عدل البنك الدولي توقعاته لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بالخفض إلى 2.8%، مقارنة بـ 8.1% العام الماضي، ومن توقعه في أبريل ما بين 4 و5% لهذا العام.
كانت الصين قد حددت هدف الناتج المحلي الإجمالي بنحو 5.5% هذا العام، وهو أدنى مستوى خلال ثلاثة عقود، لكن الأوضاع تدهورت بشكل ملحوظ خلال الأشهر الستة الماضية.
في الوقت نفسه، تحسنت التوقعات بالنسبة لبقية شرق آسيا والمحيط الهادئ، حيث من المتوقع أن تنمو المنطقة، باستثناء الصين، بنسبة 5.3% في عام 2022، ارتفاعا من 2.6% العام الماضي، وذلك بفضل ارتفاع أسعار السلع الأساسية وانتعاش الاستهلاك المحلي بعد وباء فيروس كورونا.
التراجع الصيني
يقول أديتيا ماتو، كبير الاقتصاديين بالبنك الدولي شرق آسيا والمحيط الهادئ، في تصريحات لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن “الصين، التي كانت تقود التعافي من الوباء، وتجاهلت إلى حد كبير متحور دلتا، تدفع الآن التكلفة الاقتصادية لاحتواء المرض في أكثر مظاهره المعدية”.
أدت سياسة شي الخاصة بقمع تفشي فيروس كورونا من خلال عمليات الإغلاق المفاجئ والاختبارات الجماعية إلى تقييد التنقل واستنزاف نشاط المستهلك تمامًا، كما يعاني قطاع العقارات في الصين – الذي يمثل حوالي 30% من النشاط الاقتصادي – من انهيار تاريخي.
توقع العديد من الاقتصاديين والمحللين أن تزيد بكين بشكل كبير من إجراءات التحفيز استجابة للنمو الاقتصادي الضعيف، وتسريع إجراءات التيسير لتعزيز الاستهلاك والمساعدة في وقف تراجع سوق الإسكان.
ومع ذلك، قال ماتو إنه في حين أن الصين لديها “ذخيرة هائلة لتوفير حافز قوي”، يبدو أن بكين قد خلصت إلى أن التحفيز المالي سوف “يضعف” من خلال قيود صفر كوفيد.
توقعات قاتمة
تأتي أحدث توقعات البنك الدولي في أعقاب توقعات العديد من المؤسسات المالية، من بينها جولدمان ساكس ونومورا، والتي خفضت توقعاتها للنمو الصيني للعام المقبل.
ترتكز التوقعات القاتمة على أن الرئيس الصيني سيطيل أمد سياسة عدم انتشار فيروس كورونا إلى ما بعد عام 2022.
تأتي البيانات على خلفية مخاوف أوسع نطاقا من أن شي – الذي من المقرر أن يُختار لزعامة الحزب الشيوعي الصيني لعهدة ثالثة الشهر المقبل – يقضي على الديناميكية الاقتصادية التي بدأت في عهد الإصلاح لدنغ شياو بينغ.
التباطؤ العقاري
أعرب البنك الدولي عن قلقه من أن التباطؤ العقاري يمثل مشكلة “هيكلية” عميقة في الصين.
ونصح البنك الدولي الصينيين بأنهم إذا أرادوا تقليل المخاطر الفورية للعدوى من “اضطراب” قطاع العقارات، فإن عليهم توفير المزيد من دعم السيولة للمطورين المتعثرين والضمانات المالية لإنجاز المشروع.
كما نصح بكين بضرورة القيام بإصلاحات مالية لمنح الحكومات المحلية مصادر إيرادات تتجاوز مبيعات الأراضي، بما في ذلك ضريبة الأملاك.
اقتصادات آسيا
على النقيض من الوضع في الصين، من المتوقع أن تنمو الاقتصادات في شرق آسيا والمحيط الهادئ، لا سيما الاقتصادات القائمة على التصدير في جنوب شرق آسيا، بشكل أسرع وأن يكون معدل التضخم بنهاية عام 2022.
في إندونيسيا وتايلاند وماليزيا، ساعد دعم الوقود الحكومي في إبقاء التضخم منخفضًا وفقًا للمعايير العالمية، كما ارتفع الاستهلاك المحلي مع تخلي المنطقة عن عمليات الإغلاق والنهج الأكثر صرامة لإدارة الوباء.
في الوقت نفسه، أدى ارتفاع أسعار السلع الأساسية الذي أحدثته أزمة الطاقة العالمية إلى تعزيز اقتصادات المنطقة المعتمدة على التصدير.
كشفت إندونيسيا، وهي مصدر كبير للفحم، الأسبوع الماضي أن الصادرات حققت رقما قياسيا بلغ 27.9 مليار دولار في أغسطس.
كما بدأت بعض البنوك المركزية، بما في ذلك في إندونيسيا وفيتنام والفلبين، في رفع أسعار الفائدة.
ومع ذلك، حذر البنك من أن بعض الإجراءات مثل دعم المواد الغذائية والوقود قد تصبح عبئًا على النمو بحلول نهاية العام. ووفقًا للتقرير، فإن ضوابط الأسعار تشوه السوق وتزيد الدين العام.