بسبب أزمة تكلفة المعيشة جو من التشاؤم الاقتصادي يسود العالم
يسود جو من التشاؤم الاقتصادي المتزايد في الاقتصادات الكبرى في العالم، حيث يتسبب ارتفاع الأسعار وعدم اليقين الجيوسياسي في إلحاق الضرر بآفاق الشركات والمستهلكين.
تراجعت ثقة المستهلك والأعمال في العام الماضي بأكبر قدر خلال عقد، باستثناء الأشهر الأولى لوباء فيروس كورونا، وفقًا لبحث أجرته صحيفة فاينانشيال تايمز.
أظهر أحدث مؤشر لمعهد بروكينغز أن البيانات الاقتصادية الصعبة والمؤشرات المالية الرئيسية تنخفض أيضًا من مستويات قوية بعد Covid-19، مما يشير إلى أن الزخم في الاقتصاد العالمي يتباطأ.
يأتي انهيار الثقة مع اجتماع المسؤولين الماليين العالميين في واشنطن هذا الأسبوع لحضور الاجتماعات السنوية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. ومن المتوقع أن تنشر الهيئتان توقعات تحذر من أن الاقتصاد العالمي على وشك الانكماش.
الجروح الذاتية
قال إسوار براساد، الزميل الأول في معهد بروكينغز، إن نتائج المؤشر تعكس “سلسلة من الجروح الذاتية” من قبل الشركات والحكومات.
وقال إن هذه تراوحت بين اختناقات سلسلة التوريد والاستجابات السياسية الضعيفة في مواجهة التضخم المرتفع إلى سياسة الصين الخاصة بعدم انتشار كوفيد، والتهور المالي في بلدان مثل المملكة المتحدة.
وقال براساد: “زخم النمو، وكذلك مؤشرات الثقة والأسواق المالية، تدهورت بشكل ملحوظ في جميع أنحاء العالم في الأشهر الأخيرة”.
تراجع الثقة
يقارن مؤشر تتبع Brookings-FT للتعافي الاقتصادي العالمي (Tiger) مؤشرات النشاط الحقيقي والأسواق المالية والثقة مع متوسطاتها التاريخية، لكل من الاقتصاد العالمي والبلدان الفردية.
تراجعت مؤشرات الثقة بشكل حاد وهي في أدنى مستوياتها على الإطلاق منذ أن بدأ المؤشر قبل أكثر من عقد في دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين.
وفي الاقتصادات الناشئة، الأكثر تعرضاً لارتفاع أسعار الغذاء والطاقة، تراجعت الثقة بشكل أكثر حدة.
الهند هي الاقتصاد الكبير الوحيد في العالم الذي يوصف بأنه “نقطة مضيئة”، مع وجود مؤشرات قوية تشير إلى نمو قوي هذا العام والعام المقبل.
الانهيار التام
تكافح بقية الاقتصادات الرئيسية في العالم مع المشكلات الاقتصادية المتصاعدة وفقًا لكل من البيانات الصعبة والمقاييس الأكثر ليونة مثل مؤشرات الثقة.
وقال براساد: “العديد من البلدان بالفعل على وشك الانهيار التام وسط حالة من عدم اليقين المتزايدة والمخاطر المتزايدة”.
قال براساد: “لم تعد الحكومات والبنوك المركزية تتمتع برفاهية التحفيز المالي والنقدي غير المقيد لتحقيق الاستقرار في النمو وتعويض الصدمات المعاكسة”، مضيفًا أنه يتعين على الحكومات تجنب السياسات الشعبوية غير المفيدة مثل الحزم غير الموجهة بشكل جيد لمواجهة تأثير ارتفاع أسعار الطاقة.
على الرغم من التوقعات المتدهورة، يعتقد العديد من الاقتصاديين أنه من غير المرجح أن تقوم وزارات المالية والبنوك المركزية بعكس استراتيجياتها.
انتقادات للدول الكبرى
تتعرض الولايات المتحدة لضغوط من دول أخرى لتهدئة ارتفاع الدولار، الذي يغذي التضخم في أجزاء أخرى من العالم، بينما يتعين على الصين أن تقرر ما إذا كانت ستقلص من سياسة انعدام كوفيد.
تعرضت ألمانيا لانتقادات من قبل الاقتصاديين بسبب حجم دعمها المالي لمستخدمي الطاقة المحليين، والمملكة المتحدة بسبب التخفيضات الضريبية غير الممولة في وقت ارتفاع التضخم.
أدى الاضطراب الأخير في الأسواق المالية البريطانية وصناديق التقاعد إلى إثارة قلق المستثمرين بشأن الاستقرار المالي للنظام العالمي مع ارتفاع أسعار الفائدة.
حذر بعض المحللين من أن التشديد المتزامن للسياسة النقدية من قبل العديد من البنوك المركزية الكبرى يمكن أن ينتج عنه انكماش عالمي عميق وطويل الأمد دون داع.