه من الصعوبة بمكان الحصول على صور وفيديوهات للذين تم اعتقالهم، لأن المعلومات محفوظة بشكل سري خصوصاً مع تقدم تكنولوجيا المعلومات. لهذا، نحن لا نستطيع إلا التوجه إلى التعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بمنطقة الإيغور كمثال على ذلك: منصة الفيديو الصينية “دويان” التي هي نسخة عن تطبيق تيك توك. توجه بعض الناشطين الإيغوريين للعمل على هذه المنصة لتسليط الضوء على ما يحصل على الأرض لسكان المنطقة.
My latest testimony for my wife Muherrem Ablet who has been in detention since April 2017 in Kashgar.
Nobody wants "vocational training" in prison-like facilities for nearly 4 years while being brutally separated from & incommunicado with family.
These are concentration camps. pic.twitter.com/JUuIWBlhwp
— Mamutjan Abdurehim (@MamutjanAB) November 7, 2020
فن الاضطهاد لدى الحزب الشيوعي الصيني
بحسب عبد الرحيم، يتم إجبار الإيغوريين على الرقص في الأماكن العامة والسياحية في الكثير من الفيديوهات الدعائية الصادرة عن السلطات الصينية، حتى يصورها السياح ويأخذوا صوراً لها، لتصبح جزءاً من الحملات الدعائية الكبرى لتصوير المنطقة كمكان سعيد وتصوير الإيغور على أنهم أشخاص طبيعيين من خلال الرقص. وهذه عقبة قوية لعدم حصول الناس في الخارج على معلومات كثيرة. لذا ما نستطيع فعله كضحايا أو إيغور يعيشون في الخارج هو التصرف بما لدينا من أشياء قليلة حصلنا عليها.
ويكشف عبد الرحيم، أن هدف الاعتقال الجماعي هو إخضاع الإيغور وتلقينهم ليكونو أعضاء مخلصين وخاضعين للحكومه الصينية. كانت هناك تقارير لدى الضحايا الأوائل الهاربين من معسكرات الاعتقال والذين استطاعوا الخروج من الصين والذين تحدثوا عن تجاربهم الرهيبة للإعلام والذين من خلالهم عرفنا ما يحصل للسجناء الإيغوريين من خلال هذه التقارير ومن خلال شهاداتهم.
بالطبع هناك عدة حوادث عن فيديوهات نادرة لمعسكرات الاعتقال والمناطق الداخلية تم تسريبها عن طريق إعلام خارجي، وعن طريق ذلك علمنا ما يحصل. الشيء الأسوأ الذين يتعرضون له هو التلقين القسري وإجبار الناس على رفض معتقداتهم الدينية وقيمهم الثقافية، وأنْ يتعهدوا بالولاء للحزب الصيني الشيوعي.
طبعاً العديد من تقارير السجناء الذين فروا كشفنا من خلالها التعذيب خلال الاستجوابات بحيث أنّهم إذا أحسوا بتصرف يثبت المقاومة أو عدم التعاون يقابل ذلك بالتعذيب. هنالك أيضا العديد من التقارير التي تفيد بمقتل الأشخاص إما عن طريق مضاعفات صحية في حالات كبار السن أو عن طريق التعذيب. توفي أيضا بعض الشباب في معسكرات الاعتقال خلال الاستجواب والتعذيب. إذاً معسكرات الاعتقال هناك عدة أنواع كما صرح الخبراء. فمنها الشديد والمروع، كانت تنتج حوادث موت وتعذيب مأساوية. لقد رأينا فيديوهات لأولئك الذين خرجوا من المخيمات وهم في وضع صحي سيء، وقد خسروا الكثير من وزنهم نتيجة الجوع في الداخل. هكذا يبدو الأمر …
لا تنتهي معاناة الإيغوري عند اعتقاله، إذاً، نجحت الحكومة الصينية في فرض سيطرتها على الإيغوريين من خلال قمعهم واضطهادهم، فبات الإيغوريون يفضلون الموت على أسرة المرض، على الوقوع بين أيدي السلطات الصينية.