الكرة الأرضية قرية كونية صغيرة تتحكم بفضائها شبكات وأنظمة، أرستها ثورة تكنولوجية عظيمة، ليتحوّل العالم إلى عالم أرقام وشيفرات، يصعب في غالب الأحيان فكّها، لكنّ الإختراق ممكن ووارد في أيّ لحظة حالما توفرت الأسباب لذلك، بغضّ النظر عن نوع التواصل أو وسيلة الاتصال، أو حتّى مكان تواجد المستخدمين.
كيف لا، وأنظمة الشبكات هي قلب نظام الاتصالات السلكية واللاسلكية وعقلها بالنسبة إلى الأمم، فأين تكمن الخطورة؟ التجسس، عنوان ليس جديداً، لكنّه على ما يبدو سيكون سلاحاً قوياً في هذه المرحلة، كون خطورته تتعاظم مع الوقت.
يهمين على عالم الاتصالات العمالقة فيه، منهم: Ericsson – Samsung Huawei- Nokia – ZTE – Cisco – Aruba – EMC، ودائماً ما كانت الصين العامل المنغّص الأبرز في هذا المجال، إذ ابدت دول عديدة مخاوف كبيرة بشأن استخدام أنظمة الاتصالات الصينية في الأجزاء الأساسية، الأكثر حساسية لشبكات الاتصالات، لا سيما مع طرح خدمات الجيل الخامس الـ 5G.
تخوف يتصاعد وحظر معدات الاتصالات الصينية
استراليا، اليابان، الولايات المتحدة وتايوان، دول حظرت أنظمة الشبكات الصينية من شبكات الجيل الخامس الـ5G الخاصة بها، وكذلك فعلت كلّ من بريطانيا والسويد في أوروبا، التي تميل معظم دولها ومعهم كندا، إلى تطبيق قيود في هذا الإطار. أمّا فرنسا التي لا تفرض حظراً، فهي لن تستخدم المعدات الصينية، فيما تعمل الهند على إزالة المعدات الصينية من شبكاتها. فهذه الدول تخشى من إمكانية استخدام معدات الشبكات الصينية، في سياق التجسس على شبكات اتصالاتها الوطنية، ما يسهّل عملية سرقة أسرارها التجارية، ويهدّد أمنها القومي.
شركات صينية تتجسس صناعياً!
مع طرح خدمات الجيل الخامس 5G، ارتفعت وتيرة المخاطر، خصوصاً أنّ الـ5G تعتمد على البرامج بشكل أكبر، وعلى الأجهزة بشكل أقل، وهنا تصبح الشفافية في خانات متأخرة. بالطبع ثمّة مخاطر مماثلة لأنظمة شبكات تابعة لبلدان أخرى، إنّما بشكل جزئي، لكن الحالة الصينية تبقى فريدة من نوعها.
بعض هذه الشركات الصينية عرض توقيع وعود بعدم التجسس على الشبكات الوطنية، لكن شعور الدول بالقلق بشأن أنظمة الشبكات الصينية، لم يتوقف فيما تجد الصين نفسها غير قادرة على إقناع منتقديها بسب نظامها المغلق وتجارتها غير المشروعة بما في ذلك التجسس الصناعي.
الصين تعرّض العالم للخطر..
عوامل عديدة منها الضغط السياسي والخوف، تجعل الأنظمة الصينية ضعيفة ومعرّضة للقرصنة، وليس من الصعب أن تصبح أهدافاً مباشرة لوحدات التسلل، لا سيما تلك التابعة للحرس الثوري الإيراني. وهنا يصبح المشهد أكثر تعقيداً، باعتبار أنّ كلّ دولة تستخدم المعدات الصينية، تخاطر أيضاً بشركائها الرئيسيين.
علاقة الصين وإيران تعود إذاً بمخاطرَ جمّة على منطقة الشرق الأوسط، التي عانت كثيراً جرّاء عدوانية الحرس الثوري الإيراني. معدّات صينية وكذلك جهود تكنولوجية، في خدمة طرف المعادلة الآخر، إيران، التي يسعى حرسها الثوري إلى تنفيذ مخططاته ومآربه، من خلال التجسس على الدول عبر قناة الصين وشبكات الإتصالات، وبذلك تعبّد المعدات الصينية الطريق أمام الحرس الثوري الإيراني، للدخول إلى باقي الأجهزة الصينية.
جناح دعم صيني لإيران قد يكون مستجداً، لكنّ خطورته لا تقل خطورة ممارسات السنوات الماضية، قد تختلف الأساليب لكنّ النتيجة واحدة، زعزعة الإستقرار.
نقاط بارزة في معركة “هواوي” الخاسرة لإقناع العملاء الرئيسيين:
-وزارة العدل الأمريكية اتهمت شركة “هواوي” في 28 يناير 2019، بالاحتيال المصرفي وسرقة الأسرار التجارية والتآمر وغسيل الأموال والاحتيال المصرفي والاحتيال الإلكتروني وانتهاك العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وعرقلة سير العدالة.
-ادعت شركة “آبل” الأمريكية أنّ شركة “هواوي” سعت للحصول على معلومات حول الأسرار التجارية لـ”آبل”. الأدلة المزعومة تأتي استناداً إلى معلومات. (المصدر: 18 فبراير 2019).
-استبعدت شركة “Telecom Italia” شركة هواوي من مناقصة معدات 5G للشبكة الأساسية التي تستعد لبنائها في البرازيل وإيطاليا. (المصدر: رويترز ، 9 يوليو 2020).
-من المقرر أن تسحب شركة الاتصالات البريطانية “BT” معدات “هواوي” من شبكة “4G” الأساسية بحلول عام 2020 لتلائم سياستها الداخلية.
-يُزعم أن “مينغ وانتشو”، المديرة المالية لشركة “هواوي” والمحتجزة في كندا، كانت قد أخبرت مسؤولًا حدوديًا كنديًا أن الشركة لديها مكتب في إيران – وهو تأكيد يحتمل أن يدعم مزاعم الولايات المتحدة بأن عملاق التكنولوجيا الصيني قد شارك في أنشطة هناك تنتهك العقوبات الأمريكية. (المصدر: بلومبرغ ، 21 أغسطس 2019).
-حذرت الصين رئيس الوزراء البريطاني “بوريس جونسون” من أن قراره بحظر شركة “هواوي” من نطاق شبكة “5G” سيكلف بريطانيا ثمناً غالياً في الاستثمار. (المصدر: رويترز ، 15 يوليو 2020).
-هددت شركة “هواوي” باتخاذ إجراء قانوني ضد جمهورية التشيك إذا لم تلغ وكالة الأمن السيبراني للدولة تحذيرًا بشأن المخاطر التي تشكلها الشركة على البنية التحتية الحيوية للدولة. (المصدر: نيويورك تايمز ، 8 فبراير 2019).
-يدرس الاتحاد الأوروبي مقترحات حظر على معدات شركة “هواوي” لشبكات المحمول من فئة جيل “5G”. (المصدر: رويترز ، 30 يناير 2019).
-رئاسة وكالة الأمن السيبراني الفرنسية “ANSSI” كشفت أنها كانت تضغط على شركات الاتصالات الفرنسية لتجنب التعامل مع شركة هواوي” الصينية. (المصدر: رويترز ، 5 يوليو 2020).
-قالت المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل”، إن ألمانيا بحاجة إلى ضمانات بأن شركة “هواوي” الصينية لن تقوم بتسليم أي بيانات إلى الحكومة الصينية أثناء بناء شبكة “5G”. (المصدر: رويترز ، 5 فبراير 2019).
-أخبرت إدارة ترامب الحكومة الألمانية أنها ستحد من مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع برلين إذا سُمح لشركة “هواوي” ببناء الجيل التالي من البنية التحتية للإنترنت المحمول في ألمانيا. (المصدر: وول ستريت جورنال ، 11 مارس 2019).
-ساعدت شركة “هواوي” سراً كوريا الشمالية في بناء وصيانة شبكتها اللاسلكية التجارية. ستثير مثل هذه الخطوة تساؤلات حول ما إذا كانت الشركة الصينية التي استخدمت التكنولوجيا الأمريكية في صناعاتها، قد انتهكت ضوابط التصدير الأمريكية لتزويد كوريا الشمالية بالمعدات. (المصدر: رويترز ، 22 يوليو 2019).
-قالت لجنة أمنية برلمانية إيطالية، إن على حكومة روما أن تنظر في منع شركات الاتصالات الصينية “هواوي” و “ZTE” من توفير تكنولوجيا “5G”. (المصدر: رويترز ، 19 ديسمبر 2019.
-“Softbank”: اختارت وحدة الاتصالات اليابانية، شركتي “نوكيا” و”آريكسون” كبائعين لشبكتها اللاسلكية من الجيل التالي 5G، مستثنية المورد القديم أي شركة “هواوي” من المشروع. المصدر: (بلومبرغ ، 29 مايو 2019).
-“Telecom Italia”: استبعدت الشركة الإيطالية، شركة “هواوي” من مناقصة لمعدات “5G” للشبكة الأساسية التي تستعد لبنائها في إيطاليا والبرازيل. (المصدر: رويترز ، 9 يوليو 2020).
-جامعة “أكسفورد”: قالت الجامعة في يناير 2018، إنها لن تقبل بعد الآن تبرعات ورعاية جديدة لتمويل الأبحاث من شركة “هواوي” الصينية. (المصدر: CNBC ، 18 يناير 2019).